+ A
A -
غادة حلاوي كاتبة لبنانية
استقال وزير الخارجية ناصيف حتى اهتزت الحكومة اللبنانية لساعات لكنها لم تقع، كان أغلب الظن ان سبحة الاستقالات ستكر مع تزايد عدد الوزراء الممتعضين من الأداء الحكومي والفشل في اتخاذ القرارات، لا سيما تلك المتعلقة بالاصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي، لكن مجريات الاحداث عاكست التوقعات، حبذا لو كان المسؤولون يسيرون في اتخاذ القرارات على الوتيرة نفسها لتعيين البديل عن الوزير المستقيل وبالسرعة القياسية نفسها، استقال وزير وعين آخر خلفاً له لكن السؤال هل تجاوزت الحكومة قطوع استقالة وزراء آخرين؟ قد يكون من المبكر الحكم على الموضوع لكنها سيطرت على التداعيات بدليل السرعة في تلقف الاستقالة وتعيين البديل بما أوحى وكأن كل الأمور كانت جاهزة.
فقد تمكنت الحكومة من تطويق تداعيات استقالة وزير الخارجية السابق ناصيف حتى، فكان ان طمأن رئيسها بعد دقائق على قبول الاستقالة ان لا تعديل حكومي، في وقت كانت تتردد الأخبار عن نية وزيري الطاقة والاقتصاد تقديم إستقالتيهما ومعهما وزيرة الاعلام منال عبد الصمد.
قبول استقالة حتى مثلت رسالة ثنائية الأبعاد، محلية للقول لمن يعنيهم الأمر من الوزراء في الحكومة، ان كل من يفكر في الاستقالة سيلقى مصير حتى في انتظاره، وأن مقولة وجود من لا يمكن الاستغناء عنه غير واقعية، أما الرسالة الخارجية مما حصل فهي للقول للدول التي حاولت هز الاستقرار الحكومي أن القوى المسيطرة لا تزال قادرة على المبادرة واتخاذ القرار حيث تدعو الحاجة، يسجل لرئيس الجمهورية قدرته على استيعاب الموقف بسرعة والقدرة على المعالجة والطلب إلى رئيس الحكومة بت المسألة، رافضاً فكرة الوزير الوكيل التي ارتفعت أسهمها بعيد الاستقالة مباشرة.
وبينما لم تكن مستغربة مسارعة بعض قوى المعارضة إلى محاولة استغلال الوضع وإطلاق النار على الحكومة وعلى «التيار الوطني الحر»، أتت المفاجأة بسرعة تعيين البديل وأن من حاول اعلان استقالته من دون إبلاغ اعتراضاته قوبل بمفاجأة أكبر بقبول الاستقالة وتعيين البديل.
وانطلاقاً مما حصل يمكن القول ان كل محاولات الدخول في فراغ أو تفجير الحكومة نتيجة أزمة داخلية تم التصدي لها، فالوقت ليس وقت تغيير حكومي وأبواب لبنان مفتوحة على اعلان صدور حكم البداية في قضية إغتيال الرئيس رفيق الحريري عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والضغوطات الأميركية لتعديل مهمة «اليونيفيل» في جنوب لبنان فضلاً عن حالة الاستنفار الإسرائيلي تحسباً لرد «حزب الله» على استهداف أحد مسؤوليه في سوريا.
كل المشهد الإقليمي والدولي يشير إلى تمسك «حزب الله» بحكومة دياب، وأن تدهور أوضاع هذه الحكومة لأي سبب من الأسباب يعني الدخول في مرحلة تصريف أعمال يطول أمدها، ويرى داعمو الحكومة أنّ ما لم يفهمه البعض في لبنان أن العالم مشغول في معالجة أزماته بما فيه إيران التي تمارس سياسة ربط نزاع في لبنان والعراق، وأننا في لبنان أمام حكومة لا بديل عنها لكون الظروف غير مهيأة ولا القوى المولجة اتخاذ القرار، لكن استقالة وزير وتعيين آخر قد لا يقدم أو يؤخر في الأداء الحكومي إذا لم يعط رئيس الحكومة قوة دفع للوزراء لاتخاذ خطوات إصلاحية سريعة... فبعض القرارات لا يحتاج إلى كثير جهد ومال بل تلزمه العزيمة والمرونة في التعاطي وليس الاستشراق.
{ عن «نداء الوطن» اللبنانية
copy short url   نسخ
05/08/2020
212