+ A
A -
منى بابتي كاتبة لبنانية
كتب زوج ألماني رسالة إلى زوجته الأربعينية، يطالبها فيها بالعودة إلى طبيعتها الأولى قائلاً: «زوجتي الحبيبة، أرجوك أن تعودي إلى طبيعتك الرائعة، فلقد فقدت شهيتي في الحياة، وبت أشعر بالضجر والملل الشديدين، واشتقت إلى القليل من ملح الحب، لقد كان صوتك المرتفع وهو يخترق أذني يشعرني بمتعة الحياة، وكانت خلافاتنا من حين إلى آخر تشعرني بشيء من النشاط، ما بالك حبيبتي؟، لم أعتقد يومًا أن الخلاف معك كان متعة تضيف لحياتي المزيد من الحب، أرجوك حبيبتي، أضيفي لحياتنا القليل من ملح الحب رجاء، انا بانتظارك».
وعند قراءتي لهذا المقطع، شعرت للحظة الأولى بالذهول، ولكنني بعد أن صحوت من حلاوة كلماته، سارعت لإرسالها عبر الواتس لصديقاتي قائلة لهم، ممازحة إياهن: «صديقاتي العزيزات، أعتقد أن رجالنا يحتاجون إلى القليل من ملح الحب».
ومضى اليوم هادئًا، على الرغم من أن فكرة أن أعود إلى طبيعتي لم تفارقني لحظة، واكتشفت حقًا أنني انغمست مؤخرًا في العديد من الأمور، أنستني تمامًا إضافة القليل من ملح الحب إلى يوميات زوجي الغالي.
وعند المساء، ركنت إلى هاتفي، فوجدت مجموعة من الرسائل لم أتنبه لها بسبب وضع جوالي الصامت، وكانت المفاجأة التي أثارت لدي موجة من الضحك العارم مع رسالة صديقتي غنى.
تقول صديقتي غنى: «فور وصول رسالتك الغالية مني، أثارت لدي رغبة في أن أتأكد من مدى صحتها، فما كان مني إلا أن بحثت عن سبب تافه لأنطلق منه، وأمارس أحدث الطرق الفنية في ممارسة سياسة النكد، حرصًا على إضافة القليل من ملح الحب ليوميات زوجي الغالي، بدأت الأمر بشكل طريف ممازحة زوجي، وانتهى بي الأمر بشكل كارثي، فلقد تجاوز الخلاف ما كنت أرمي له من ممازحة دفعت زوجي لمغادرة البيت.
وبعد أكثر من 3 ساعات، ومحاولاتي اليائسة والمتكررة في مهاتفة زوجي، عاد زوجي إلى البيت وهو في شدة الغضب، ولم تنجح محاولات الاعتذار أو الصلح، وباءت جميعها بالفشل، عند ذلك قررت أن أعترف لزوجي بما رميت له، فأطلعته على الرسالة وأخبرته بأنني تحمست لمعرفة ردة فعله.
فما كان من زوجي إلا أن دخل غرفته صامتًا، وما هي الا لحظات حتى وصلتني عبر الواتس هذه الرسالة
زوجتي الحبيبة، أرجوك أن تعودي إلى الاهتمام بالأمور الطارئة التي فاجأتنا خلال هذه الفترة، من اهتمام بشؤون الأطفال للحؤول دون إصابتهم بالكورونا وإيلاء كافة التفاصيل في حياتنا المزيد من الاهتمام والرعاية، ليس هذا فحسب أتمنى منك أيضاً وأرجوك، أن تولي موضوع الدراسة هذا العام الأهمية القصوى فأطفالنا في حاجة لك في عامهم الدراسي هذا، وأحب أن أعلمك بأنني قد توقفت عن تناول الملح بشكل عام، بسبب الأضرار المصاحبة له، وبت أشعر بالنشاط والصحة، أرجوك يا زوجتي الحبيية، تابعي حياتنا بهذه الطريقة، فلقد اكتشفت أنك في الفترة الماضية كنت تكثرين من ملح الحب، مما أصابنا جميعًا في البيت بالإرهاق.
بعد ذلك أضافت صديقتي قائلة، لكن زوجي وبعد أقل من خمس دقائق، كتب لي ممازحًا: زوجتي العزيزة... قليل من ملح الحب.. لا يضر.. أنا بانتظارك... في المرة القادمة مع ملعقة إضافية من ملح كلماتك.
هنا أغلقت جوالي مبتسمة، وتوقفت عن الكتابة... لكنني وقبيل ان ألقي بقلمي جانبًا.. لا بد أن اخبرك سيدي القارئ، أن القليل من ملح الحب لا يضر... وهل هناك أجمل من ملعقة ملح من حب صاف ممزوج بكلمات عتاب تضيف للحياة الزوجية رونقها المتجدد.
copy short url   نسخ
19/09/2020
2061