+ A
A -
السباق الانتخابي بين الرئيس الجمهوري دونالد ترامب ومنافسه الديمقراطي جو بايدن يقترب من أمتاره الأخيرة، ولا يبدو أن أحدهما أقرب للمنصب من الآخر، مما يطرح تساؤلات بشأن ما قد يحدث في حالة فشل أحد المتنافسين من الحصول على الأغلبية المطلوبة للفوز، هل يعود الأمر للكونغرس أم للقضاء؟
سيناريو لم يحدث منذ قرنين
تبقى نحو ستة أسابيع فقط على موعد التصويت الشعبي المقرر له 3 نوفمبر المقبل، لكن النظام الانتخابي الأميركي -الذي لا يوجد له مثيل حول العالم- لا يعطي وزناً كبيراً لذلك التصويت، حيث إن النتيجة الرسمية للانتخابات الرئاسية لا تظهر إلى بعد شهر تقريباً وذلك من خلال المجمع الانتخابي.
ويجتمع المجمع الانتخابي بعد شهر تقريباً من التصويت الشعبي، حيث يدلي ممثلو كل ولاية بأصواتهم ومن يحصل على أعلى الأصوات من المتنافسين على الرئاسة يتم إعلانه فائزاً، وينتظر الأميركيون تلك المناسبة لمعرفة من هو الرئيس رقم 46 للولايات المتحدة، ترامب ونائبه مايك بنس أم بايدن ونائبته كامالا هاريس.
وتبلغ أصوات المجمع الانتخابي 536 صوتاً، موزعة على الولايات الخمسين حسب عدد السكان، ولا بد للمرشح الفائز أن يحصل على 270 صوتاً على الأقل، وهنا يأتي السؤال: ماذا لو لم يحصل أي من المتنافسين على ذلك العدد؟ وهل حدث مثل هذا السيناريو من قبل؟ نعم، حدث هذا السيناريو قبل قرنين من الزمان تقريباً وبالتحديد في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 1824، ووقتها توزعت أصوات المجمع الانتخابي بين أربعة مرشحين هم أندرو جاكسون وجون كوينسي آدامز وويليام إتش كروفورد وهنري كلاي، وعلى الرغم من أن جاكسون كان حاصلاً على أعلى الأصوات الشعبية وكذلك أعلى الأصوات في المجمع الانتخابي، إلا أنه لم يحصل على الأغلبية المطلقة في المجمع الانتخابي (270 صوتاً)، وبالتالي لم يتم إعلانه رئيساً، بل جاء دور مجلس النواب الذي فاز من خلاله آدامز بالمنصب.
لماذا يبدو السيناريو وارداً هذه المرة؟
ربما يتبادر إلى الذهن أن مثل هذا السيناريو لم يحدث في الولايات المتحدة منذ قرنين من الزمان، فلماذا تتم دراسته أو الحديث فيه الآن؟ لكن المتابع لأجواء السباق الرئاسي الحالي بين ترامب وبايدن والاستقطاب الحاد الذي يشهده المجتمع الأميركي منذ وصول ترامب للرئاسة قبل أربع سنوات، يدرك جيداً أن كل شيء وارد الحدوث بالفعل في الانتخابات المقبلة.
والحقيقة أن سيناريوهات متعددة تغلف الانتخابات المقبلة، بعضها كارثي كأن يرفض ترامب أو بايدن الاعتراف بالنتيجة أو أن يتأخر حسم النتيجة إلى ما بعد ظهر يوم 20 يناير من العام المقبل وهو الموعد المحدد لنهاية فترة ترامب الرئاسية الحالية لأي سبب من الأسباب، سواء التشكيك في التصويت عبر البريد أو رفع قضايا أمام المحاكم المختلفة أو غيرها من الأسباب، لكن سيناريو التعادل بين ترامب وبايدن في أصوات المجمع الانتخابي أيضاً وارد، وقد نشر موقع The National Interest تقريرا عنه بعنوان: «ترامب vs بايدن: ماذا سيحدث إذا لم يعلن المجمع الانتخابي فوز أي منهما؟».
ويرصد تقرير المجلة الأميركية احتمالات حصول بايدن على 257 صوتاً في المجمع الانتخابي مقابل حصول ترامب على 239 صوتاً فقط، مع حصول مرشح ثالث المرشحين الصغار على 69 صوتاً، وهو ما يعني فشل بايدن وترامب في الوصول للرقم السحري 270 صوتاً المطلوب للفوز بالرئاسة.
وفي هذه الحالة، يتم اللجوء لمجلس النواب من أجل حسم المنصب قبل ظهر 20 يناير 2021، وهو بالتأكيد ما لن يكون أمراً سلساً في ظل الاستقطاب الحاد داخل المجلس من ناحية وفي ظل العداء المعلن بين رئيسة المجلس الديمقراطية نانسي بيلوسي وترامب الجمهوري، إضافة إلى أن عدم تكرار هذا السيناريو منذ نحو 200 عام يجعل الأمر معقداً ومفتوحاً على كل الاحتمالات.
كيف سيتم حسم المنصب في الكونغرس؟
وفي هذه الحالة لا يتم اللجوء للقضاء إذن، بل يصبح الأمر منوطاً بالكونغرس أو البرلمان الأميركي الذي يتكون من مجلسي الشيوخ والنواب، لكن حسم منصب الرئاسة في هذه الحالة منوط بمجلس النواب الذي يتمتع فيه الديمقراطيون بالأغلبية حالياً، لكن يمكن أن يتغير هذا الأمر في نوفمبر المقبل.
فالانتخابات الأشرس في التاريخ الأميركي الحديث والتي تحل في نوفمبر المقبل لا تقتصر على تذكرة الرئيس ونائبه، بل تشهد أيضاً انتخابات في الكونغرس بمجلسيه شيوخاً ونواباً كما تشهد انتخابات الحكام في بعض الولايات، وبالتالي فإن أغلبية الديمقراطيين الحالية في مجلس النواب ربما تتحول لصالح الجمهوريين، كما أن أغلبية الجمهوريين الحالية في مجلس الشيوخ ربما تصبح ديمقراطية. وتنص المادة الثانية من الدستور الأميركي والتي تم إضافة التعديل رقم 12 عليها لاحقا أن مجلس النواب هو الجهة التي تمتلك سلطة تحديد النتائج الرسمية للانتخابات حال حدوث نتائج غير محسومة، مثل السيناريو الذي نتحدث عنه هنا، ويسمى هذا الإجراء الدستوري بالانتخابات الطارئة.
وسيكون على أعضاء مجلس النواب الاختيار بين المرشحين الثلاثة الحاصلين على أعلى الأصوات في المجمع الانتخابي -هناك مرشحون كثر في الانتخابات الرئاسية وليس فقط ترامب وبايدن- من خلال التصويت المباشر، لكن عملية التصويت هنا تختلف عن التصويت المعتاد على مشاريع القوانين في المجلس.
يصوت النواب المنتخبون عن كل ولاية ككتلة واحدة وصوت واحد، بغض النظر عن الوزن النسبي لكل ولاية أو عدد ممثليها في مجلس النواب أو عدد سكانها، ولا بد للمرشح الفائز أن يحصل على الأغلبية البسيطة من أصوات الولايات، أي أن الفائز هنا يحتاج على الأقل لأصوات 26 ولاية من الولايات الخمسين.
copy short url   نسخ
16/09/2020
314