+ A
A -
لم تخرق المشاورات التي أجراها رئيس الجمهورية اللبناني العماد ميشال عون على مدى يومين الجمود الحاصل على الساحة الداخلية اللبنانية، خصوصاً لناحية تليين الموقف الشيعي من المشاركة في الحكومة، ما أدى إلى ابقاء الكرة في ملعبه، بانتظار ما ستحمله الساعات المقبلة.
فالرئيس عون بات أمام خيارين لا ثالث لهما، وعليه أن يقرر اليوم قبل الغد على أي ضفة سيقف، فتأييده مبدأ المداورة بما يشمل حقيبة المالية تختلف وجهات النظر في قراءته، إذ ثمة من يعتبر بين المتابعين أن في موقفه هذا مؤشراً على كونه لن يخاطر ويخلف وعده مع ماكرون بل سيمضي قدماً في موجبات المبادرة الفرنسية ويوقع مراسيم التأليف ليغسل يده من ذنب تعطيلها، أما بعض المصادر المواكبة الأخرى فلا تستبعد أن يكون تأييد المداورة مجرد «مناورة» ضمن إطار لعبة توزيع الأدوار بين الرئاسة الأولى وبين الثنائي الشيعي لكي لا ينقطع حبل التواصل مع الفرنسيين بالتزامن مع السعي إلى توسيع هوامش المبادرة الفرنسية وتحقيق أكبر قدر من المكتسبات في تطبيقاتها، فإذا حقق الثنائي مطلبه في إبقاء وزارة المالية تحت قبضته وسمّى هو وزراءه الشيعة في الحكومة عندها سينسحب ذلك حكماً على مختلف الأفرقاء ليعود القديم إلى قدمه في تركيبة الحقائب وتسمية الوزراء.
حصيلة المشاورات تجاذب ومأزق
إذا استكمل الرئيس ميشال عون مشارواته مع رؤساء الكتل النيابية للاستماع إلى وجهات نظرهم حول تشكيل الحكومة، فالتقى كلا من رئيس كتلة «الوسط المستقل» الرئيس نجيب ميقاتي، ورئيس كتلة «ضمانة الجبل» النائب طلال أرسلان، ورئيس كتلة «نواب الأرمن» هاغوب بقرادونيان، ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، والنائبين علي حسن خليل ومحمد خواجة عن كتلة التنمية والتحرير، واتصل الرئيس عون بعد انتهاء المشاورات بالرئيس المكلف مصطفى اديب، وطلب منه الحضور إلى قصر بعبدا من أجل إطلاعه على نتائج مشاوراته.
وذكرت صحيفة «اللواء» اللبنانية ان رعد أبلغ عون «تمسك الثنائي الشيعي بحقيبة المال للطائفة الشيعية وبتسمية وزرائهم في الحكومة»، اما علي حسن خليل فأبلغ رئيس الجمهورية «التمسك بوزارة المال وتسمية الوزراء بالتوافق والتشاور مع الرئيس المكلف»، كما نصح ممثلي الثنائي بعدم اعتماد حكومة مصغرة وعدم تسلم الوزير أكثر من حقيبة وزارية.
ونقلت «اللواء» عن كتلة التنمية قولها إن: الرئيس بري أعلن موقفه من اليوم الأول حول الموضوع، ولكن نحن مستعدون لإقتراح العديد من الاسماء غير الحركية أو الحزبية ليختار منها الرئيس اديب، وكلما رفض اسماء نعطيه اخرى، وأشارت المصادر إلى تنسيق تام بالموقف ذاته بين حزب الله وحركة امل حول موضوع حقيبة المال، مع الانفتاح على التعاون مع الرئيس اديب للتوصل إلى تسمية شخصية مقبولة، لكن المهم ان ينفتح الرئيس اديب على التشاور مع الكتل التي ستعطيه الثقة وستتعاون معه في إنجاز القوانين التي سترسلها حكومته إلى المجلس.
كذلك رفضت معظم الكتل ان يُسمّي الرئيس المكلف أو طرف ما وزراءها من دون التشاور معها.
