+ A
A -
بدأت كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة في تنفيذ مهمة دقيقة تسعى إلى توثيق وجمع وفهرسة نسخ من المعاهدات التي عقدها النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع المجتمعات غير المسلمة.
بدأ هذا المشروع، الذي يقوده الدكتور إبراهيم زين، أستاذ تاريخ الأديان بكلية الدراسات الإسلامية، في عام 2017، ويستند على كتاب جون أندرو مورو «معاهدات النبي محمد مع مسيحيي العالم»، وهو كتاب صدر في عام 2013 يوثق المعاهدات التي وقَّعها النبي مع المجتمعات المسيحية.
وقبل نشر ذلك الكتاب، لم يقم أحد بجمع وترجمة نسخ من تلك المعاهدات، التي كانت موجودة في الأديرة ومسجلة في التاريخ الكنسي، وإتاحتها للجمهور على نطاقٍ أكبر. ويتعمق الكتاب كذلك في سرد تفاصيل موسعة ومناقشة معاهدة عقدها النبي محفوظة في دير سانت كاترين الواقع فوق قمة جبل موسى بمحافظة شمال سيناء. وتشير كتب السيرة إلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يتردد على الدير أثناء شبابه في إطار رحلاته التجارية إلى سوريا وفلسطين.
وحول هذا المشروع، قال أحمد الوكيل، الباحث في كلية الدراسات الإسلامية وأحد العاملين في هذا المشروع: «ادعت كل من السير المسيحية واليهودية والزرادشتية والسامرية أنها حصلت على مواثيق حماية من النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وتحظى المعاهدة الموجودة في دير سانت كاترين بأهمية خاصة لأن الهيئات الإسلامية صدقت على صحتها مرارًا وتكرارًا. وعلى الرغم من أن بعض تفاصيل المعاهدات قد تكون محل خلاف، إلا أن هناك درجة معينة من الاتساق بين الوثائق الصادرة إلى المجتمعات الدينية المختلفة، وهو ما يعني أن جميع هذه الوثائق صدرت من مصدر مشترك وأنها في المجمل دقيقة من حيث النص».
التعصب بين الأديان
نظرًا لأن الدين الإسلامي لا يزال يتعرض لمختلف أشكال الإسلاموفوبيا والخطابات المناهضة، فقد أصبح من الشائع الآن اتهام الإسلام بأنه في جوهره دين غير متسامح. وذكر أحمد الوكيل أنه رغم أن المسلمين ربما يكونون قد ارتكبوا أشياءً غير مواتية في التاريخ، لا يزال من المهم محاولة فهم رؤية النبي في محاولة بناء الجسور بين الناس من جميع الأديان، ويعتقد بأنه يمكن تقديم أسباب كافية تصب في مصلحة المعاهدات وتبرز أصالتها التاريخية.
وقال الوكيل إن «رفض هذه الوثائق كان في وقت من الأوقات حجة مقبولة بين الأكاديميين لأن العلماء كانوا ينظرون إلى الوثائق بمعزل عن بعضها البعض. ومع ذلك، لا توجد الآن أسس أكاديمية متينة لتقديم مثل هذه الحجج. فكيف يمكن للعلماء دحض أوجه التشابه التي نجدها بين العهود الممنوحة للمجتمعات اليهودية والمسيحية والزرادشتية والسامرية؟ حتى لو افترضنا جدلاً أنه كان هناك بعض التفاعل فيما بينهم، فلا يوجد دليل على أنهم «استعاروا» نصوصهم أو اختلقوها من بعضهم البعض. وكان من الممكن أن تكون هذه عملية غير محتملة لتزوير هذه الوثائق».
وتابع قوله: «مثل ما حدث لغالبية رسائل ومعاهدات النبي وأصحابه، لم تعد المعاهدات الأصلية موجودة أيضًا، حيث إن كلمة «الأصالة» من الكلمات التي لا يشعر الكثير منا بالراحة تجاهها».
copy short url   نسخ
17/09/2020
2223