+ A
A -
السنوسي بسيكري مدير المركز الليبي للبحوث والتنمية
وفد أميركي، دبلوماسي عسكري، ليس رفيعا ولكنه يمثل الإدارة الأميركية، يستأنف جهدا أميركيا لاحتواء التوتر على حدود سرت. فقد بات جليا أن الأطراف الدولية تسعى لتجنب مواجهات في المنطقة، ويبدو أن صدى الجهود الأميركية بات يسمع هنا وهناك.
المجلس الرئاسي أعلن أنه يستجيب للحوار في حال ضمن أن قوات حفتر لن تكون في موقع يمكنها من الهجوم والاعتداء على حكومة الوفاق، وأكد الاستعداد للحوار أيضا رئيس المجلس الأعلى للدولة بقوله إن جبهة الوفاق مستعدة للتفاوض. وكانت مساعي دولة المغرب لاحتضان مسار تفاوضي جديد «صخيرات 2» تتناعم وهذا الاتجاه.
أما على مستوى الأطراف الإقليمية والدولية، فإن تبدلا ملحوظا طرأ على تصريحات المسؤولين الأتراك، كما أن هناك رابطا بين الدبلوماسية الإيطالية التي نشطت خلال الأسبوعين الماضيين وبين خطة واشنطن لاحتواء فتيل الحرب. أيضا تسير تصريحات المسؤولين الأوروبيين في هذا السياق.
ما لم يتضح بعد هو إطار الحراك الأميركي ومحور ارتكازه، إذ لم يفصح الساسة الأميركان عن مقاربتهم لاحتواء التوتر في سرت والجفرة والحقول والموانئ النفطية، وهل يقوم تحركهم على أساس من المبادرة الأوروبية التي تدعو إلى أن يتم تحييد الهلال النفطي عن دائرة النزاع وتأمينه بقوات أممية أو ربما أوروبية.
ما طمأن حكومة الوفاق والحليف التركي هو إخراج سرت من النزاع بتسليمها لقوات تابعة للوفاق، لكن لم يتم الحديث عن الجفرة، كما لم يتم تحديد مصير القوات التي تتمركز فيها، ومصير الأعداد الكبيرة من المرتزقة والكميات المهولة من العتاد العسكري.
التحشيد الكبير الذي يقوم به حلفاء حفتر الإقليميون والدوليون، والذي تحدثت عنه وسائل الإعلام وأكده مسؤولون سياسيون وعسكريون ضمن جبهة الوفاق، ينذر بإمكان وقوع حرب، وهو مؤشر على أن الخطة الأميركية الأوروبية لا تلقى قبولا لدى الروس.
في المقابل، يمكن قراءة هذا التحشيد على أنه من قبيل ممارسة ضغوط لانتزاع مكاسب سواء داخل الجغرافية الليبية أو خارجها. إذ يبدو أن الأميركيين والأوروبيين لن يسلموا بوجود قوات وعتاد روسي من نوع طائرات مقاتلة ودفاعات جوية متقدمة في ليبيا، وسيدفعون بكل ما أوتوا لمنعه. ولأنهم لا يرغبون في اشتعال المنطقة ووقوع حرب دولية فيها، فسيضطرون إلى تقديم تنازلات لصالح الروس.
الموازين ستنقلب تماما في حال الوصول لاتفاق مع الروس، فقد ثبت أن التقدم الذي أحرزته قوات حفتر على تخوم العاصمة كان بفعل وإسهام قوات الفاغنر، وأنه بمجرد خروج هذه القوة من جنوب طرابلس انهارت القوات المهاجمة وتم طردها من ترهونة، قاعدة انطلاق قوات حفتر ومصدر إمداداتها، في أيام قليلة بعد انسحاب الفاغنر إلى سرت والجفرة.
سرت والجفرة عصيتان على الانكسار إلا بنزول، ليس فقط الأتراك بثقلهم، بل بدعم مباشر من الأميركان. وهذه سابقة خطيرة، ذلك أن الروس قد وضعوا ثقلهم في المنطقة، فدفاعات البانتسير الجوية المتقدمة متناثرة بأعداد كبير في سرت والجفرة، وكذلك المضادات الأرضية الموجهة والقناصة، وتم تلغيم المنطقة بشكل كبير وذكي، وهو فعل روسي كما تبين بعد انسحابهم من جنوبي طرابلس.
لهذا فإن حالة الجمود الراهنة يحكمها توزان القوة ميدانيا، كما تضبطها الضغوط الدولية لمنع تفجر الوضع، وهو ما يرجح احتواء التوتر سلميا.
لا يمكن احتواء التوتر والدفع باتجاه الحل السلمي وحقول النفط خاضعة لأحد الطرفين. وبحسب المعلومات فإن بقاء النفط تحت سيطرة قوات حفتر أصبح من الماضي، وعودته إلى سلطة الوفاق غير محتمل، والراجح إخضاع النفط إلى قوة وسلطة خارجية إلى أن يتم التوافق على شكل الحكومة وترتيب وضع مؤسسات الدولة السيادية، وفي مقدمتها المؤسسة الوطنية للنفط.
{ عربي 21
copy short url   نسخ
13/08/2020
160