+ A
A -
كرم الحليوي
قال سعادة السفير تشو جيان، سفير جمهورية الصين الشعبية لدى الدوحة، إن هناك توافقا كبيرا في الرؤى بين الصين وقطر حول العديد من القضايا الدولية والإقليمية، وهو ما أكده خطابا فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ وحضرة صاحب الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى أمام الدورة الـ «75» للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث اجتمع قادة الدول للاحتفال عن بعد بالذكرى 75 لإنشاء الأمم المتحدة، بما في ذلك الرئيس الصيني وصاحب السمو، وذلك لإرسال رسالة قوية لدعم النظام الدولي المتمركز حول الأمم المتحدة والالتزام بالتعددية. وعلى وجه الخصوص، قدمت قطر مساهمات استباقية في اعتماد الإعلان والحفاظ على التعددية والوحدة لمواجهة التحديات العالمية، والصين تقدر تقديرا عاليا جهود قطر كرئيسة للمفاوضات بشأن «إعلان الاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين للأمم المتحدة».
وأضاف السفير الصيني أن العالم اليوم يشهد تغيرات جذرية وعميقة، فقد أدت جائحة كورونا إلى تسريع وتيرة التغييرات الرئيسية غير المرئية خلال قرن من الزمان، مع دخول الاقتصاد العالمي إلى ركود عميق، وظهور قضايا ساخنة باستمرار، وتزايد التهديدات غير التقليدية مثل تغير المناخ والأمن السيبراني، وقد تضرر نظام الحكم العالمي والآليات المتعددة الأطراف من جراء الأعمال الانفرادية، ودخل العالم فترة من الاضطراب. لقد وصلت الحضارة الإنسانية مرة أخرى إلى مفترق طرق حول خيارات: الأحادية أم التعددية؟ الهيمنة والتنمر أم الإنصاف والعدالة؟ تشويه النظام الدولي أم الدفاع عن دور الأمم المتحدة؟ هل يعزل المرء نفسه بسياسة «بلدي أولاً»، أو يسعى إلى التعاون المربح للجانبين بعقل منفتح وشامل؟ ما الخيار الذي سيتخذه العالم ليحدد مستقبل البشرية ومصيرها؟ يسعدنا أن نرى أن معظم البلدان، بما في ذلك الصين وقطر، وقد أعطت إجابات عالية وحازمة على الأسئلة المذكورة أعلاه، وأنه يجب علينا القيام بالدور المركزي للأمم المتحدة في الشؤون الدولية، ودعم التعددية، ومعارضة الأحادية والهيمنة، وهذا يعكس بشكل كامل توافق آراء المجتمع الدولي والرغبات المشتركة للناس في جميع أنحاء العالم.
آراء مشتركة
وقال سعادة السفير تشو جيان: لقد درست خطابي الرئيس شي جين بينغ وصاحب السمو أمام الأمم المتحدة، وما أثار إعجابي أكثر هو أن قائدي البلدين لديهما الكثير من الآراء المشتركة فيما يتعلق بالقضايا الدولية والإقليمية، حيث تدافع كل من الصين وقطر عن المستقبل المشترك للبشرية، كما يدعم البلدان مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وتأييد التعددية، ويتفقان على حتمية التسوية السلمية للنزاعات من خلال الحوار، فضلا عن دعم التنمية المستدامة، وضرورة التعاون الدولي في الاستجابة للوباء، مشيرا إلى أن الإجماع الواسع لقائدي البلدين يظهر بشكل كامل أن الصين وقطر تقفان إلى جانب غالبية المجتمع الدولي، وتقفان بنزاهة وعدالة على الساحة الدولية، وقد مهدت هذه الأرضية المشتركة أساسًا متينًا لشراكتنا الاستراتيجية ووفرت آفاقًا واسعة للصين وقطر لتعزيز التعاون الدولي والإقليمي.
وأكد سعادة السفير تشو جيان أن الصين مستعدة للعمل مع قطر لإفساح المجال كاملا للدور الهام للأمم المتحدة ومجلس الأمن في إنهاء الحروب وتعزيز السلام. ما يتعين علينا القيام به هو التخلي عن عقلية الحرب الباردة، وحل الصراع من خلال الحوار، واستبدال التهديدات بالتشاور، والدخول في لعبة محصلتها صفر من أجل التعاون المربح للجانبين. نحن بحاجة إلى السعي وراء المصالح المشتركة للجميع، حيث يعمل كل منا لحماية مصالحنا الخاصة. نحن بحاجة إلى زيادة توسيع مصالحنا المشتركة وبناء أسرة عالمية كبيرة من الانسجام والتعاون، مشددا على أن الصين ستواصل تعزيز السلام العالمي.
