+ A
A -
الدوحة- الوطن
يعد مشروع الصوب الزراعية الشمسية في جامعة قطر مشروعًا بحثيًا ممولًا من قبل الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، والبرنامج الوطني للأولويات البحثية بالتعاون مع إدارة البحوث الزراعية في وزارة البلدية والبيئة في قطر. وخلال السنوات الخمس عشرة الماضية، شهدت قطر نموًا اقتصاديًا وسكانيًا سريعًا. وعليه، أصبحت مشاريع البحث والتطوير للزراعات المحمية ضرورية للارتقاء بصحه أفراد المجتمع وأساسية لتعزيز الأمن الغذائي.
وتعليقًا على مشروع الصوب الزراعية الشمسية، قال الدكتور سعود غاني، الباحث الرئيسي في المشروع وأستاذ الهندسة الميكانيكية في كلية الهندسة بجامعة قطر: «وضعت دولة قطر الأمن الغذائي أولوية لها وأعلنت التزامها للوصول إلى نسبة مستدامة حوالي 70 % من الاكتفاء الذاتي من الخضراوات باستخدام الصوب الزراعية والزراعة المفتوحة. وفي سياق التوترات الجيوسياسية المستمرة والحصار المفروض على الدولة فإن تحقيق الأمن الغذائي المستدام يكتسي صبغة الأهمية القصوى. فقد أعاق الحصار الواردات والمحاصيل الزراعية عن طريق البر، مما دفع أصحاب المصلحة، مثل: السلطات والشركات والمستثمرين والأفراد إلى الاستفادة من برامج تعزيز الزراعة الزراعية المحلية، ودعم وتبني تطبيقات ونظم وأساليب وممارسات وتقنيات جديدة تؤدي إلى الأمن الغذائي المستدام».
وتوفر الصوب الزراعية بيئة نمو مثالية تخضع فيها النباتات للمراقبة العلمية الدقيقة لزيادة الإنتاج، إلا أن توفير هذه البيئة يتطلب كمية طاقة عالية مما يقلل الهامش الربحي للمزارع، ففي المناطق شبه الاستوائية والحارة والقاحلة، نجد معظم هذه الطاقة مخصصة لتوفير التبريد المطلوب. ووجدت الدراسة أنه وكما أن ضوء الشمس ضروري لنمو صحي للنباتات فإن زيادة الإضاءة عن الحد المطلوب تؤدي إلى زيادة درجة حرارة الصوب، مما يؤدي إلى زيادة الحمل الحراري اللازم لتبريد الصوب.
تقليل حمل التبريد
لقد طرح هذا المشروع صوبة زراعية معزولة حراريًا تسمح بدخول المستويات المثالية من الإشعاع الشمسي من خلال عدسات مضغوطة (Frensel lenses) مثبتة على سقف الصوب، تقوم العدسات المضغوطة بتوزيع الإشعاع الشمسي على صفوف النبات الموجودة أسفلها. وقد تم تقييم أداء الصوب الزراعية الجديدة من حيث توفير المستويات المطلوبة من الإشعاع الشمسي لنمو النباتات وتقليل حمل التبريد باستخدام محاكاة تتبع الأشعة الشمسية وحسابات حمل التبريد والتجارب الميدانية في مزرعة (نباتي) جهة مكينيس. وبالمقارنة مع الصوب التقليدية، كان حمل التبريد الجديد المقترح أقل بحوالي 80 %. لذلك، يمكن أن تحقق الصوب الشمسية المقترحة فوائد الصوبة المغلقة كليًا مع التغلب على معضلة طلب التبريد المرتفع في المناطق شبه الاستوائية والقاحلة.
ويهدف تصميم الصوبة الشمسية إلى التغلب على مشكلتين محددتين مرتبطتين بالصوب التقليدية خلال الموسم الحار، وهما: هيكلها عالي الشفافية وكفاءة التوصيل الحراري، حيث تكون الجدران عالية الشفافية للصوبة مرغوبة خلال فصل الشتاء، وتكون كمية الإشعاع الشمسي المتاح منخفضة نسبيًا. ومع ذلك، تدخل كميات كبيرة من الإشعاع الشمسي إلى الصوب خلال الموسم الصيفي الحار بسبب شفافيتها العالية. في حين أن الطبيعة الموصّلة لجدران الصوب الشمسية الجديدة النموذجية مصنعة من ماده عازله للحرارة. وللتغلب على المشكلة الأولى، لا يُسمح بدخول ضوء الشمس إلى الدفيئة إلا من خلال عدسات (Frensel lenses) المضغوطة والمثبتة على شكل صفوف في السقف فوق النباتات التي تنمو بشكل خطّيِّ تحته. بينما توضع العدسات المضغوطة مباشرة فوق صفوف النباتات المزروعة. وتعمل تلك العدسات كنظام إضاءة مثبت في السقف، وتوزع ضوء الشمس على النباتات فقط، أما الجدران المتبقية من الدفيئة فهي مغطاة بلفائف العزل الحراري، وبالتالي تمكننا من التغلب على المشكلة الثانية.
