+ A
A -
جو معكرون زميل مقيم في المركز العربي للأبحاث
عقد الحزبان الديمقراطي والجمهوري مؤتمريهما الوطنيَين، في ظل أوضاع غير عادية فرضها تفشّي فيروس كورونا المستجد «كوفيد - 19»، وقدّم كلاهما عرضًا ترويجيًا لحزبه في المرحلة الأخيرة قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستجري في 3 نوفمبر 2020.
يواجه الناخبون خيارًا صعبًا بين رؤيتين للولايات المتحدة الأميركية: رؤية يجسدها الرئيس الجمهوري الحالي دونالد ترامب، والأخرى يجسّدها منافسه الديمقراطي جو بايدن (نائب الرئيس السابق). وأوضح المؤتمران الاستراتيجيتين الانتخابيتين للمرشحَين وخططهما لإدارتين مختلفتين اختلافًا جذريًا.
غلبت على المؤتمرين سمة التركيز على الرئيس الحالي، حيث سما الحزب الجمهوري بترامب إلى مستوى إنجازات لم يحقّقها في الواقع، في فترة رئاسته، أما الحزب الديمقراطي، فأبلغ الناخبين بأشكال التعبير الممكنة كلها، وأسباب ألا يكون ترامب خيارهم.
وفي خصوص الشرق الأوسط، كان المؤتمران بمنزلة تذكير بالجوانب المعرّضة للخطر في السياسة الخارجية في حال فاز ترامب، أو في حال قلب بايدن الطاولة؛ إذ رسم كل منهما صورة قاتمة ومتشائمة عن حال البلاد إذا خسر الانتخابات، وهي رسالة قاتمة وغير مألوفة في عام الانتخابات؛ إذ قال ترامب عن منافسه: «جو بايدن ليس منقذًا لروح أميركا، إنه مدمر لمشاريعها، وإذا أُتيحت له الفرصة، فسيدمّر العظمة الأميركية».
من جهته، أكد المرشح الديمقراطي أن «الرئيس الحالي أغرق أميركا في عصر ظلام مديد جدًا.. وإذا أسندتم إلىّ الرئاسة، فسأعتمد على أفضلنا، لا أسوأنا، وسأناصر النور، وليس الظلام».
مؤتمر الحزب الجمهوري.. واقع بديل وقومية بيضاء
تمكّن مؤتمر الحزب الجمهوري الذي عقد في 24-27 أغسطس 2020، من ترويج روايات تهدف إلى بث الحيوية في القاعدة الانتخابية لترامب وتغذيتها. وغطى المؤتمر خمسة محاور أساسية عكست موقف الحملة الرئاسية الجمهورية في السياسة الأميركية تمثلت في تسييس الإدارة وماكينة قوية للدعاية (البروباغندا) وتراجع النزعة الشعبوية وإعادة تأكيد العرق الأبيض وإحياء عبادة الشخصية. وهي كما يلي:
وعلى الرغم من أن خلط الإدارة والسياسة مع الترويج الانتخابي كان سمةً بارزةً لفترة ترامب الرئاسية الأولى، فإن الترتيبات التي جرت خلال مؤتمر الحزب الجمهوري، ذهبت بعيدًا في ذلك؛ إذ يعتبر قرار ترامب الاستفادة من صلاحياته الرئاسية وجعل الإدارة الأميركية إدارة سياسية على أسس حزبية، انفصالًا واضحًا عن تقاليد السياسات الأميركية العريقة، فبينما أعلن الرئيسان السابقان جيمي كارتر ورونالد ريغان نيّتهما الدعوة إلى إعادة انتخابهما من المكتب البيضاوي، أقدم ترامب على سابقة جديدة عندما قبل إعلان ترشيحه الثاني من الحزب الجمهوري أمام حشد من المؤيدين في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، وزيادة على ذلك، ألقى وزيران من الحكومة كلمات في المؤتمر، وهما وزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الإسكان والتنمية الحضرية بن كارسون، وهذه أيضًا سابقة وانتهاكٌ لقانون هاتش (Hatch Act) الذي يحظر على الموظفين الفدراليين القيام بدور سياسي حزبي.
