+ A
A -
أيام وأسابيع قليلة وستعود الحياة الدراسية لسابق عهدها -بإذن الله تعالى- في العديد من بلدان العالم، وذلك بعدما فرضت جائحة كوفيد- 19 العديد من الأمور والمظاهر والسلوكيات التي انعكست على حياة البشر في مختلف أرجاء العالم، ولا يخفى علينا ما أحدثته هذه الجائحة من أمور جديدة على الأنظمة التعليمية على مستوى العالم بأسره، فقد رأينا خلال العام الدراسي المنصرم أن بعض الأنظمة التعليمية قد قلصت العام الدراسي، وبعضها قد اكتفى بما تم تدريسه للطلاب خلال فترة ما قبل الجائحة، وبعضها قد أكمل العام الدراسي مستخدما تقنيات حديثة من خلال نظام التعلم عن بعد وغيره، وقد أثبتت تلك التقنيات نجاحها وساهمت بصورة كبيرة في تحقيق أهداف العملية التعليمية وإكمال العام الدراسي بنجاح واقتدار وإكساب الطلبة الجوانب المعرفية والعلمية والمهارية بصورة تضمن استكمالهم للدارسة في الصفوف والمراحل القادمة بمستوى عال من الجودة والتميز.
والسؤال الآن: هل النجاح في عودة المدارس والجامعات إلى سابق عهدها مرهون فقط بالقائمين على تلك الجهات؟
الإجابة وبوضوح تام: لا؛ فلابد من تكاتف المجتمع المدني بأسره وتلاحم وتعاون جميع مؤسساته مع المؤسسات التعليمية المختلفة، ولابد من تفعيل مبدأ المسؤولية المجتمعية بصورة جادة تضمن تحقيق الأهداف التعليمية المرجوة لأبنائنا وبناتنا في مختلف المراحل التعليمية، وتعتبر المسؤولية المجتمعية دون أدنى شك حجر الزاوية والركيزة الأساسية في النهوض الحقيقي بالمجتمعات وتحسينها وتحقيق الازدهار والتقدم والرقي والرخاء لها.
فمما لاشك فيه أن العالم قبل جائحة كوفيد- 19 سيختلف كثيرا عن العالم بعد هذه الجائحة وبعد زوالها بإذن الله تعالى؛ فقد فرضت تلك الجائحة على العالم العديد من التحديات والأمور الصعبة، وجعلت من نظام «التعلم عن بعد» ضرورة حتمية، بعدما فرض نفسه على الساحة التعليمية والتربوية في الآونة الأخيرة، وبعد ما حققه من نجاح في مساعدة العديد من البلدان في استكمال العملية التعليمية خلال العام المنصرم، الأمر الذي جعل عددا من الباحثين والمختصين في هذا النوع من التعليم ينادون بضرورة تطبيقه في المدارس والجامعات وضرورة أن يكون نظاما معتمدا وموازيا لنظام التعلم المعتمد حاليا.
وهانحن الآن نجد ونلاحظ يوما بعد يوم ما تقوم به الأنظمة والمؤسسات التعليمية المختلفة من ممارسات وجهود متميزة نحو توظيف واستثمار التكنولوجيا الحديثة والتحول نحو التعلم الرقمي من خلال منظومة التعلم عن بعد، تلك المنظومة التي أثبتت جدارتها، وقدرتها على إحداث نقلة نوعية في عمليتي التعليم والتعلم في ظل الظروف الراهنة التي جعلت من التعليم عن بعد ضرورة حتمية، وكذلك جهود تهدف لإكساب المتعلمين دورا رئيسا ومهما في عملية تعلمهم وقدرا كبيرا من تحمل مسؤولية تعلمهم بأنفسهم بدعم وتعزيز مباشر من معلميهم ومعلماتهم وأولياء الأمور كافة.
كما تحتاج منا المرحلة المقبلة لضمان النجاح في عودة المدارس والجامعات إلى سابق عهدها إلى التكاتف والتعاون والمشاركة والعمل على التوعية التامة والمستمرة لجميع الأفراد، والتحلي بكافة الإجراءات الاحترازية التي باتت معروفة للجميع الآن أثناء التعلم الصفي المعتاد أو التعلم عن بعد أو أثناء تطبيق نظام «التعليم المدمج»، وهو نظام تعليمي خاص يتم فيه المزج بين خصائص كل من التعليم الصفي التقليدي والتعلم عبر الإنترنت في نموذج متكامل، مستفيدا من أقصى التقنيات والإمكانات والمزايا المتاحة لكل منهما، وهو يعتبر أحد أشكال أنظمة التعليم التي يندمج فيها التعلم الإلكتروني مع التعلم الصفي التقليدي في إطار واحد، حيث توظف أدوات التّعلم الإلكتروني بشكل يتيح للطلبة فرصا متنوعة للتعلم دون لقاء المعلمين بصورة مباشرة في بعض الأوقات، فهو نظام يجمع بين التعليم الصفي المباشر والتعليم الإلكتروني والذي يتم عن بعد دون الحاجة لذهاب الطلبة للمدارس أو الجامعات.
وأخيرا أقول: إننا بتكاتفنا جميعا نصل لجيل متميز مسلح بالعلم والمعرفة والتكنولوجيا، جيل قادر على استشراف المستقبل وريادته باقتدار.
copy short url   نسخ
15/08/2020
990