+ A
A -
د. فاطمة سعد النعيمي
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
إن الابتلاء والفتنة يمحصان العبد ويردانه إلى هذا الصراط المستقيم إذا استطاع الشيطان في لحظة من لحظات الضعف الإنساني أن يخرج الإنسان عن هذا الصراط المستقيم ويسلك به سبلا أخرى، وقد كان من رحمة الله سبحانه ألا يدع الإنسان فريسة لهذا الشيطان وإنما زوده بوسائل الحماية والوقاية منه، ثم هيأ له وسائل الإفلات إن وقع في الفخ وخرج عن الصراط المستقيم، فمن ذلك: الرجوع إلى القرآن الكريم والسنة المطهرة؛ مصداق ذلك قول الله تعالى: (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ). كذلك واعظ الله -عز وجل- في قلوب عباده المؤمنين؛ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله تعالى ضرب مثلا: صراطا مستقيما. وعلى كنفتي الصراط سوران، لهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وداع يدعو على رأس الصراط، وداع يدعو فوق الصراط، فالصراط المستقيم: الإسلام، والسوران: حدود الله، والأبواب المفتحة: محارم الله، فلا يقع أحد في حدّ من حدود الله حتى يكشف الستر، والداعي على رأس الصراط: كتاب الله، والداعي فوق الصراط:
واعظ الله في قلب كل مسلم، فهذا الواعظ في قلوب المؤمنين هو الإلهام الإلهي بواسطة الملائكة أو نور الفطرة.
أيضاً مدد الملائكة؛ ثم يؤيد الله عباده المخلصين بجند من الملائكة يثبتونهم ويأمرونهم بالخير ويحضونهم عليه يعدون العبد بكرامة الله تعالى ويصبرونه على البلاء، ويبشرونه بثواب الله وعظيم فضله، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ).
كذلك الدعاء والاعتصام بالله؛ تشتد حاجة العبد أن يسأل ربه أن يهديه إلى هذا الصراط المستقيم، وكان سؤال هذه الهداية أوجب دعاء على كل عبد، وقد أوجبه الله عليه كل يوم وليلة بقوله تعالى في الفاتحة: (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ). ويردد المسلم ذلك بعدد ركعات صلاة كل يوم حتى يأتيه اليقين لشدة ضرورته وفاقته إلى الهداية المطلوبة، قال تعالى: (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
أيضاً الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم؛ إن العبد إذا لجأ إلى الله تعالى واستعاذ به من شر هذا الشيطان فإنه سرعان ما يخنس (ويهرب)، ويتركه وشأنه، ومن ثم تتاح له فرصة الرجوع إلى الصراط المستقيم.
اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء.
{ أستاذ التفسير وعلوم القرآن
بكلية الشريعة جامعة قطر
copy short url   نسخ
05/08/2020
1211