+ A
A -
كلير شكر كاتبة لبنانية
استفاض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام مضيفيه في مقاربته للملف اللبناني بكل تعقيداته وأفخاخه وألغامه. بدا مدركاً جيداً لمكامن خلله ومزاريب هدره. يكفي أن يصوب بشكل واضح على القطاع المصرفي بشقيه الخاص والعام، ليثبت أنّه يعرف تماماً من أين تؤكل كتف المنظومة الحاكمة! والأهم من ذلك كيف تقفل أبواب انتفاعها من الدولة التي فقدت كل شيء، حتى حياءها! ذهب ماكرون بعيداً في مشاريع طروحاته على اللبنانيين، ليصوب باتجاه تأليف حكومة وحدة وطنية بعدما دغدغ آمال البعض بالدعوة إلى عقد سياسي جديد. وقبل ذلك كله، ذكّر الطبقة السياسية أنّ روما من تحت غير روما من فوق: «فلا تتذاكوا عليّ». حاول الضيف الفرنسي استثمار اللحظات الاستثنائية التي يعيشها اللبنانيون، من خلال دعوة سياسييهم إلى مائدة مراجعة موسعة علها تدفع بهم إلى إعادة حساباتهم، والانطلاق من مكان ما لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها، مشرعاً باب الطروحات، من صغيرها أي حكومة وحدة وطنية إلى كبيرها أي العقد السياسي الجديد، من دون أن يتبنى أياً من تلك الأفكار، واضعاً الطابة في ملعب اللبنانيين أنفسهم. المهم إقرار الإصلاحات البنيوية على نحو تفاهمي لا صدامي. وما توسّع في الحديث عنه ماكرون، تجاهله الأمين العام لـ«حزب الله» في خطابه الذي خصص لتناول «زلزال الرابع من آب»، بأوجهه الشعبية والسياسية، محلياً وخارجياً. ومع ذلك، اكتفى نصرالله في الإشارة إلى أنّه «من رحم المأساة تولد فرص»، مشيراً إلى أنّ «التعاطي الدولي مع الحادثة فرصة يجب أن يستغلها اللبنانيون دولة وشعباً». وهو يقصد بذلك كسر الحصار الذي كان يطوق لبنان، ولو جزئياً من خلال الزيارة السريعة التي قام بها ماكرون إلى بيروت ومن خلال جسور الاستغاثة والمساعدة التي مدتها العديد من دول العالم. من الواضح أنّ الأمين العام لـ«حزب الله» تعمّد هذا التجاهل التام لكل مقتضيات العلاجات السياسية التي وضعها ماكرون أمام المسؤولين اللبنانيين، وفي طليعتها التغيير الحكومي. ترك المسألة في المربع الرمادي. لا رفض تلك الطروحات ولا قبلها. وفق المتابعين للملف الحكومي من جهة قوى الثامن من آذار، فإنّ «حزب الله» خاض جولات ماراتونية من النقاش مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في سبيل اقناعه بترؤس حكومة وحدة وطنية بعد استقالته، لكن الأخير هو الذي فضّل البقاء خارج السراي لقناعته أنّها مرحلة الأرض المحروقة التي لن توفر أحداً من لهيبها. «نداء الوطن» اللبنانية
copy short url   نسخ
10/08/2020
206