+ A
A -
منال عمر عبده كاتبة سودانية
أمومة القلب هي الأمومة التي تعيشها القلوب بعيدا عن أمومة الأجساد، هذا إحساس تعرفه امرأة لم ينجب جسدها لكن قلبها أنجب كثيرا من الأبناء....
الأمومة في قلب المرأة بالفطرة لأنها أسطورة من الحنان والدف والاحتواء، لأن لديها قلبا يتسع ليشمل جميع من حولها من أسرتها هم أشقاؤها فهي تحتضنهم بقلبها قبل يديها...
عندما تقع المسؤولية على عاتق المرأة فتصبح مسوؤلة عن إخوتها فتتحمل أعباءهم ومشاكلهم في غياب الأب...
الأمومة في قلب المرأة ليست في الأوراق الرسمية هي الأنثى التي أنجبت بقلبها ولم ينجب جسدها، هي الأخت الكبرى التي تحملت مسؤولية أسرتها وإخوتها بعد فقد الأم، هي التي ضحت بحياتها وأحلامها وقد تكون بدراستها أيضا، وتفانت في تربية أشقائها ومساعدتهم، كانت لهم السند فهى انثى ساقطة عمدا من قوانين الحياة وأوراق القرارات الرسمية، فدائما يحتفلون بالمرأة الأم ومراعاة الأم في القوانين دون الاكتراث للأم السرية التي لم تنجب بجسدها ولكن أنجبت بقلبها وإحساسها.....
أكيد نحن لا نقلل وننكر من قدر الأم التي أنجبت بجسدها ودورها الكبير في بيتها والمجتمع...
ولأن الأمومة قرار تتخذه المرأة عندما تتزوج فمن الطبيعي أن تنجب فهي قررت أن تكون أمًّا فهذا الطفل جزء منها فعلاقتهما طبيعية أن تكون قوية ومفعمة بكل هذا الشغف بين الأم وطفلها.. ولكن الأم التي أنجبت بقلبها هنا يأتي دور القلب فهي لم ينجبه جسدها لكن رغم ذلك تتساوى مع المرأة التي أنجبت بجسدها في كمية الحب والاهتمام واللهفة، فقد مارست أمومتها بكل صدق وهنا تتجلى عظمة المرأة وقلبها....
في أغلب الأسر هناك نجد عمة أو خالة أو أختا لم تتزوج ولم تنجب، ولكنها ربت ورعت وسهرت كانت أمًّا حقيقية لإخوتها أو أبناء إخوتها....
الأم السرية هي قيثارة من الحنان، تسفك أجمل أيام عمرها في رعاية أب مسن أو أم مريضة، فهي تكون سقف الأمان عند عجزهم، تحتوي كل من في البيت دون أن تتذكر نفسها، فقد تسرق منها الأيام أجمل أوقات حياتها وقد لا تكون مثل قريناتها في الاهتمام بتفاصيل حياتهن وتحقيق أحلامهن...
إن رسم الفرحة في قلوب من حولها هو جل غايتها فهي التي تستيقظ على تعب أب أو ابن أو أخ في الليل وتهرع به إلى المشفى وتظل بجانبه حتى تطمئن عليه، تكتم قلقها وحزنها من مطبات الحياة لكي تكون في نظرهم الأقوى، ولكي تبعث في قلوبهم الأمن والطمأنينة، قد تتألم وحيدة فقط لكي تبقى في نظرهم جدار القوة الذي يستندون عليه....
الأم السرية لا تنتظر ردا لجميل، فكل همّها أن يكون من ترعاهم بخير، هي إنسانة آثرت أن تحتفظ بأحلامها في داخلها وتكتفي بإخراج أحلام من ترعاهم إلى النور...
إن الأم السرية هي وطن من تضحيات لا تنتهي، فهي تمارس دور الابنة والأم والأب بين أرواح تحتاج وجودها لتستمر بهم الحياة....
رغم نظرة المجتمع القاسية في أحيان كثيرة للمرأة التي لم تنجب أو لم تتزوج، إلا أن قلبها لم يتوقف عن أمومته لحظة رغم النظرة السلبية التي تتهمها بالنقص لوجودها من دون رجل أو ابن، فيحكم عليها المجتمع بانتهاء صلاحيتها كل ذلك تعيه المرأة تماما لكنه لم ينقص من عطائها ولا أمومتها لمن حولها....
لكل هذا تستحق الأم السرية التكريم أسوة بالأم التي أنجبت من جسدها من حقها أن تشعر بقيمة تضحياتها وأن كل ما قدمته لم يضع هباء....
ابحثوا عن الأم السرية في حياتكم، قد تكون أختا أو عمة أو خالة أو جدة، قد تكتشفون وجودها في محيطكم، فلتحملوا لها قلوبكم بهدايا مغلفة بالحب والعرفان لروحها التي أعطت وقلبها الذي احتوى وجسدها الذي وهن من تعب السنين في التربية، فهي ماسة ثمينة غالية، شمس نورت حياتكم....
فالتحية لكل أم سرية مارست أمومتها بقلبها ولم ينجب جسدها....
copy short url   نسخ
26/09/2020
271