+ A
A -
يعيش لبنان أسوأ أزماته منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990، مع تكالب الأزمات السياسية والاقتصادية، خلال العام الأخير، كما أن تسارع الأحداث يشير إلى مرحلة تراجع جديدة في مؤشرات الاقتصادين الكلي والجزئي.
خلال الأشهر الماضية، تتابعت اللكمات على اقتصاد لبنان بدءا من الاضطرابات السياسية، وفشل سداد الديون الأجنبية، وانهيار العملة وارتفاعات قياسية للتضخم، إلى فشل الاتفاق على قرض من صندوق النقد الدولي، بجانب تداعيات فيروس كورونا التي تزيد الأوضاع سوءا.
كان لقرارات الحكومة اللبنانية بفرض حزمة ضرائب في 17 أكتوبر 2019 السبب الرئيسي وراء اشتعال الاحتجاجات الشعبية في البلاد.
وشملت حزمة الضرائب زيادة الرسوم على المشتقات النفطية والسجائر، وفرض رسم 6 دولارات على الاتصال بواسطة تطبيق واتساب.
ثم بدأت الاحتجاجات ليلاً في بيروت ومحافظات أخرى، وتخلّلها قطع للطرقات وتحطيم واجهات محال ومباني ومصارف، وإعلان إضراب مفتوح حتى تستقيل الحكومة.
وفي نفس اليوم، قررت الحكومة التراجع عن فرض ضرائب على الاتصالات، إلا أن الاحتجاجات لم تهدأ، حتى تطور الأمر إلى اندلاع مواجهات مع القوى الأمنية والجيش ليلاً أمام مقر مجلس الوزراء.
وعلى هذه الوتيرة، استمرّت الاحتجاجات وقطع الطرقات خلال النهار وسط الإصرار على استقالة الحكومة.
في 18 أكتوبر، أعلن رئيس الحكومة سعد الدين الحريري إعطاء نفسه مهلة 72 ساعة لحلّ الأزمة، وفي اليوم التالي استقال وزراء حزب «القوات اللبنانية» الأربعة.
وشهدت الأيام التالية، مظاهرات حاشدة في ساحات الاعتصام في بيروت وخارجها. وتطور الأمر إلى إضراب المصارف والمؤسسات العامة وقطاع التعليم.
ثم أعلن الحريري بعد اجتماع مجلس الوزراء من القصر الجمهوري عن ورقة إصلاحات جديدة، إلا أنها لاقت رفضا واستمر إصرار المحتجين على استقالة الحكومة.
ومع فشل كل المحاولات الحكومية لاحتواء الشارع اللبناني تقدمت حكومة الحريري باستقالاتها في 29 أكتوبر الماضي، مما أدى لفتح الطرقات وإنهاء الإضراب مع دعوات إلى البقاء في الساحات.
تراجع سعر صرف الليرة
انعكست الأوضاع السياسية والاقتصادية على سعر العملة، لتخسر الليرة اللبنانية نحو 85 بالمائة من قيمتها منذ بداية مايو، والآن يجري التداول عليها بسعر 9 آلاف مقابل الدولار في السوق الموازية، على الرغم من ربطه رسميا مقابل 1515 ليرة.
ولم تنجح إجراءات البنك المركزي في لبنان، لاحتواء تدهور سعر صرف العملة المحلية في السوق الموازية، ممهدة لتحرك آخر للمركزي لاستعادة السيطرة على أسعار الصرف.
ووجد عشرات الآلاف من اللبنانيين أنفسهم خلال الأشهر الأخيرة، يخسرون وظائفهم أو جزءا من رواتبهم، ما رفع معدل البطالة بحسب إحصاءات رسمية، إلى أكثر من 35 بالمائة.
ارتفاع أسعار المستهلك
وبسبب انهيار الليرة، يشهد لبنان ارتفاعات غير مسبوقة لأسعار المستهلك (التضخم) بنسبة 89.7 بالمائة خلال يونيو الماضي، بعد أن سجلت ارتفاعا 56.6 بالمائة في مايو السابق له.
وحسب التقارير الصادرة، فإن لبنان أول بلد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يشهد تضخما جامحا.
و«التضخم الجامح» يحدث عندما يتجاوز معدل التضخم في بلد ما 50 بالمائة شهريا على مدى فترة من الزمن.
وارتفعت تكاليف الأغذية والملابس بما يقارب 200 بالمائة حسب بيانات رسمية أوردها بنك الاعتماد اللبناني (حكومي)، مما دفع المواطنين إلى توفير احتياجاتهم الأساسية عبر مقايضتها الملابس والأثاث في ظل انهيار العملة.
تداعيات كورونا
في 22 فبراير الماضي، حل فيروس كورونا ضيفا ثقيلا على المستويات كافة في لبنان، بعد اكتشاف أول إصابة به لسيدة قادمة من إيران.
ومع تفشي الفيروس السريع، أصبح الاقتصاد اللبناني أمام تحد حقيقي، لا سيما أمام مدى استطاعة احتوائه، ليفاقم الأوضاع الاقتصادية للبلد.
وستتسبب كورونا إلى جانب التداعيات الأخرى، في انكماش الناتج المحلي اللبناني بنسبة تفوق 12 بالمائة خلال عام 2020، بحسب تقديرات حكومية.
تعثر سداد سندات
وتخلّف لبنان في مارس الماضي، وللمرة الأولى في تاريخه، عن تسديد مستحقات بقيمة 1.2 مليار دولار من سندات اليوروبوندز التي تبلغ قيمتها الإجمالية أكثر من 30 مليار دولار.
دفع ذلك، إلى اللجوء لطلب مساعدات دولية من المانحين الدوليين ومؤسسات التمويل الدولية.
الاحتياطي الأجنبي
أفادت بيانات رسمية لمصرف لبنان المركزي، بأن احتياطات النقد الخارجية للبلاد انخفضت بنسبة 6.5 بالمائة على أساس شهري خلال يوليو الماضي إلى 30.8 مليار دولار.
كان احتياطي العملات الأجنبية سجل انخفاضا بنسبة 7 بالمائة على أساس سنوي في 2019 إلى 37.77 مليار دولار، فيما إجمالي الاحتياطي الخارجي بما فيه الذهب نحو 51.66 مليار دولار بنهاية العام الماضي.
الدين العام
ويقع لبنان تحت عبء الدين العام الذي يناهز 92 مليار دولار ما يعادل نحو 170 بالمائة من قيمة الناتج الإجمالي المحلي.
ويحتاج البلد العربي إلى الحصول على دعم خارجي بأكثر من 20 مليار دولار، بينها 11 مليار أقرّها مؤتمر «سيدر» الذي عُقد في باريس في 2018، ولكن في ضوء برنامج إصلاح اقتصادي لم يتم الاتفاق عليه حتى الآن.
انفجار مرفأ بيروت
فوق الأزمات التي تعيشها جاء تفجير مرفأ بيروت، الثلاثاء، ليخلق نقصا محتمل في السلع الأساسية وتعطل حركة التجارة مع العالم الخارجي.
وأسفر الانفجار الضخم، عن سقوط 137 قتيلا ونحو 5 آلاف جريح، إضافة إلى عشرات المفقودين تحت الأنقاض (حصيلة غير نهائية)، بجانب دمار مادي هائل، وفق وزير الصحة، حمد حسن.
copy short url   نسخ
08/08/2020
549