+ A
A -
مع الاستخدام المكثف للإلكترونيات في ظل انتشار جائحة (كوفيد - 19)، وازدياد الاعتماد على الانترنت بسبب العمل والدراسة عن بُعد والتواصل الاجتماعي، برزت مخاوف عديدة حول تأثير التكنولوجيا على الصحة الجسدية والنفسية للأطفال.
كشف عرضُ للبيانات العالمية حول تأثير التكنولوجيا على الدماغ والجسد، أعده فريق الأزمات الصحية والنفسية بمدارس مؤسسة قطر، عن زيادة في استخدام الشاشة لدى الطلاب، بسبب التعلم عن بعد، الألعاب الالكترونية، وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من العوامل.
تؤكد الدكتورة ترايسي هاردستر، مدير في مركز التعلم، جزء من التعليم ما قبل الجامعي بمؤسسة قطر أن البيانات العالمية الحديثة تشير إلى أن غالبية الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و12 عامًا في الولايات المتحدة الأميركية يقضون ما لا يقل عن 50 % من الوقت على الشاشات كل يوم خلال الجائحة، لافتة إلى أنه على الرغم من عدم وجود إحصائية مماثلة في دولة قطر، إلا أنه، وبالنظر إلى الوضع الحالي، يفترض أن تكون الأرقام متقاربة.
الصحة النفسية
يؤثر الاستخدام المكثف للتكنولوجيا على نمو الأطفال على مستوى صحتهم النفسية والجسدية، خصوصًا أن أدمغتهم مرنة ولا تزال في طور النمو، فالتعرض المستمر للتكنولوجيا يؤثر على وظيفة هذه الأدمغة وطريقة عملها.
تقول الدكتورة هاردستر: «عندما يتعرض الطفل لمستويات عالية من التكنولوجيا، فإن دماغه يعتاد على التعامل مع مصادر متعددة من المعلومات والأفكار. تحفز هذه الأفكار الروابط بين خلايا الدماغ وتخلق مسارات عصبية جديدة بين أجزائه، فكلما مارس الطفل نشاطًا معينًا كلما أصبحت تلك المسارات العصبية أقوى».
تتابع: «كما يؤدي قضاء وقت طويل أمام الشاشة إلى الإجهاد النفسي، حيث يتم تحفيز الجهاز العصبي، كما تحفز الالكترونيات متلازمة الكر والفر التي تضع الجسم في حالة توتر دائم خلال فترة الأزمات أو حالات الطوارئ».
تضيف: «ينتج عن هذه المتلازمة إنتاج هرمون الكورتيزول، أي هرمون الإجهاد يؤدي هذا الهرمون إلى فرط الإثارة، مما يسبب زيادة في ضغط الدم وضعف التركيز، وأداء الذاكرة، وتراجع التنظيم الذاتي لحالتنا المزاجية، يتضمن ذلك زيادة في مشاعر الغضب وعدم القدرة على التعامل مع مشاعر الإحباط».
التأثير على النوم
يمكن للاستخدام الزائد للتكنولوجيا أن يؤثر أيضًا بشكل واضح على نوم الأطفال، وبالتالي لا بد من التأكد من حصول الأطفال على ساعات نوم كافية لا تقل عن 12 ساعة حتى عمر 12 عامًا، خلال هذه الفترة الصعبة.
وفقًا للبيانات، فإن المدة التي تُقضى أمام الشاشة تستثير الجهاز العصبي بشكل كبير، كما تعرض الأطفال لخطر ارتفاع في ضغط الدم والنبض مما يجعل عملية الدخول في النوم صعبة، كما أن قضاء دقائق قليلة أمام الشاشة يمكن أن يؤخر إفراز الميلاتونين لعدة ساعات مما يؤثر وبشكل سلبي على ساعة جسد الطفل البيولوجية.
تنصح الدكتورة هاردستر أولياء الأمور بتحديد المدة التي يقضيها الطفل أمام الشاشة لتفادي تأثيرها السلبي على النوم، قائلة: «إن استخدام ما يسمى بخطة العائلة للوسائل التكنولوجية يمكن أن يساعد في إيجاد التوازن بين استخدام الإلكترونيات وأنشطة الحياة الأخرى، كما يتوجب على الأهالي إغلاق الأجهزة الإلكترونية لمدة ساعتين قبل النوم، وأن يكونوا قدوة ونموذجًا يحتذى من خلال القيام بأنشطة صحية مثل التمارين الرياضية، قضاء وقت مع العائلة، وأخذ استراحات من الأجهزة الإلكترونية خلال اليوم».