اختبارات ميدانية
وأضاف د. سعود: «يخضع النموذج الأولي للصوبة الزجاجية حاليًا لاختبارات ميدانية لتقييم المحصول في مزرعة (نباتي) في منطقة مكينيس، جنوب الدوحة، وخلال فصلي الصيف الماضيين (2018، 2019)، أثبتت الاختبارات الميدانية أنها مبشرة وواعدة للغاية، وتتطلع الوزارة إلى تطوير معايير الصوب الزراعية الأولى من نوعها في قطر باستخدام هذا النموذج الأولي كنسخة ابتدائية. من جانبه، ذكر الدكتور علي الخربوطلي استشاري إدارة البحوث الزراعية بوزارة البلدية والبيئة أن البحث يعتمد على استخدام عدد من التقنيات التي تستند إلى الثورة الصناعية الرابعة وتحولها إلى جزء لا يتجزأ من المجتمع الزراعي، وذلك بتطوير الصوب الزراعية ليس فقط من حيث التصميم والتصنيع ونظم التبريد والإضاءة، بل يتعدى إلى تغليف وابتكار بيئة للزراعة من المخلفات العضوية المحلية القابلة للتحلل ذات مواصفات خاصة للإنتاج التجاري. ومن المتوقع أن يتم استخدام البيئة الجديدة بديلًا عن البيئات المستوردة والمستخدمة حاليا في الزراعة. ويتم تنفيذ الخطة البحثية عن طريق عدد من حزم العمل التي تسير بشكل متوازي و/‏أو متقاطع طبقا للتداخلات بينها، حيث يأخذ فريق العمل من البحوث الزراعية على عاتقة العمل الأساسي في الاختبار الميداني للصوبة المطورة، في حين يقوم فريق كلية الهندسة بالعمل الأساسي في الحزم ذات التقنيات الهندسية والحسابات والتصميم. وأشار السيد حمد ساكت الشمري مدير إدارة البحوث الزراعية أنه لأجل تعزيز الأمن الغذائي المستدام فقد تم مشاركة إدارة البحوث الزراعية مع كلية الهندسة في جامعة قطر؛ وذلك لتطوير الصوب الزراعية بما يتناسب مع الظروف القطرية طبقًا لأحدث التقنيات في مجال الهندسة والزراعة، حيث تقوم إدارة البحوث الزراعية ممثلة بالطاقم البحثي بالتطوير والاختبار من الناحية الزراعية للتقنيات التي تطورها كلية الهندسة وتتكفل وزارة البلدية والبيئة بالمساهمة العينية من الأرض الخاصة بإنشاء الصوب الزراعية المطورة ومستلزمات الزراعة من ماء وكهرباء وبذور واسمدة وكيماويات. وتعتبر الصوب الجديدة نقله نوعية في مجال الزراعات المحمية والتي من المتوقع ان يتم زيادة الإنتاج بها كما ونوعا مع تقليل تكاليف التشغيل من طاقة واستهلاك للمياه , وأكد السيد مسعود جارالله المري، مدير إدارة الأمن الغذائي بوزارة البلدية والبيئة، على أهمية هذا المشروع ودوره الفعّال في دعم أهداف الوزارة نحو تحقيق الأمن الغذائي في قطر، وذلك من خلال تحقيق إنتاج مستقر للمحاصيل الزراعية على مدار السنة. كما أشاد بالتقنيات المبتكرة التي يعتمد عليها هذا المشروع في التبريد، حيث تستهدف تلك التقنيات تقليل الطاقة اللازمة للتبريد، وهو ما سيؤدي بدوره إلى تحسين كفاءة استخدام الطاقة والمساهمة في استدامتها.
copy short url   نسخ
21/09/2020
2004