+ A
A -
كلير شكر كاتبة لبنانية
لا يهمّ إن تساقطت أوراق الوزراء والنواب الواحدة تلو الأخرى بفعل الاستقالات الفردية ثم الجماعية لمجلس الوزراء، كلها مساع ترقيعية تحاول إبقاء الأوكسيجين في شرايين منظومة موضوعة في العناية الفائقة، لأن الدولة برمتها سقطت ومعها النظام السياسي، والباقي تفاصيل.
لم يأت زلزال الرابع من آب على المرفأ والمنطقة المحيطة به، لا بل قضى على ما تبقى من الإطار السياسي المتهالك منذ سنوات، واذ بالدمار شامل يحلّ ثقيلاً على اللبنانيين ولا ينقص سوى إعلان وفاة الجمهورية الثالثة.
قالها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بوضوح: «ثمة حاجة إلى نظام سياسي جديد»، ما فُسّر أن ماكرون يريد نظاماً يقوم على انقاض اتفاق الطائف المنتهي الصلاحية منذ زمن، ليعود ويوضح ماكرون قبل عودته إلى باريس أنه لم يطالب بتغيير الدستور، قد تكون بداية التغيير من خلال حكومة وحدة وطنية تضع كل القوى السياسية أمام مسؤولياتها ويكون جدول أعمالها محصوراً بالبرنامج الاصلاحي. لكنها بالنتيجة ليست الهدف، هي ببساطة ممر الزامي تعبر عليه الطروحات الاصلاحية إلى مشاريع وقوانين وقرارات، لينطلق من بعدها قطار التغيير الحقيقي نحو دولة المؤسسات والشفافية التي تقطع أطراف اخطبوط مزاريب الهدر والفساد الذي غذّى القوى السياسية على مدى عقود من الزمن.
ولكن ماذا عن الانتخابات النيابية المبكرة؟
حتى ساعات مضت، كانت امكانية تقدم الكتل النيابية الأساسية وتحديداً «تيار المستقبل،» و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، و«القوات» غير مطروحة على النقاش الجدي، كل لاعتبارات متصلة به. فجأة، طرح رئيس الحكومة هذا المخرج على الطاولة معلناً أنّه «بواقعية لا يمكن الخروج من أزمة البلد البنيوية إلا بإجراء انتخابات نيابية مبكرة لإنتاج طبقة سياسية جديدة ومجلس نيابي جديد». وأكد أنه غير متمسك بالحكم، مشيراً إلى أن «حكومته التزمت في بيانها الوزاري بمطالب الثورة، وأنه لا يمكن الخروج من الأزمة إلا بإجراء انتخابات نيابية مبكرة».
قبله، حاولت بعض مجموعات 17 تشرين الأول فرض هذا البند عنوة على جدول أعمال السلطة، فيما اتخذ حزب الكتائب من هذا الطرح شعاراً لمعركته الاعتراضية، لكن المسألة بقيت سراباً، إلى حين وقع تسونامي الدم والنار الذي سوّى العاصمة بالأرض.
{ «نداء الوطن» اللبنانية
copy short url   نسخ
12/08/2020
183