+ A
A -
سليمان قبيلات كاتب أردني
.. ما أن حطت قدماه أرض المعسكر الجديد قرب جنين، حتى أبلغه عمُّه الذي يخدم في الكتيبة ذاتها برتبة جندي أول أنه سيعرفه على قريبهما العسكري الذي تسكن عائلته في المدينة؛ فبعض الجنود المتزوجين كانوا يفضلون أن تكون أسرهم قريبة منهم.
بعد أن تعرف على طبيعة مهماته في الكتيبة، أخذه عمُّه إلى قريبهما في جنين فوجده يسكن غرفتين من «دكة» لم تعرف مثلهما قريته الملقاة على اطراف البلقاء شرقي النهر.
احتفى بهما المضيف الذي أقعدهما في صدر داره، فأمر بإعداد «لقمة» على وجه السرعة «لأن الجماعة ما أكلوا من أكل المدنيين».
على المائدة التي احتوت اصنافا لم يعهدها القادم الجديد، تلكأ العم في الإقدام على البدء في تناول الطعام على الرغم من كثرة ترديد «معزب الرحمان» جملا من مثل «والله ماهو واجبكو يا قرايبي»، «والكو عندنا وحدة».
تحت الحاح «المعزب» قال العم:«والله احنا جينا بغرض وما راح ناكل الا بعد ان نسمع كلمة منك».
المعزب: ابشروا يا قرايبي باللي جيتو بيه.
العم: والله جينا طلابين عروس. ودنا البنت الكبيرة لابن اخوي، وهو عسكري لبس بالجيش صارلو 4 اشهر وامس التحق بالكتيبة.
كان عمر الجندي الجديد لا يتجاوز 18 عاما، وقد بدا مذهولا مما سمع من عمّه الذي لم يبلغه بنيته طلب يد عروس له.
بدآ تناول عشائهما بعد ان سمعا موافقة «المعزب» على طلب العم، لكن الشاب شعر ان بعض اللقيمات التي ازدردها على مضض كانت مثل سكاكين بعد ان سمع ما سمع.
سهرا حتى منتصف الليل فكانت ساعات قاسية على الشاب، الذي لم يعرف كيف سيواجه الموقف الذي وجد نفسه فيه، بفعل تسرع عمه ومفاجأته القاتلة.
في طريق عودتهما إلى الكتيبة وجَه الشاب لوما مبطنا إلى عمه: يا عم كيف ودي اتجوز وانت تعرف حالة اهلنا في القرية. بيت شعر واخواني كلهم صغار في المدرسة وابوي يشتغل في «النافعة» (ورشات وزارة الاشغال العامة) بمعاش لا يذكر. والله يا عمو انك جنيت علي وعلى اخواني، وابوي راح ينجن لانو معتمد على معاشي.
كان رد العم مذهلا: يا عم انت تاخذ البنت من عند اهلها، واذا ما ودك اياها، نعطيها لعمك نيران، لانو والله مستحق الجيزة من زمان.
copy short url   نسخ
25/09/2020
211