+ A
A -
عندما يتقدم الشخص الموظف بطلب إلى رئيسه المباشر، أو مديره، بالموافقة على نقله إلى قسم آخر، أو إدارة أخرى، في نفس الوزارة أو المؤسسة التي يعمل بها الموظف، يعلق المسؤول على الكتاب، «لا مانع، شريطة توفر البديل».
شعور رائع يتملك الموظف، بالزهو والتقدير والفخر، ما شاء الله، كم هو مهم في إدارته، وفي قسمه، كم هو مهم، لدرجة أن العمل في إدارته سيتوقف، وأن الموظف سيترك فراغاً كبيراً، وستتوقف مصالح العباد والبلاد بنقله، لذلك فهم يريدون شخصا يملأ هذا الفراغ الرهيب، ويحل محل هذا الجهبذ الهمام، والأسد الجسور يا سلام، نجم الإعلام، وفارس الكلام، الشيخ الإمام، حامل مصابيح الهدى، وهادي الأنام، إلى سماحة الإسلام.
ويدخل الموظف المسكين الغلبان، في متاهات الأحزان، وفي جحر الجرذان، للبحث عن البديل، الذي يسد مكانه، ويملأ فراغه، وهو يردد «حسبي الله على اللي حال بيني وبين النقل» الذي كان قاب قوسين أو أدنى، «البديل» هذا الذي يشبه «البودرياه» الذي سمعنا عنه وما شفناه، أو «الطنطل» الذي ورد ذكره في الموروث الشعبي عن طريق الرواة، أو «اللهو الخفي» الذي ورد ذكره في الأفلام القديمة، ومسرحية «العيال كبرت»، في أدبيات الإدارة، عندما يرغب الموظف بالنقل من إدارته إلى إدارة أخرى أو قسم آخر هناك شيء اسمه «البديل» وهذا البديل هو سبب العطلة – بالفتح - وتأخير النقل، وتمييع الأمور، وتعثر الخطوات، وتلبك الأمعاء، وتوقف الإجراءات، «البديل» طرف ثالث جاهز لتحميله المسؤولية، هو الذي يعيق النقل، ويؤخر إجراءاته، ويعطل كتاب النقل، ويطل بوجهه الكالح الماسخ، عندما تبدأ إجراءات النقل، «مع توفير البديل». هذا البديل، الذي تتجه إليه أصابع الاتهام، فيصبح مسؤولاً عن كل الجرائم التي ترتكب في حق الموظف الراغب في تغيير بيئته، أو إدارته، على مرأى ومسمع من الجميع، ورغم صفاء الأجواء، ووضوح الرؤية، إلا أن هذا «البديل» يلبس طاقية الإخفاء، فلا يستطيع أحد كائناً من كان أن يراه، أو يوفّره، أو يأتي به، ليحل محل الموظف «عنترة بن شداد» عاشق عبلة، وهازم الأعداء وحده، ويبدأ المحللون والمتحذلقون، في تتبع خيوط إجراءات النقل التي لن تتم إلا بإيجاد البديل، وكأنها مؤامرة كبرى تحاك ضد الموظف المسكين، وكأن الإدارة أو القسم، ليس لها القدرة على توفير البديل، وليس لها حول ولا قوة ولا قدرة في توفير البديل، وعليك أن تتحمل التأخير، والمعاناة، والوجع حتى يتوفر «البديل» ليكون بديلا. اللافت هنا، أنه لا تحتاج الإدارات أو الأقسام أو الوزارات إلى الموظف «البديل»، إذا ما قرر المسؤول الأول الاستغناء عن خدماتك، أو أحالك على بند «العمالة الفائضة» أو «العمالة غير المفعلة» هنا تكون الأمور سالكة، لا بديل «ولا يحتاج الأمر بديلاً، ولا هم يحزنون»، قال تعالي (اعدلوا هو أقرب للتقوى)، وعلى الخير والمحبة نلتقي.
copy short url   نسخ
22/09/2020
1321