+ A
A -
يمكننا أن نكون سعداء لمقابلة صديق جديد أو شريك حياة أو حتى زميل، يمكننا أن نندفع إلى الأشياء دون أن نأخذ الوقت الكافي لكى نراقب شخصا ما لكي نعرف إذا كان مناسبا لنا، غالبا ما نخلق خيالا لشخص ما بدلا من أخذه على حقيقته، وللإسف فإن الخطأ يقع علينا عندما ننتهى بشركاء حياة أو أصدقاء سامين...
إن السموم قد تكون في مأكل أو مشرب أو حتى بيئة، ولكن هناك نوعا من السموم غير مباشر موجود بيننا، فالسموم التي ذكرناها تؤذي الجسد ولكن هناك سموما تؤذينا جسديا ونفسيا فتعصف بكل ماهو آمن وجميل بداخلنا، ألا وهي العلاقات السامة...
إذا تطرقنا لتعريف العلاقات السامة هي علاقة بين طرفين مبنية على مصلحة الآخر دون حب ويأخذ كل ما يريد من الطرف الآخر ولا يترك له سوى الأذى والتعب...
قد تكون العلاقات السامة هي وجود نمط متكرر من السلبيات بين الطرفين قد يشمل الغيرة القاتلة والاستغلال والرغبة في الهيمنة والأنانية والرفض...
ولأن للعلاقات السامة أثرها السلبي على الفرد لأنها تدمر ثقة الفرد بذاته فتمتص طاقته لأن أي علاقة تتضمن صراعا على السيطرة خاصة في بدايات الارتباط فكلنا نخطئ ونتشاجر حيث لا توجد علاقة يمكن وصفها بالمثالية...
أجري بحث على عدة أجيال بهدف معرفة الفرق المؤثر في حياة البشر بعد أن يعيشوا سنوات طويلة وفي بداية دخول المبحوثين للدراسة كان اعتقادهم ما سيشكل فارقا جوهريا في حياتهم هو المال أو الشهرة أو الحفاظ على الجمال والمظهر لكن ما اكتشفه الباحثون أن ما أثر عليهم هو وجود علاقات طيبة وصحية في حياتهم علاقات بها قرب وحب وتراحم...
أما الجزء الآخر فقد ظهرت على نفسياتهم وأجسادهم عوامل الزمن فقد كانوا يعانون في علاقاتهم مع الآخرين مما جعل قدرتهم على تحمل الألم الجسدي والنفسي أقل..
إن للعلاقات السامة أنماطا كثيرة منها العلاقات مع الشخصيات النرجسية فهي علاقات مستهلكة ومستنزفة على كافة المستويات ومن يكون في هذه العلاقة لا يرى الا نفسه فيرى أن كل ما يفعله أو يقوم به هو أعظم ما يكون وعلى شريكه دوما أن يكون ممتنا للقدر الذي جمعهم به..
أيضا من انماط العلاقات السامة العلاقة مع الشخصيات الاعتمادية وهو أن يكون أحد طرفيها معتمدا بشكل تام على الآخر يحتاجه أغلب الوقت فلا يتحمل مسؤولية أي شيء، سلبي وعلى استعداد دائم لدفع أي ثمن مقابل رضا شريكه..
ايضا من انماط العلاقات السامة الشخصيات السيكوباتية هي علاقة مؤذية ومحطمة فقد تبدو الشخصية ودودة لكنها في الحقيقة لا تشعر بأحد فهي كتلة من الاذى لنفسها ولمن يحيط بها لكنها مغلفة بقطعة من السولفان اللامع فمن سماتها التلاعب بالكلام والمواقف والتصرفات المبهمة، قادرة على توريطك وقلب الطاولة عليك وبعنف..
كما أن هناك علاقات سامة مع شخصيات التملك والشك صفتهم الغالبة مما يؤدي لتدمير الفرد لأن هذه الشخصيات تتدخل في حياتك وتستشري في جوانب حياتك فتمتلكك، مما يؤدي إلى سلب ارادتك تماما...
هذه تعتبر بعض النماذج للعلاقات السامة التي قد تكون في أي علاقة سواء صداقة أو زواج أو زمالة أو مع مدير أو جار أو أي شكل من اشكال العلاقات الموجودة في حياتنا...
لذا يجب أن يكون هناك قرار صارم بالخروج من العلاقات السامة أو ما يجب فعله هو أن تصارح الطرف السام بعدم قبولك بطريقته في التعامل، أما إذا رفض الطرف الآخر وبدأ بالتمادي في إيذائك، هنا يجب أن تكون اكثر قسوة وحسما وتنهي العلاقة...
ان ادراك انك في المكان غير الصحي هو من اهم الخطوات التي تساعدك في التخلص من العلاقات السامة.. أن تشعر وانت في العلاقة بالحزن وعدم الراحة والسلبية التي تسيطر عليك تدرك مدى سمية العلاقة التي انت فيها...
اما إذا تحدثنا عن العلاقات الصحية فقد نشعر دائما اننا موجودون وحاضرون دائما معهم وان الطرف الآخر حتى لو كان غائبا فهو موجود دائما معك...
ان التقبل غير المشروط والاحترام المتبادل هو السمة الغالبة على العلاقة.. وهذا ليس معناه الموافقة الدائمة على أفعال الآخر لكنه تقبل نقاط الضعف والقوة ومواطن الضعف والفشل وان يكون دائم الاستعداد لمساعدتك في التعبير وليس الانتقاد...
في العلاقات الصحية يجب الابتعاد عن الحكم على الآخر سواء كان الحكم دينيا أو أخلاقيا أو قانونيا..
في العلاقات الصحية يسيطر عليك الشعور الدائم بانك مكان الطرف الآخر وذلك يساعدك على فهم الطرف الآخر في أي موقف بينكم بذلك من السهل حدوث التسامح والتقبل لأخطاء الطرف الآخر...
العلاقات الصحية تكون دائما خالية من التمثيل عليك وان تكون فقط نفسك دون تجمل....
العلاقات الصحية لا تكون أبدا بين اثنين فقط فهذا النوع من العلاقات المكتفي بالآخر فقط مـــــؤذٍ لكلا الطرفين....
اذن لكي تصلح حياتنا ولحظاتنا علينا ملاحظة نوع العلاقات التي في حياتنا حتى لو كانت أقرب الناس إلينا لأن تأثير العلاقات على الإنسان كبير ومهم، فالمجتمعات يقاس تقدمها وصحتها بمدى صحية العلاقات الموجودة فيها...
copy short url   نسخ
15/08/2020
5406