مع انتقال مدارس مؤسسة قطر إلى التعليم عن بعد خلال جائحة كوفيد - 19، أدرك فريق الأزمات الصحية والنفسية بمدارس مؤسسة قطر، أهمية دعم الرفاهية الاجتماعية والعاطفية لكافة الأفراد، بما في ذلك الطلاب وأولياء الأمور والموظفين.
تقول الدكتورة هاردستر: «لقد أكدنا على أهمية الرفاه لكافة أفراد مجتمعنا خلال التعلم عن بعد في ظل انتشار كوفيد - 19. كما شدّدنا على الدور الذي يلعبه أولياء الأمور في دعم الأطفال والمراهقين من خلال تشجيعهم على التعبير عن مخاوفهم، والتخفيف من مشاعر التوتر المرتبطة بالجائحة».
وتضيف: «على الرغم من أنه من المهم أن يكون الآباء متعاطفين ومرنين لدعم أطفالنا خلال هذه الفترة غير المسبوقة، إلا أن التحول إلى نهج كل شيء مباح أو عدم التدخل في تربية الأبناء لن يخدم أطفالهم جيدًا خلال هذه الفترة. فأولياء الأمور يلعبون دورًا محوريًا في دعم أطفالهم للمشاركة بنجاح في فرص التعلم عن بعد، وقد يمثل هذا عبئًا إضافيًا وضغوطًا على الآباء إلا أن الأطفال والمراهقون يحتاجون إلى البالغين في حياتهم لطمأنتهم أننا سنتجاوز هذا الأمر معًا».
وفقًا للخبراء، فإن الوقت المثالي للقضاء أمام الشاشة، سواء قبل أو بعد حدوث الجائحة لا يجب أن يزيد عن ساعتين للأطفال والمراهقين، وهو ما يشكل تحديًا أمام أولياء الأمور حيث يشعر الأطفال أن التكنولوجيا هي وسيلتهم الوحيدة للتواصل مع العالم الخارجي.
تقول الدكتورة هاردستر: «يجب أن يتحلى الأهالي بالمرونة خلال جائحة كوفيد - 19، حيث يستخدم الأطفال والمراهقين الأجهزة كوسيلة للاختلاط والتواصل مع أقرانهم من خلال المحادثات والألعاب معًا. ولا بد أن يناقش الآباء التأثير السلبي للاستخدام الزائد للتكنولوجيا مع أطفالهم، وتوفير أنشطة بديلة لهم على أن ينخرطوا معهم في هذه الأنشطة».
وتضيف: «لقد تمكن العديد من أولياء أمور الطلاب في مدارس مؤسسة قطر من تحويل الأزمة إلى فرصة لتطوير مهارات أطفالهم وقضاء وقت ممتع معهم، من خلال تصميم الأنشطة التفاعلية والمرحة لهم، بما في ذلك الفنون والحرف اليدوية والطبخ والرسم وحل الألغاز وألعاب الطاولة، هذا بالإضافة إلى القراءة، وكل ذلك من شأنه أن يحفز الأطفال على الإبداع والتعلم».
ولكن، مع تخفيف القيود والسماح للعائلات بالذهاب إلى الشواطئ والحدائق العامة، قد يفضل بعض الأبناء البقاء في المنزل كي لا يبتعدوا عن أجهزتهم الالكترونية.
وتختم الدكتورة هاردستر: «في هذه الحالة، لا بد أن يبذل الأهالي مجهودًا مضاعفًا لتشجيع الأطفال على الخروج واللعب في الهواء الطلق وممارسة الرياضة، يمكنهم جعل الشاطئ جذابًا من خلال إدراج ألعاب الشاطئ الممتعة والطفو المائي، وتشجيع الأنشطة الخارجية مثل بالونات وبخاخات المياه، مسابقات الرش الصغيرة، كما يمكن أن ينخرط الأهالي في بعض الأنشطة مع أبنائهم، مثل التنزه في المساء وركوب الدراجة وغيرها».
copy short url   نسخ
27/07/2020
3431