+ A
A -
عواصم- قنا- مع غياب الحلول السياسية لمعاناتهم ومحنتهم وتراجع الآمال بعودتهم إلى قراهم وبيوتهم الأصلية، بدأ اللاجئون الروهينغا الفارون من ميانمار إلى بنغلاديش التفكير في الرحيل إلى بلد ثالث بحثاً عن الأمن والأمان والاستقرار والحياة الكريمة.
ويعيش أكثر من مليون لاجئ من أقلية الروهينغا المسلمة في ميانمار، داخل أربعة وثلاثين مخيما بمنطقة كوكس بازار الحدودية بجنوب شرق بنغلاديش، بعد أن فروا من حملة عسكرية شنها ضدهم جيش ميانمار وبعض الجماعات المتطرفة هناك عام 2017، ولاتزال مستمرة، ويواجه اللاجئون بتلك المخيمات ظروفاً بائسة حيث لا عمل ولا تعليم ولا خدمات ولا تواصل مع الخارج، ويشتركون في مرافق غسيل ومراحيض جماعية، ويعيشون على الطعام الذي توزعه وكالات الإغاثة.
ومع بداية فصل الرياح الموسمية والأمطار الغزيرة هناك حالياً، تصبح الظروف المعيشية القاسية أصلا داخل المخيمات أكثر سوءاً، حيث تقتلع الرياح الأكواخ الهشة وتؤدي الأمطار إلى أوحال وانهيارات طينية تجرف كل ما تواجهه، خاصة على الأراضي المكشوفة التي لا تغطيها الغابات، لأن اللاجئين قاموا بقطع الأشجار واستخدامها للبناء والوقود.
ويحاول هؤلاء اللاجئون اليائسون الوصول بحراً لدول جنوب شرق آسيا ومنها ماليزيا وتايلاند وإندونيسيا، لكن رحلة البحر تحمل للكثيرين منهم مزيدا من البؤس والمعاناة والألم، مع إغلاق دول تلك المنطقة أبوابها بوجه اللاجئين، خشية أن يكونوا مصابين بفيروس كورونا، ما تسبب ببقاء بعض القوارب لأسابيع أو لعدة أشهر داخل البحر، وعلى متنها مئات من اللاجئين، وقد توفي العشرات منهم بسبب نفاد الطعام والشراب ومشقة السفر بحراً.
وعلى الرغم من كل المخاطر التي تحيط بالرحلة، يغامر هؤلاء اللاجئون بأنفسهم وأموالهم وعائلاتهم سعياً لحياة جديدة، وغالباً ما تكون ماليزيا هي وجهتهم المفضلة لأنها غنية نسبياً ومعظم سكانها من المسلمين. ويقطع هؤلاء اللاجئون خليج البنغال وبحر أندامان بقوارب خشبية بدائية ويدفعون مبالغ كبيرة نسبيا للمهربين الذين يبيعونهم الأوهام والوعود الكاذبة.
وبسبب المخاوف من (كوفيد - 19)، تقوم حكومات جنوب شرق آسيا بإبعاد هذه القوارب عن سواحلها بدلاً من توفير ملاذ آمن لها، بينما ترفض بنغلاديش السماح لها بالعودة إلى نقطة انطلاقها خوفاً من الفيروس الوبائي أيضاً. وترى جماعات حقوق الإنسان أن عدم منح قوارب اللاجئين الإذن بالرسو يعني بصورة غير مباشرة الحكم على العديد من ركابها بالإعدام، فليس لهذه القوارب مكانا آخر تذهب إليه، بينما فُقد التواصل تماماً مع بعضها بعد أن كانت تراقبها جماعات حقوق الإنسان بواسطة الأقمار الاصطناعية.
وقد ظل بعض القوارب داخل البحر، على غير هدى وبلا أمل، أربعة أشهر قبل أن تجرفها الرياح والأمواج للسواحل الإندونيسية بعد رحلة امتدت آلاف الكيلو مترات، عانى خلالها اللاجئون الجوع والعطش وعنف المهربين، ومات الكثيرون منهم وألقيت جثتهم بالبحر.
copy short url   نسخ
09/07/2020
520