+ A
A -
سلطان بن محمد
{{ بعـد عـمر امتد 60 سنة من التعـب والعمل، أمتلك الآن 4 محلات في السوق، أعـمل في واحد منها، أما الثلاثة الأخرى المتبقية فهي مؤجرة، بالإضافة إلى شقة سكنية أعـيش فـيها مع زوجتي، عـندي ولدان وابنتان منحتهم كل الحقوق المادية وزوجتهم وهم يعـيشون في بيوتهم المستقلة، ولديّ أحفاد كالورود نعـيش حياتنا بهدوء دون أي منغـصات.
{{ بعـد كورونا طلبت مني زوجتي إغلاق المحل حتى لا أصاب بالعـدوى لكنني أصررت عـلى العمل، عـندها قامت زوجتي بدعـوة الأولاد جميعا مع عوائلهم، وصنعـت لهم وليمة كبيرة لأجل أن يجبروني عـلى ترك العمل، ولم أكن أعـلم بالأمر، وحين أنهيت عـملي مساء وعدت إلى منزلي، رأيت المائدة مليئة بالأكل والفاكهة، ورأيت زوجتي مهـمومة حزينة وحين سألتها عن السبب أخبرتني بالأمر وكيف أن جميع الأولاد اعـتذروا عن الحضور بحجج واهية.
{{ فاتخذت قرارا أن أترك العمل وبعـد عـدة أيام اتصلت زوجتي بالأولاد وأخبرتهم أنني مصاب (بكورونا) فأخذوا يتصلون هاتفيا يسألون عـن حالتي فتخبرهم زوجتي أنها تسوء يوما بعـد يوم، حتى أخبرتهم فـيما بعـد بنقلي للمستشفى، وكانت تطلب منهم المجيء لرؤيتي لكنهم كانوا يعـتذرن بأنهم يخافون التعـرض للإصابة، بعـد عـدة أيام أخبرتهم أنني توفـيت وأن الدولة تولت دفـني وأنها محجورة في منزلها، وبعـد أربعة عـشر يوما أخبرتهم أنها سليمة وليست مصابة.
{{ قـرر الأولاد مع عـوائلهم زيارة والدتهم بعـد وفاتي (الكاذبة)، فجاؤوا يبكون، ويرتدون ثياب الحزن، ومعهم عـلب تمر، جلسوا مع والدتهم (وأنا حاجز نفسي في إحدى الغـرف)، وبعـد أن قرأوا الفاتحة على المرحوم انا، بعـدها أخرجوا أوراقهم لاستلام الإرث ومعهم توكيل شرعي إذ كانَوا في فـترة حجر والدتهم قـد قسموا كل شيء بينهم (فقط الشقة منحوها لامهم)، كانت أمهم تتوسلهم أن ينتظروا حتى الأربعـين لكنهم رفضوا ذلك، ولم يستمعوا إليها.
{{ وحين أتموا كل شيء وانتهوا من التوزيع خرجتُ عـليهم من مخبئي وفعلت بهم ما فعلت وطردتهم، وانتبهت لنفسي أني لم أكن أربي ذرية من أربعة أولاد، إنما كنت أربي أربعة فـيروسات كورونا كبيرة، حينها صممت أن أبيع أملاكي جميعها وأهدي ثمنها لمعالجة مرضى كورونا، وأن أنتقل أنا وزوجتي لقرية صغـيرة، نسكن فـيها بقـية العمر ونشتري عـددا من الأغـنام نربيها ونتعـب عـليها، ونعـيش معها، فهي بالتأكـيد ستكون أفضل لنا من هؤلاء الأولاد.
{{ (إنها قصة حقيقية مؤلمة حدثت في زمن الكورونا بدولة اسلامية، وقـد تبرع بطل هـذه القصة بثمن (4) محلات تجارية لمعالجة أولئك الذين تعـرضوا للإصابة بكورونا).
copy short url   نسخ
15/07/2020
544