تجلّت ماكينة البروباغندا بكامل قوتها في أثناء مؤتمر الحزب الجمهوري، حيث حظيت مزاعم الرئيس ترامب عن بايدن بتقصي وسائل الإعلام حقيقتها، من ذلك مثلًا «إذا أُعطيت السلطة لجو بايدن، فإن اليسار الراديكالي سوف يوقف تمويل دوائر الشرطة في جميع أنحاء أميركا»؛ إذ قال نائب الرئيس مايك بنس عن بايدن، ظلمًا، إنه سيسحب تمويل الشرطة وسيفتح الحدود أمام الهجرة.
وتحدث المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض لاري كودلو عن فيروس كورونا بصيغة الماضي، وادّعى أن «الرئاسة هرعت بسرعة وفاعلية» وأطلقت «عملية إنقاذ استثنائية للصحة والسلامة لمكافحة كوفيد - 19 بنجاح». في حين تجاوزت حالات الإصابة في الولايات المتحدة الآن ستة ملايين شخص، إضافة إلى وفاة أكثر من 200,000 شخص. وتمثّل هذه الأقوال رواية منقّحة عن كيفية تعامل رئاسة ترامب فعليًا مع الوباء.
وأكد مؤتمر الحزب إعادة معايرة مخططات ترامب الشعبوية التي ميزت مؤتمر عام 2016، فعدا عن العدول عن تسمية البيت الأبيض بـ «بيت الشعب»، بث الجمهوريون رسالة شعبوية معدّلة في مؤتمرهم في عام 2020، حيث لاحظت مجلة ناشيونال ريفيو في افتتاحيتها: «تبدو الإشارة إلى ترامب في خطاب الحملة باعتباره البرنامج الانتخابي في حد ذاته».
وتخلّى ترامب في عام 2020 عن تعابير مثل «بناء الجدار» و«تجفيف المستنقع»، وأيّد شعارات جديدة مثل «القانون والنظام» الذي يجتذب القاعدة من دون أن يستفزّ بالضرورة الناخبين المتأرجحين، وحرص ترامب أيضًا في معظم فترته الرئاسية الأولى على السعي للتقدم بهذه المخططات الشعبوية، وعلى ما يبدو أن هناك إدراكًا متأخرًا في أروقة البيت الأبيض أن هذا النهج سيؤدي إلى احتكاك بأعضاء جمهوريين، ما ينطوي على مخاطر سياسية جمّة مع حلول موعد الانتخابات، وربما تكون الحرب التجارية مع الصين هي السياسة الشعبوية الرئيسة الباقية، لأنها تجذب ناخبي «حزام الصدأ»، أو المناطق الصناعية القوية سابقًا في بنسلفانيا وأوهايو وميتشيغان وويسكونسن.
ظهرت حدة هجوم القومية البيضاء في رسائل ضمنية وصريحة في أثناء مؤتمر الحزب الجمهوري، وأصبحت ركنًا أساسيًا في حملة ترامب، مقارنة بعام 2016. وقد أثار ذلك التوترات العرقية الأخيرة في البلاد، التي حرص الرئيس على تحويلها إلى فرصة سياسية. فمن بين متحدّثي الليلة الأولى كان الزوجان مارك وباتريشيا مكلوسكي اللذان عرّضا حياة متظاهرين سود للخطر بشهر أسلحة في وجوههم في يونيو 2020، حيث تضمّن خطاباهما اتهامات بأن بايدن يريد «إلغاء الضواحي». وزعم نجل الرئيس، دونالد جونيور، أيضًا في خطابه أن الانتخابات هي اختيار بين ترامب ممثل «الكنيسة والعمل والمدرسة»، وبايدن ممثل «أعمال الشغب والنهب والتخريب». وحذّر النائب الجمهوري عن فلوريدا، مات غايتز، من مخاطر بايدن، زاعمًا أنه سيسحب الأسلحة من الأميركيين، ويُفرِغ السجون، مضيفًا: «يجب أن نكافح لإنقاذ أميركا الآن وإلّا قد نفقدها إلى الأبد».
