+ A
A -
دلال البزري كاتبة لبنانية
دلال البزري كاتبة لبنانية العربي الجديد لبنان الآن ساحة حربٍ أخرى بعد حروبٍ مهولة خيضت فيه، هي ليست حربا وطنية أو أهلية، إنها حرب الجميع على الجميع، وهي حربٌ فوضوية تشبه فقدانه «توازنه» السابق، وقياساً عليها تبدو حروب الطوائف الدموية التي مرّت عليه منضبطةً، موزونةً، منتظمةً، مهيأة لموازين قوى جديدة. تجاوز لبنان كل هذه الحروب ودخل في أتون نفسه ضد نفسه. طبيعي الآن، مثلاً، أن يصطدم شيعة وسنة، بالسلاح، في منطقة خلدة، على مداخل بيروت، مع احتدام العصبيات الطائفية، فيُطلق الرصاص، ويسقط قتيل، ويُحرق مجمّع تجاري عن بكرة أبيه، ومعه مركز حزبي، ويُحتجز المواطنون الذاهبون إلى الجنوب ساعاتٍ في سياراتهم، ريثما «يهدأ» الاشتباك، وكل الموضوع أن العشائر السنية ترفض تعليق رايات عاشورائية، أي رايات شيعية، في أرضٍ يعتبرونها أرضهم. ولكن للسبب نفسه، أي تعليق الراية العاشورائية، يتقاتل شيعة في ما بينهم، أي شيعة حزب الله وحركة أمل في قرية لوبية الجنوبية. «أمل» تعتبر القرية هذه قريتها، وترفض أن يكون حزب الله هو المبادر إلى تعليق الرايات العاشورائية هذه، فتكون اشتباكاتٌ بالأيدي والصراخ والتدافع، يتلوه إطلاق نار يوقع قتيلا شاباً من «أمل». وفي قلب بيروت الغربية، في الحي السنّي الأشهر، طريق الجديدة، ثمّة اشتباك آخر، سنّي سنّي هذه المرّة، على درجةٍ عاليةٍ من العنف، ويمتد أكثر من يوم. بين أتباع سعد الحريري، وأتباع شقيقه بهاء، القادم من بعيد والطامح إلى احتلال مكانه داخل الطائفة. المسيحيون الموارنة أخيرا. بعد عرض عسكري رمزي تنظّمه «القوات اللبنانية»، في ذكرى اغتيال أيقونتها بشير الجميل. يتوجه شبابها بالسيارات نحو مركز التيار العوني، المعروف بمركز ميرنا الشالوحي، في الضاحية الشرقية من بيروت. يستفزّون القاطنين في هذا المركز، فيخرج سلاح، وتُطلق النار، ولا إصابات، ولكن عراكاً آخر وتبادل الاتهامات وتشنّجات وبيانات وبيانات مضادّة. والملاحظ أن هذه العداوات وما تجرّه من حروبٍ صغيرة، بمنتهى الصغر، تحيل المشتركين بها أو المراقبين لها إلى ما سبق من مثيلاتها خلال الحرب الأهلية.
copy short url   نسخ
26/09/2020
169