+ A
A -
خالد وليد محمود كاتب عربي
في 21 نوفمبر من العام 1949 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يقضي بمنح ليبيا استقلالها في موعد لا يتجاوز الأول من يناير 1952 م، وكُوّنت لجنة لتعمل على تنفيذ قرار الأمم المتحدة ولتبذل قصارى جهدها من أجل تحقيق استقلال كامل التراب الليبي ونقل السلطة إلى حكومة ليبية مستقلة. وقبل هذا الإعلان، دار حوار بين الرئيس الفرنسي آنذاك فانسان أوريول والمناضل الليبي المعروف عبد الحميد العبار.
وخاطب الرئيس أوريول بلغة استعمارية مقيتة الوفد الليبي في الأمم المتحدة قائلا «أنتم رعاع لا تستحقون الاستقلال».
هذا الاستفزاز اللفظي قابله عبد الحميد العبار برد مفحم حيث أجابه قائلا «نحن حاربنا إيطاليا 20 عاما وأنتم احتلكم هتلر في ثلاثة أيامّ، من منّا يستحق الاستقلال»؟! فبُهِت الرئيس الفرنسي بالرد القوي للشيخ الليبي والتزم الصمت ولم ينبس ببنت شفة.
إن رد الشيخ العبار يختصر حكاية هذه الأمة بتاريخها الطويل، فهي تمرض لكنها لا تموت وتغفو لكنها لا تنام وتخبو لكنها لا تطفأ أبدا. هذه الأمة لم تبخل يوما بدفع الثمن من دمائها وأموالها. فقد قدمت في سبيل عزتها وحريتها كل غال ونفيس، هي بالأساس أمة ثائرة مضحية، ربما يطول صبرها، ولكنها كالحليم إذا غضب لا يردّه رادّ ولا يوقفه أحد.
قد يقول قائل إن الشعوب ألهتها صراعات البقاء، وقلق البحث عن لقمة العيش؛ وهذا صحيح، لكنها ستخرج يوما من قمقمها، فالشعوب الحية ذات كرامة وعزة، لا تقبل الاستغلال والذل والمهانة، ولا تطيق أن تكون أعداد أغنام في حظيرة الاستبداد.
وتظل مفاهيم «العزة» و«الكرامة» و«الشرف» على الدوام موجودة في أمتنا نرعاها ونغذيها ونستزيد منها، ولكن ذلك ينبغي أن يكون مقرونا بالإنجاز والبناء والتنمية لا بالخصومة مع الآخرين والتعدّي عليهم ومحاربتهم.
وأخيرا، مهما حصل وسيحصل، سنبقى محكومين بالأمل كما قال سعد ونوس.. وقطعا ما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ..
copy short url   نسخ
16/09/2020
171