مثّلت عبادة الشخصية محورًا أساسيًا في استراتيجية الحزب الجمهوري في تقديمها ترامب قائدًا متعاطفًا وقويًا يعمل على حماية أسلوب الحياة الأميركية، في ترداد جديد لشعار عام 2016 «يمكنني بمفردي إصلاحه» (في إشارة إلى النظام السياسي الأميركي)، وهذا النهج تجسيد رمزي لأسلوب الأنظمة الاستبدادية التي تجعل شخصية القائد مثالية وتشيطن خصومه السياسيين، ورفض الحزب الجمهوري إعداد برنامج سياسات جديدة، وحافظ على الصيغة القديمة في عام 2016، مع التعهّد، بحماسة، أيضًا بالاستمرار في دعم أجندة «أميركا أولًا» الرئاسية.
مؤتمر الحزب الديمقراطي.. وحدة هشة واستفتاء على ترامب
كانت الرسالة المحورية لمؤتمر الحزب الديمقراطي الذي عقد في الفترة 17-20 أغسطس، هي إظهار التباين الواضح بين شخصيتَي بايدن وترامب، وجعل الانتخابات استفتاءً على ترامب نفسه، وأفاد الديمقراطيون أن مرشحهم يمثّل كل ما يفتقده ترامب، ولا سيما لجهة السمات الشخصية ومهارات القيادة. أما نائبة المرشح بايدن، السناتور كامالا هاريس، فدخلت التاريخ لتكون أول امرأة سوداء وأول شخصية من أصل هندي يرشّحها بالإجماع حزبٌ كبير. وفي حين نجحت في تقديم نفسها على الصعيد الوطني، لم يتضح بعد كيف ستعين بايدن في زيادة حيوية قواعد الحزب الديمقراطي.
ميزت خمس خصائص رئيسة مؤتمر الحزب الديمقراطي، تمثلت في التركيز على فيروس كورونا والتركيز على الشخصية وليس على السياسات والمبالغة في نقل الحقائق والتنوع الديموغرافي ووحدة الحزب الهشة، وهي كما يلي:
أرادت حملة الحزب الديمقراطي إيقاع الضرر بترامب في استطلاعات الرأي، لجهة تعامل إدارته مع جائحة كورونا، ولخّص بايدن هذا الطرح في خطاب القبول بقوله: «أخفق رئيسنا الحالي في أداء معظم ما يتطلّبه منه واجبه الأساسي نحو الأمة، أخفق في حمايتنا، وأخفق في حماية أميركا، وذلك أمر لا يُغتفر أيها الإخوة الأميركيون».
جرى التركيز على تميّز بايدن الأخلاقي وإيمانه وأدبه وتعاطفه، بدلًا من التركيز على مواقفه في التعامل مع القضايا، دعم الرئيس السابق باراك أوباما الذي أثبت مرة أخرى قوته في الحزب الديمقراطي، موقف بايدن، قائلًا إن ترامب «لم يُظهر أي اهتمام بالتعامل مع الرئاسة سوى أنها عرض تلفزيوني يمكنه استغلاله لجذب الانتباه الذي يتوق إليه». ويعتقد الديمقراطيون أن فوزهم يتوقف على السمات الشخصية، مفضّلين ذلك على الانغماس في سياسات الرئيس الحالي الذي يركز على اللقطات والتغريدات.
