+ A
A -
محمود إبراهيم سعد مدرب ومستشار معتمد في التدريب والتنمية وجودة التعليم
مما لاشك فيه أنَّ دولة قطر قد حققت طفرة ملحوظة للغاية في نظام التعليم قبل الجامعي، فقد خططت للعملية التعليمية وفق معايير ضمان الجودة العالمية، وبذلت الجهود القوية والمستدامة، والتي أثمرت بناء نظام تعليمي يواكب المعايير العالمية العصرية، ويوازي أفضل النظم التعليمية في العالم، وهي تبذل في سبيل المحافظة على ذلك كل الجهود الرامية نحو تطوير وتجويد الأداء المهني والمؤسسي على حد سواء، وتعمل دائما على تحسين كافة ممارسات الأداء في مختلف المؤسسات التعليمية، وهذا دون شك وثيق الصلة برؤية دولة قطر الهادفة إلى تحويل دولة قطر بحلول عام (2030) إلى دولة متقدمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة، وعلى تأمين استمرار العيش الكريم لشعبها جيلا بعد جيل.
وترتكز رؤية دولة قطر (2030) على أربع ركائز أساسية من بينها: التنمية البشرية، والتي تستهدف المواطنين وجميع من يعيشون على هذه الأرض الطيبة؛ بهدف إعدادهم للمستقبل وتمكينهم من مواجهة كافة المتغيرات الحياتية والتي أصبحنا نشعر بها جميعا في هذه الآونة، ولا شك أن التعليم يعد بمثابة قاطرة التنمية البشرية ؛ فمن خلاله يتم تزويد الأفراد بكافة أشكال المعرفة ولاسيما وقد أصبحنا نعيش في عصر يعرف بالتحول الرقمي، بالإضافة إلى أنه يعمل على تعزيز كافة الطاقات البشرية بما يلزمها من قدرات وكفايات عقلية ومهارية وفنية ورياضية وعلمية وغيرها، ويعمل كذلك على تعزيز وصقل مهارات البحث والابتكار والإبداع والتفكير الناقد لدى الناشئة والطلاب في مختلف المؤسسات التعليمية؛ وذلك كله بهدف إعداد مواطن قادر على مواكبة العصر، والمساهمة بجدية في دفع عجلات التنمية والازدهار في مختلف المجالات.
ولا شك أن كافة هذه الجهود تقاس بمخرجاتها وبما ينعكس على شخصية الطالب، وبما اكتسبه من معارف وخبرات مختلفة، وبما أصبح قادرا على توظيفه في حياته الشخصية وفي مجتمعه، وهذا بالطبع لا يمكن التوصل إليه إلا من خلال تقويم أداء الطلاب بمختلف السبل والطرائق التقويمية الحديثة والمتطورة.
وها هي أيام قليلة وتبدأ الاختبارات والتقييمات الخاصة بمنتصف الفصل الدراسي الأول للطلبة بمختلف المدارس، ولذا يجب علينا أن نعرف أن عملية تقييم أداء الطلبة تهدف ضمن ما تهدف إليه إلى الوقوف على نسب مئوية ودرجات وعلامات خاصة بالتحصيل الأكاديمي، ولكن يجب ألا يكون هذا الهدف هو الوحيد منها ؛ لأن التقييم وسيلة لتطوير أداء الطلبة وليس غاية في حد ذاته، ولذا يجب على جميع القائمين على عمليات تقييم أداء الطلبة أن يقدموا تغذية راجعة للطلبة عن مدى تقدمهم نحو الأهداف المرسومة والمحددة سلفا، ليس المعرفية فقط، وإنما أيضا الأهداف النفسحركية والوجدانية، وبذلك يكون التقييم طريقا نحو توفير فرص النجاح المختلفة للطلبة كي يصبح التعلم أمرا محببا لهم، وتحقق عملية التقييم الأهداف المنوطة بها.
وهناك عدة أسباب تجعل من الاجتهاد والابتكار والبحث عن أساليب جديدة لتقويم تعلم الطلبة ضرورة قصوى وملحة، ومن هذه الأسباب: ما نلحظه جميعًا من متغيرات تخص عمليتي تعليم وتعلم الطلبة، ومن أبرزها وضع وتفعيل الإطار العام للمنهج التعليمي الوطني لدولة قطر، والذي أصبح بمثابة الدستور التعليمي لقطاع التعليم، وكذلك تطوير وتعديل وثائق معايير المناهج المختلفة، وإنتاج نتاجات تعليمية جديدة للمقرات الدراسية، وارتكاز التعليم بصورة رئيسية على مجموعة منتقاة من الكفايات، وما صاحب هذا كله من تطوير وتعديل في إستراتيجيات التعليم والتي أصبحت ترتكز بصورة رئيسة على الطالب؛ كإستراتيجيات التعلم الاستقصائي والتعلم بالاكتشاف والتعلم النشط، وكذلك المناداة بضرورة اكتساب الطلبة لمهارات التعلم مدى الحياة للاستفادة من الزخم المعلوماتي والتكنولوجي لعصر العولمة، وبالإضافة لما سبق تطبيق ما يعرف بالتعلم عن بعد والتعلم المدمج بالمدارس، وهذا يتطلب أدوات جديدة لتقويم مهارات الطلبة تختلف عن الأدوات المستخدمة في تقويم مخرجات التعلم التقليدي، وهذا كله دون شك يعزز الجهود الرامية نحو تعزيز رؤية دولة قطر 2030، ولاسيما في مجال التنمية البشرية وبناء الإنسان العصري.
copy short url   نسخ
26/09/2020
1799