+ A
A -
أدهم شرقاوي
حدَّثَ مرةً أصحابَه مُحاولاً أن يُخبرَهم أن الجنَّةَ أقربُ إلى أحدهم من شِراك نعله، فقال: «إن امرأةً بَغياً رأتْ كلباً في يوم حار يطوفُ ببئرٍ، قد أدلعَ لسانه من العطش، فخلعتْ موقها/‏ حذاءها فنزعتْ له به الماء فغفرَ الله لها»!
ما أرحم هذا الرَّب الذي يغفرُ لزانيةٍ بشربةِ ماءٍ سقتْها لكلبٍ قد أصابَه العطش! فاعملوا، ولا تستصغروا عملاً فلعلَّ به الجنَّة وأحدنا لا يدري!
ما كانتْ هذه المرأة الزانية تعلمُ أنَّ الجنَّة في شربةِ ماءٍ تُقدِّمُها لهذا الكلب الذي شارفَ على الهلاكِ من شدةِ العطش!
ولا كان الرجلُ الذي مرَّ بغصنِ شجرةٍ على جانبِ الطريق، فقال في نفسه لأُنحينّ هذا عن طريقِ المُسلمين لا يُؤذيهم، يَعلمُ أنَّ الله سيغفر له كل ذنوبه بقطعِه لهذا الغُصنِ خوفَ أن يُؤذيَ المُسلمين!
ولا كان الرجلُ الذي مرَّ بطريقٍ فوجدَ عند حافتِه غصنَ شوكٍ فأخَّره، يعرفُ أن الله سيغفر له ذنوبه بفعلتِه البسيطةِ تلك!
هذه النماذجُ الثلاثة حدَّثنا عنها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ليُخبرنا أنَّ الجنةَ قريبةٌ جداً، وأن اللهَ سُبحانه سريعُ الرضى واسعُ المغفرة، يكفي أن ينظرَ إلى قلبك فيرى الرحمةَ فيه، ويَطَّلِعَ على صدرِك فيراه خالياً من كل حقد، مليئاً بالمحبة وحُبِّ الخيرِ للناس!
ولو تأملنا هذه النماذج الثلاثة لوجدْنا أن المشتركَ بينها هو فعلُ الخيرِ لأجل وجه الله فقط، وفي غيابِ من يرى هذا الخير!
التي سقتْ كلباً أدخلها الله الجَنَّة، فكيف بالذي يسقي قلباً قد جفَّفَه الحزنُ، وأضناهُ الألمُ، ونخرَه الخذلانُ والوجع؟!
والذي أزال غصنَ شجرةٍ من طريق المُسلمين أدخله الله الجنة، فكيف بالذي يُزيلُ من أمامهم الأفكارَ السامةَ، والبِدَعَ، والعاداتِ البالية، والأعرافَ التي ما أنزل الله بها من سُلطان؟!
والذي أزالَ غصنَ شوكٍ كي لا يجرح أحد قدمه به أدخلَه الله الجنة، فكيف بالذي يُزيلُ أشواكَ الحاجةِ فيُساعدُ الفقير، وأشواك الألم فيمشي في علاجِ المريض، وأشواك الفقد فيُعزي ويُساهمُ في تكاليف الدفن، وأشواك الديون فيدفعُ عن مُعْسِرٍ، ويُقيمُ مُتعثِّراً؟!
قريبةٌ هي الجنة، قريبةٌ جداً، يكفي أن تعملَ وينظرَ اللهُ إلى قلبك فيرى أنك لا تُريدُ بهذا العمل سواه!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
22/09/2020
358