بالغ متحدثو مؤتمر الحزب الديمقراطي في نقل الحقائق المتعلقة بسياسات ترامب في خصوص الضمان الاجتماعي وتصريح بايدن عن البطالة والشركات الصغرى الذي دققت وسائل الإعلام في حقيقته؛ إذ ضخّم المرشح الديمقراطي التهديد الذي يجسّده ترامب وتأثيره في حال إعادة انتخابه، بقوله: «إذا أُعيد انتخاب هذا الرئيس، فنحن نعرف ما سيحدث. سيبقى عدد الإصابات والوفيات مرتفعًا جدًا، وسيغلق مزيدٌ من الشركات الصغرى أبوابَه إلى الأبد، وسوف تكافح الأسر العاملة لتدبّر معيشتها».
وتجلّت قوة مؤتمر الحزب الديمقراطي في تنوّع أصول المندوبين والمتحدثين الذين يمثلون تركيبة البلاد الديموغرافية، على عكس مؤتمر الحزب الجمهوري الذي هيمن عليه رجالٌ بيض كبار السن. كما ركّزت حملة بايدن تركيزًا حيويًا على القدرة على العمل عبر الاتصال بجمهوريين معتدلين ومناشدة المستقلين، ومع ذلك، بقيت القضية التي تقدموا بها إلى الأميركيين عن ضرورة التصويت لمصلحة بايدن، ضعيفة.
يعطي الديمقراطيون انطباعًا بالوحدة لإلحاق الهزيمة بترامب، لكن، لا تزال أمامهم تحدّيات أساسية؛ إذ دعم الزعماء الديمقراطيون الذين على يسار بايدن، وأبرزهم السناتور بيرني ساندرز (فيرمونت) وعضو الكونغرس ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز (نيويورك)، المرشح الديمقراطي، على الرغم من تعرّض المؤتمر للانتقاد بسبب عدم إعطاء أوكاسيو-كورتيز وقتًا كافيًا للتحدث، وعدم الاستفادة بطريقة أفضل من جملة مهاراتها وقاعدتها الشعبية الواسعة. أما المجموعة الشعبية «القبول ببايدن» المشكّلة من أنصار ساندرز والسناتور إليزابيث وارين (ماساتشوستس) «والتي تدرك عيوب جو بايدن، لكنها تعرف أن أمتنا لن تبقى على قيد الحياة بعد أربعة أعوام أخرى لدونالد ترامب»، فأظهرت حماسةً بين التقدميين لإلحاق الهزيمة بترامب، أكثر من تفضيلها انتخاب بايدن. تنازل التقدميون لبايدن، على الورق، وتوصلوا إلى إجماع على البرنامج الانتخابي، لكن ليس من الواضح إلى متى ستستمر هذه الهدنة.
البرامج الانتخابية.. السياسة الخارجية والشرق الأوسط
لم يُصدر الحزب الجمهوري برنامجه الانتخابي لعام 2020، معلّلًا ذلك بأنها «القيود الصارمة على التجمع والاجتماعات» التي أدّت إلى إرجاء اعتماد برنامج جديد حتى مؤتمر عام 2024. وبدلًا من ذلك، أصدر قرارًا مختصرًا كان له هدف بسيط هو تأكيد أن أي محاولة لتعديل برنامج عام 2016 أو تبني برنامج جديد «ستُستبعد من نطاق العمل».
نشرت حملة ترامب خطةً تسلّط الضوء على «الأولويات الرئيسة للفترة الرئاسية الثانية»، تتألف من مجموعة موجزة من العناوين الرئيسة، من دون تفصيلات واضحة، بل هي بالأحرى استمرار لفترة ترامب الرئاسية الأولى. ففي إطار قسم «السياسة الخارجية: أميركا أولًا»، رتّبت حملة ترامب الأولويات على النحو التالي: «إيقاف الحروب التي لا نهاية لها وإعادة قواتنا إلى أرض الوطن، جعل الحلفاء يدفعون حصّتهم العادلة، المحافظة على قوة أميركا العسكرية التي لا مثيل لها وزيادة قوتها، القضاء على الإرهابيين العالميين باعتبارهم مصدرَ تهديدٍ لإلحاق الأذى بالأميركيين، بناء نظام دفاعي شامل للأمن السيبراني ونظام دفاع صاروخي».
