+ A
A -
نقولا ناصيف كاتب لبناني
قد لا تكون استقالة وزير الخارجية ناصيف حتّي من حكومة الرئيس حسان دياب، ولا استقالة سواه، كافيتيْن لإطاحتها، لأن مَن يدافع عن بقائها ولا يريدها أن تسقط وترحل يقف وراء الستارة وليس على مقاعدها. إلى إشعار آخر يحتاج إليها دونما الإيمان بها.
المألوف في سيرة الحكومات اللبنانية المتعاقبة، عندما يستقيل وزير فيها، أن يصير - إن لم يكن رفضها فوراً - إلى الطلب منه التريث في قراره وثنيه عنه، واسترضائه عندما تتعلق الاستقالة بموقف ما. ما حدث مع وزير الخارجية ناصيف حتّي، أن قبول استقالته سبق تقدّمه بها. مذ شاع الأحد أنه سيقدّمها في الغداة قُبلت سلفاً، وتردّد باكراً اسم خلفه كأنه محسوم ومعلوم قبلاً، وكأن المطلوب هو التخلص من الوزير الحالي. كذلك فعل رئيس الحكومة حسان دياب فور استقباله. قبل أن يهبط المساء صدر مرسوم الخلف محل السلف.
أوحت السرعة التي رافقت تخفيف وقع استقالة حتّي، وطيّ ملفها من غير ظهور أي ردود فعل، وإظهار وجود البديل الجاهز منه السفير السابق شربل وهبي، أن حكومة دياب لا تزال ضرورة لعرّابيها الذين أعطوا دليلاً تلو آخر أنهم هم الذين يحكمون باسمها، ولا تعدو كونها قناعاً مسرحياً لهم. بذلك عبر يوم الاستقالة الذي يفترض للمعارضين أن يكون هدية، ويتسبب بصدمة سياسية تستعجل تقويض الحكومة، كأنه يوم عادي. في ذلك إثبات إضافي على الإصرار عليها، وإن هي في أسوأ صورة لحكومة لبنانية منذ ما قبل اتفاق الطائف حتى. لا تملك أن تستقيل، ولا أن تعمل، ولا أن ترحل. حلت الاجتماعات التي عقدها قبل ثلاثة أسابيع رئيس البرلمان نبيه برّي مع رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل محل تلك التي كان يعقدها باسيل مع الرئيس سعد الحريري عندما كانا يدافعان عن حكومتَي 2016 و2019، ويذللان خلافاتها أو خلافاتهما من حولها. وهو الدور نفسه الذي اضطلع به من غير ظهور ولا يزال حزب الله، إذ يبدو استمرار حكومة دياب حاجة ملحة إلى الثلاثي الذي يمثل الأكثرية الحكومية، المنبثقة من الأكثرية النيابية التي تمثلها أيضاً كتله في مجلس النواب. لذا لم يكن ثمة سبب يبعث على الاعتقاد باحتمال تسبّب استقالة حتّي بتفككها، أو في أحسن الأحوال إحداث شرخ عميق فيها. ما حدث كان شأناً عادياً تقريباً كأنه لم يكن.
copy short url   نسخ
08/08/2020
439