التنمية المستدامة
وأضاف السفير الصيني: نحن على استعداد للعمل مع قطر لمتابعة التنمية المفتوحة الشاملة، والبقاء ملتزمين باقتصاد عالمي مفتوح، ودعم آليات التجارة متعددة الأطراف مع منظمة التجارة العالمية باعتبارها حجر الزاوية. يجب أن نقول لا للنزعة الأحادية والحمائية، وأن نعمل على ضمان الأداء المستقر والسلس لسلاسل الصناعة والتوريد العالمية، وسنعمل مع قطر لضمان تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030 لمساعدة البلدان النامية على التخفيف من تأثير الوباء وتعزيز الحد من الفقر. تدعو الصين جميع الدول إلى متابعة التنمية المبتكرة والمنسقة والخضراء والمفتوحة للجميع، لتحقيق «الانتعاش الأخضر» للاقتصاد العالمي في حقبة ما بعد الوباء، وخلق قوة دافعة قوية للتنمية المستدامة.
وتابع: ستواصل الصين دورها كمدافع عن النظام الدولي، فالصين عضو مؤسس للأمم المتحدة وأول دولة توقع ميثاق الأمم المتحدة، قطر أيضا مؤيد قوي لميثاق الأمم المتحدة. سنقف إلى جانب قطر في مواجهة التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ومعارضة السلوكيات التي تعيق إضفاء الطابع الديمقراطي على العلاقات الدولية، ومنع سياسات القوة من جر العالم إلى قانون الغاب. ستتمسك الصين بحزم بالنظام الدولي المتمركز حول الأمم المتحدة، وتدافع بحزم عن النظام الدولي الذي يدعمه القانون الدولي، وستدافع بقوة عن الدور المركزي للأمم المتحدة في الشؤون الدولية، وسنظل منخرطين بنشاط في تعزيز نظام حوكمة عالمي أكثر إنصافًا وإنصافًا.
مكافحة الوباء
وأوضح سعادة السفير تشو جيان أن هناك تعاونا بين الصين وقطر على مستوى مكافحة الوباء، حيث يعتقد البلدان أنه في مواجهة التحديات العالمية مثل الوباء لا يمكن لأي دولة أن تقف بمفردها، فالتضامن والتعاون هما أقوى سلاح لهزيمة الوباء، وكدولتين مسؤولتين تقول كل من الصين وقطر ذلك وتفعله، وأثناء مكافحة الوباء محليًا انخرط البلدان في التعاون الدولي.
قضية فلسطين
وبشأن التطورات الأخيرة في قضية فلسطين، قال السفير الصيني: تظل القضية الفلسطينية في قلب الحالة في الشرق الأوسط، فهي تتعلق بالسلام والاستقرار الإقليميين، والإنصاف والعدالة الدوليين، والضمير والمصداقية الإنسانية، وهناك توافق مشترك بين الصين وقطر في هذا الصدد، حيث تدعم الصين حل الدولتين وتدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة ومصالحه التي لا يجب تداولها.
كما يسعد الصين أن ترى إجراءات تساعد في تخفيف التوترات بين دول الشرق الأوسط وتعزيز السلام والاستقرار الإقليميين، ونأمل أن تتخذ الأطراف المعنية إجراءات ملموسة لإعادة القضية الفلسطينية إلى مسار الحوار والمفاوضات على قدم المساواة في وقت مبكر.
وقد جدد صاحب السمو دعمه لقرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين، ودعا إلى حل عادل للقضية الفلسطينية، وصولا إلى سلام شامل وعادل ودائم، وفي المرحلة التالية ستعمل الصين عن كثب مع قطر للمتابعة والقيام بدور بناء في دعم قضية الشعب الفلسطيني العادلة لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة وبناء دولته المستقلة.