عكست خطابات المؤتمر عن السياسة الخارجية هدفَ إبراز ترامب بصفته أكثر صرامةً من بايدن في التعامل مع الصين وإيران، وبأنه من أشد المؤيدين لإسرائيل. وسجّل بومبيو خطابه في المؤتمر، مع وضع القدس خلفية له، في أثناء رحلة رسمية إلى الشرق الأوسط، مذكّرًا الناخبين الإنجيليين بأن إدارة ترامب نقلت السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، ورأت السفيرة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي أن بايدن «هبة من السماء لكل من يريد من أميركا أن تعتذر وتمتنع عن التصويت وتتخلى عن قيمنا، بينما يتخذ دونالد ترامب نهجًا مختلفًا، فكان صارمًا مع الصين، وتصدّى لتنظيم الدولة الإسلامية وانتصر، ويخبر العالم بما يجب أن يسمعه».
في المقابل، تمحور برنامج الحزب الديمقراطي الانتخابي لعام 2020 حول ذمّ الرئيس الحالي، حيث ذُكر ترامب وإدارته 114 مرة مع أبرز ما يفرض من تهديدات على علاقات الولايات المتحدة دوليًا. ويُظهر البرنامج نقلة إلى اليسار على صعيد السياسة الخارجية، أكثر من السياسة الداخلية. وتضمّنت مرافعات الديمقراطيين: «بدلًا من الدفاع عن مصالحنا وقيمنا في عالم أكثر تنافسية، تراجع الرئيس ترامب - ما سمح لخصومنا بملء الفراغ.. وبدلًا من إنهاء حروبنا الأبدية، دفعنا إلى شفا صراعات جديدة، مع عسكرة متزايدة لسياستنا الخارجية».
ردد البرنامج خطاب بيرني ساندرز بانتقاده الكيفية التي «يتزلّف بها للحكام المستبدّين، ويرسل رسائل إعجاب إلى الطغاة، والاصطفاف إلى جانب الدكتاتوريين ضد المتظاهرين السلميين». وكما هو متوقع، يعود إلى نهج السياسة الخارجية الليبرالية التقليدية المتمثل في تأييد حقوق الإنسان والانضمام إلى المنظمات الدولية وتقديم المساعدات الخارجية - وهي ثلاث أولويات أُلغيت كلها في فترة رئاسة ترامب الأولى، ومن بين المؤشرات الأخرى للتأثير المتنامي لليسار في قسم السياسة الخارجية في البرنامج، تلك الأحاديث عن ترشيد «ميزانية الدفاع» الأميركية.
في ما يتعلق بالشرق الأوسط، تعهّد الديمقراطيون في برنامجهم «بإنهاء دعم الحرب التي تقودها السعودية في اليمن والمساعدة في وضع حد لاستمرار الحرب»، ورأوا أن الولايات المتحدة «ينبغي أن تدعم الجهود الدبلوماسية، لا أن تعطّلها». انتقى الديمقراطيون ثلاث قضايا للتركيز عليها في الشرق الأوسط، وهي: إيران وبلدان الخليج والصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. وأعطوا الأولوية «للدبلوماسية النووية وخفض التصعيد والحوار الإقليمي» عبر رفض تغيير النظام في إيران واستعادة خطة العمل الشاملة المشتركة، لكنهم مثل إدارة ترامب سيعملون على التصدي «للعدوانية الإقليمية» لطهران «وبرنامجها للصواريخ الباليستية، وقمعها الداخلي»، من دون تقديم خريطة طريق لتحقيق هذه الأهداف.