وأكدت مصادر بعبدا أن الرئيس عون لم يحدد مهلة معينة لتشكيل الحكومة ولكن المهلة ليست مفتوحة، وهو مصر على الانتهاء من التشكيل سريعاً، وهو كان مستمعا ولم يعط أو يفرض رأيه، ولم يتبنَ أي وجهة نظر. بينما قالت مصادر اديب انه لن يقدم تشكيلة حكومية وفق ما تريده القوى السياسية، وهو متمسك بخياراته وثوابته في التشكيل ويفضل الاعتذار على تشكيل حكومة وفق المعايير السابقة.
وأفادت المعلومات أن التشاور بين التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي تواصل في الساعات الاخيرة على اعلى المستويات من أجل البحث عن مخارج للأزمة تحول دون سقوط المبادرة الفرنسية التي يحتاجها الجميع.
خيار الاعتذار
الى ذلك، نقلت صحيفة «اللواء» عن مصادر سياسية قولها انه أمام انسداد أفق الحل في الملف الحكومي فإن كل السيناريوهات تبدو مفتوحة، وأشارت إلى تواصل سيتم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حيث سيتم وضعه في جو مصير المبادرة الفرنسية من باب رغبته بالمساعدة وطرحه للمبادرة وقد طرأ ما طرأ على المبادرة والوضع الداخلي ما يحتم التقييم وبعد ذلك كل الخيارات تبقى واردة.
وتخوفت هنا من سيناريو سلبي يطرأ على لبنان ما لم يتوفر بديل للحل الفرنسي وأشارت إلى ان تعويم المبادرة الفرنسية وارد وقد لا يكون بمعنى انها أجهضت.
ومن هنا فإن خيار الاعتذار هو أحد أبرز الخيارات الجدية. وتقول مصادر مطلعة على موقف الرئيس المكلّف انه «ليس متمسكاً بالتكليف ولا يريد تحدي أي طرف كما لا يريد ان يتخلى عن مبادئه بتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين غير منتمين سياسياً، فحكومته هي «حكومة مهمة» وهو الذي يسمي الوزراء وهو ليس سياسياً لتكون حكومته أو وزراؤها سياسيين أو ممثلين لسياسيين.
وتشير المصادر المطلعة نفسها لـ «النهار» إلى ان أديب لا يريد معركة مع احد ولا يريد السير بوجه طائفة أو أي طرف واذا لم يكن مدعوماً من كل الاطراف فلن تكون «حكومة المهمة» قادرة على إنجاز المهمة المطلوب إنجازها في اشهر قليلة؛ لذلك، تقول المصادر إن الاعتذار يشكل أحد أبرز الخيارات الجدية لدى الرئيس المكلّف، وهو لا يريد إضاعة المزيد من الوقت، والاعتذار هو لإفساح المجال أمام محاولة ايجاد فرصة جديدة للحل.
انطلاقاً من هذه المعطيات، من المتوقع ان يعتذر أديب عن التكليف بعد التشاور مع رئيس الجمهورية، خصوصاً اذا لم يطرأ تدخل فرنسي لانقاذ المبادرة والحكومة قبل الوصول إلى هذا القرار الذي يعني عملياً انتهاء المبادرة الفرنسية، والدخول في مرحلة جديدة من الغموض.
وتوقعت المصادر لـ «اللواء» ان يزور الرئيس المكلف قصر بعبدا اليوم بعدما تواصل مع رئيس الحمهورية الذي كان قد تواصل في وقت سابق مع رئيس مجلس النواب.
وقالت ان عون سيطلع اديب على نتائج المشاورات بعدما استمع إلى وجهة نظر رؤساء الكتل والممثلين عنهم دون فرض رأيه وأفادت انه لم يتبن أي رأي، مؤكدة انه سبق وأعلن تأييده المداورة الشاملة على ان تكون جميع الأطراف موافقة عليها.
copy short url   نسخ
19/09/2020
1630