+ A
A -
منال عمر عبده كاتبة سودانية
نيلنا الودود الرحيم ظل صامتا يراقبنا من بعد فقد ظل دائما يطمس معالم أخطائنا لكي يعطينا فرصا أخرى فالنيل هو الاب الذي لا ينتظر مصالح من ابنائه فهو يراهم كل يوم في منازلهم وفي ذهابهم لأعمالهم ومدارسهم فرحا بهم...
النيل هو الحاني الذي لا يمكنه ان يتذوق طعم الراحة الا براحة ابنائه فهو مصدر الحياة والرزق لهم وصمام الامان فمعه لا جوع ولاخوف...
النيل حروفه قليلة لكن عطاءه أكبر وأعظم فهو يحافظ علينا متماسكين لا يفرقنا شيء فهو لا يمل ويحمل لنا معه الرزق واسباب العيش فلولاه ما كانت حياة...
عند الهموم نسائمه تريح القلوب فهو الذي يسمع ولا يفشي الاسرار تلاطم امواجه القوية هي اهاته ولأنه امتلى بهموم ابنائه وبحسراتهم وآهاتهم..
فانت يانيل دائم الصير على شكوى المتعبين وولهه المحبين فانت دائم الدعم والتشجيع على استمرارية الحياة..النيل دفء لابنائه في الشتاء وفرحهم في الربيع فهو لا يزوره النوم حتى يطمئن على من في احضانه...
النيل يرعانا حين تغفو كل العيون عنا فهو الروح لنا عندما تتهاوى اجسادنا عند الابتعاد عنه ليس هناك أرق من سماع صوت أمواجه كانها تمدح الناجح وتوبخ وتدعم الفاشل...
اذن لماذا القسوة يا نيل....
نعرف انك ضقت بزلاتنا، فتحولت امواجك إلى خوف وحسرة اليوم جئتنا معاتبا فالعتاب القوي بقدر المحبة والخوف...
قسوت يا نيل وسالت دموع ابنائك، حتى باتت تساوي مياهك الثائرة برغم ذلك فابناؤك لن يرضوا بغير حضنك برغم جفافه وقسوته فخيوط العشق لا تنقطع لكن أصابها الحزن..
نعرف يا نيل انك غاضب من برود احساسنا ببعض وإهمال مشاعرنا لبعض فأردت ان تردنا لبعض ان تلملم خلافاتنا فأردت ان تقول لنا انك لا تنضب، وأن عطاءك حتى الموت لا ينتهي...
انه درسك لنا يا نيل بعد ان قست قلوبنا، وتفرقنا لم نعد يدا واحدة كما كنا فقسوتك يانيل ليست هباء ولكنها رسائل منك لنا لكي نبتعد عن الخلافات ان نحب بعضنا اكثر وان نعمل أكثر ونثق في بعضنا أكثر وأكثر وان نعمل اكثر لكي نحفظ العهد بيننا، وان نخرج من حالة صمت المشاعر التي اصـــابتنا...
تريدنا يا نيل ان نكون متحدين مترابطين في خدمة الوطن، ورفعة شانه وعدم السماح باعمال العنف والشر بيننا وان نقضى على الفتن التي تحدث بيينا وننبذ التعصب والقبليية، لقد فقدت يا نيل الكثير الكثير من ابنائك...
ثورتك يا نيل ربما تذكرنا بانك قادر على استيعابك لنا، وانك تسنطيع ان يعم خيرك وعطاءك لكل ابنائك....
لكن رسالتك هذه المرة كانت اقسى؛ فقد كان وجع الام والاب والاخ والاخت اكبر، وكثيرون فقدوا المأوى والملاذ..
بقدر قساوة التيار إلا انها وقفة مع النفس لكى تتنزع من كل منا ما كانوا عليه فقد تخلصنا من الاوحال ومستنقعات التغييرات التي تنتشر بيننا كل يوم، نزيل عنها تراكمات الاتربة الزمنبة التي علقت بنا بارواحنا ونحاول ان نفتش عن ذلك الضوء الذي بداخلنا ان تعيده لانه امسى يختفى شيئا فشيئا واصبح يتضاءل يوم بعد يوم...
فما حدث لنا قد يكون نقطة لبداية جديدة لكي ندرك أن نبذل مجهودا اكبر وان نتدارك اخطاء الماضي وان نتحد...
رسالتك وصلت يا نيل.........
copy short url   نسخ
19/09/2020
3156