كما دعا الديمقراطيون إلى «إعادة ضبط» علاقات الولايات المتحدة ببلدان الخليج، بهدف «دعم مسارهم في التحديث السياسي والاقتصادي وتشجيع الجهود للحدّ من التوترات الإقليمية، لكن ليس لنا أي مصلحة في مواصلة حقبة إدارة ترامب الخالية من الضوابط، أو في التساهل مع الدوافع الاستبدادية أو الخصومات الداخلية أو الحروب بالوكالة الكارثية أو مع جهود التراجع عن عمليات الانفتاح السياسي في جميع أنحاء المنطقة». وتقترن اللهجة المتشددة بحثّ الحلفاء الخليجيين على زيادة دورهم في العراق، حيث يأمل الديمقراطيون مواصلة خفض عدد القوات الأميركية في العراق وسورية، والاعتماد على شركاء محليين عوضًا من ذلك. والتزم الديمقراطيون بدعم «دبلوماسية تلبية الحاجات الإنسانية لجميع السوريين وإيجاد حل سياسي لهذه الحرب المروعة»، من دون التطرق إلى العقوبات الأميركية على النظام السوري أو كيف يمكن أن يعمل هذا النهج على صوغ السياسة الأميركية في سورية. ومن المثير للاهتمام أن البرنامج لم يُشِر إلى دفء العلاقات الخليجية بإسرائيل، ما يعني أن الديمقراطيين يتجنبون الثناء على ذلك التوجّه أو انتقاده، في بناء تحالف عربي إسرائيلي ضد إيران.
في ما يتعلق بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، حاول الديمقراطيون تحقيق توازن بين وجهتي نظر اليسار والوسط بشأن هذه القضية المهمة بالنسبة إلى الناخبين اليهود الأميركيين. وشدّد برنامج الحزب الديمقراطي على «الالتزام بأمن إسرائيل وتفوّقها العسكري النوعي، وحقها في الدفاع عن نفسها»، مع الاعتراف «بقيمة كل إسرائيلي وكل فلسطيني». وتعهد الديمقراطيون أيضًا «بدعم حل الدولتين عن طريق التفاوض»، في حين عارضوا «أي خطوات أحادية من أي من الجانبين، بما في ذلك الضم، تقوّض آفاق الدولتين».
نشرت أيضًا حملة بايدن «خطة للشراكة» مع المجتمع الأميركي العربي، وأكدت استعادة حقوق الهجرة واللاجئين والدفاع عن الحقوق المدنية ومناصرة الديمقراطية وحقوق الإنسان على مستوى العالم. كما أشارت إلى ضرورة «معالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة» «وإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، والعمل على إعادة افتتاح بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن». ووعدت الخطة، أيضًا، بمساعدة الشعب اللبناني «في تطوير وتحقيق مستقبل اقتصادي وسياسي أفضل لبلدهم، خالٍ من الفساد، وشامل جميع الأطراف»، مع تأكيد مساعدة سورية في المسائل الإنسانية.
في نهاية المطاف، قام المرشحان بما كان من المفترض أن يفعله كل واحد منهما لتعزيز فرصه في الفوز، لكن المؤتمرات ليست ما يصنع الفارق. ولم تكن استطلاعات الرأي التي أُجريت بعد المؤتمرين واضحة بعد، بل حتى متناقضة، في ما يتصل بتأثيرها الانتخابي. وأظهر استطلاع للرأي أجرته كلية إميرسون كوليدج Emerson College في 31 أغسطس أن السباق يشتد، مع تقدم بايدن بنقطتين فقط، في حين أشار استطلاع آخر أجرته شركة مورنينغ كونسلت Morning Consult، نُشر في 1 سبتمبر إلى أن بايدن يتقدم بثماني نقاط، وما زال متفوقًا في الولايات المتأرجحة. ويتوقع عمومًا، أن يصبح السباق أكثر تنافسية في المرحلة النهائية، ولا سيما بعد المناظرات الرئاسية الافتراضية.
copy short url   نسخ
26/09/2020
1907