ومنذ تفشي جائحة «كوفيد - 19»، تهتم الصين وقطر بصحة وسلامة الشعب الفلسطيني، وقد تبرعت الصين بإمدادات طبية ومليون دولار للأونروا لدعم حرب فلسطين ضد الوباء، وقدمت قطر مساعدات للشعب الفلسطيني في أوقات مختلفة، وقدمت الدعم الكامل لتخفيف الصعوبات الاقتصادية والإنسانية في فلسطين. إننا نثني عالياً على مساهمة قطر ونحن على استعداد لمواصلة دعم القضية العادلة ورفاهية الشعب الفلسطيني مع قطر.
سلام أفغانستان
وفيما يتعلق بملف عملية السلام والمصالحة الأفغانية، قال سعادة السفير تشو جيان: إن الصين سعيدة بصدق لرؤية الخطوات الهامة التي تم اتخاذها نحو عملية السلام والمصالحة في أفغانستان، وتهنئ على نجاح حفل افتتاح الجولة الأولى من المفاوضات، فهذا جهد شاق من قبل جميع الأطراف بما في ذلك الدولة المضيفة قطر، ونود أن نعرب عن تقديرنا لهذه النتيجة، حيث تمثل المفاوضات بين الأطراف الأفغانية المفتاح لتحقيق السلام والمصالحة في أفغانستان، وهي حيوية لمستقبل البلاد. وفي هذه اللحظة التاريخية، يأمل الجانب الصيني أن تتمكن جميع الأطراف في أفغانستان من اغتنام هذه الفرصة النادرة، والعمل في نفس الاتجاه، ومعالجة الخلافات بشكل صحيح، وإيجاد حل سياسي فعال لمصالح البلاد على المدى الطويل.
وأضاف: موقف الصين ثابت من القضية الأفغانية، وعملية السلام والمصالحة يجب أن تكون بقيادة أفغانية، وأن تتبع الاتجاه الأساسي للتسوية السياسية، ونحن بحاجة إلى ضمان إطار شامل وشامل، والبقاء ملتزمين بمعالجة كل من الأعراض والأسباب الجذرية، والبقاء ملتزمين بالجهود الدولية الصالحة والمسؤولة. وبصفتها جارًا وثيقًا وصديقًا مخلصًا لأفغانستان، تأمل الصين أن ترى السلام والاستقرار وإعادة الإعمار والتنمية في أفغانستان أكثر من أي دولة أخرى. وسنواصل، كعادتنا، دعم عملية المصالحة في أفغانستان والتوسط فيها وتوفير الراحة لها، مع الاحترام الكامل لإرادة جميع الأطراف الأفغانية.
الأزمة الخليجية
وبشأن الأزمة الخليجية، قال السفير الصيني إن الوباء المستشري حالياً قد أدى إلى ظهور صعوبات وتحديات خطيرة للمنطقة في الوقت الحاضر، وبالتالي فإن التضامن بين البلدان مهم وملح بشكل خاص، وللأسف فإن أزمة الخليج مستمرة منذ أكثر من 3 سنوات مما تسبب في معضلة كبيرة بين دول الخليج. وكشريك حقيقي وصديق موثوق للدول العربية، فإن أكثر ما نريد أن نراه هو الوحدة بين الشعوب العربية، وأقل ما نريد أن نراه هو الخلافات بين الإخوة، وترى الصين دائما أن على الأطراف حل الخلافات بشكل صحيح من خلال الحوار والتشاور على أساس ميثاق الأمم المتحدة والمبادئ الأساسية للعلاقات الدولية، وبنهج «عربي» في إطار مجلس التعاون الخليجي، ونود أن نرى جميع الأطراف تتخلى عن نزاعاتها السابقة وتتصالح نحو الانسجام.
وأضاف السفير تشو جيان: إننا نقدر عاليا جهود الوساطة التي تقوم بها الكويت، ونؤمن إيمانا تاما بأن دول الخليج لديها الحكمة والقدرة على حل خلافاتها الداخلية، حتى يتمكن أهل الخليج من الالتقاء مرة أخرى، وعودة تدفق السلع والبضائع، وإحياء حيوية مجلس التعاون الخليجي، حيث تعارض الصين بشدة استخدام الأزمة لتحقيق مكاسب سياسية، وهي كذلك على استعداد لمواصلة لعب دور بناء في تعزيز السلام والاستقرار في منطقة الخليج.
copy short url   نسخ
27/09/2020
2013