+ A
A -
يقف مستقبل الفلسطينيين في مدينة أريحا رهن الغموض والخوف بينما ينتظرون قرار إسرائيل بشأن موعد وطريقة ضم تل أبيب لمساحات شاسعة من الأراضي المحيطة بهم، وهي خطوةٌ حددتها «صفقة القرن» الأميركية، التي قد تترك السكان معزولين عن أجزاء أخرى من الضفة الغربية.
الضم سيخنقنا
تقول الفلسطينية عائشة صبح، لصحيفة The Guardian البريطانية، والتي كانت تبيع ورق العنب في أحد شوارع أريحا: «الضم سيخنقنا»، تركب السيدة، البالغة من العمر 54 عاماً، السيارة الأجرة من مدينة بيت لحم، لبيع منتجها في أريحا، لكنها تخشى أن تصبح هذه الرحلة مستحيلة إذا مضى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قدماً في تنفيذ مخططه.
تعهد نتانياهو بالبدء في مناقشة خطط الضم في اجتماعات مجلس الوزراء في الأول من يوليو الجاري، لكن الخلافات داخل حكومته أخرت هذه الخطط. وجادل بيني غانتس، رئيس الوزراء البديل، بأن خطط الضم يجب أن تنتظر لحين التعامل مع أزمة فيروس كورونا، وهناك أيضاً تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة تضغط على نتانياهو لتقديم شيء للفلسطينيين. وتضمنت مبادرة السلام الأميركية، المنشورة في يناير الماضي، خرائط تُظهر مستعمرات جديدة، وأن وادي الأردن سيصبح جزءاً من الأراضي الإسرائيلية.
عزل أريحا عن بقية مدن الضفة
لكن مدن الضفة الغربية مثل أريحا، الموجودة في الوادي الخصيب بالقرب من الحدود الأردنية، ستبقى خاضعة للسلطة الفلسطينية، ويرفض سكان أريحا هذا المقترح، إذ يواجهون خطر انفصالهم عن أرضهم وعزلتهم عن بقية الدولة الفلسطينية المستقبلية.
قال نوفان البراح، بينما كان جالساً على مقهى بالمدينة، إن المزارعين قد يحتاجون إلى الحصول على تصريح من إسرائيل للذهاب إلى أراضيهم وريها. وأضاف أن الفلسطينيين، الذين يعيشون في وادي الأردن، سينفصلون عن المدينة دون توفير أي بدائل لهم، إذ إنهم لن يحصلوا على الجنسية الإسرائيلية. احتلت إسرائيل الضفة الغربية خلال حرب الأيام الستة في عام 1967 وتعتبر ضم وادي الأردن خطوة ضرورية لها ولأمنها. لكن البراح وآخرين في أريحا يرون أن هذه الخطوة هدَّامة لإسرائيل لأنها ستشعل اضطرابات في المدينة.
وفي الميدان الرئيسي للمدينة، قال أسامة سيدر، 18 عاماً، إن رد فعل الفلسطينيين سيؤدي إلى حدوث انتفاضة، وقال سيدر: «لن يقبل الناس هذه الخطوة وقد يؤدي هذا إلى اندلاع مظاهرات». ويتوافق رأي سيدر مع التحذيرات التي أطلقها الأردن والأمم المتحدة بأن ضم الأراضي قد يثير صراعات في المدينة. هددت عمان بتخفيض علاقاتها مع إسرائيل بينما عبرت الدول العربية الأخرى والاتحاد الأوروبي عن رفضهم لهذه المخططات، لكن لم يتضح بعد ما إذا كانوا سيتخذون إجراءات للرد على الخطط الإسرائيلية.
المستوطنات
لكن قد يخفض نتانياهو من سقف طموحاته بأن يقرر تأجيل ضم وادي الأردن. وقد يركز رئيس الوزراء الإسرائيلي، بدلاً من هذا، على المستوطنين، الذين يصرون على ضم منازلهم لإسرائيل رغم أن لديهم تحفظات تجاه مبادرة واشنطن. تعبر ملصقات في مستوطنات، مثل عطيرت الواقعة شمال مدينة رام الله، مكتوب عليها «لا لإقامة دولة فلسطينية»، عن النقد الرئيسي لسكان المستعمرات تجاه الخطة الأميركية. لكنهم يعون جيداً أن عملية ضم المستوطنات، التي يعتبرها معظم المجتمع الدولي غير قانونية، ستزداد صعوبةً إذا غادر الرئيس الأميركي دونالد ترامب البيت الأبيض في انتخابات نوفمبرالمقبل.
وقال شنان دمري، وهو أحد سكان مستوطنة عطيرت يبلغ من العمر 36 عاماً: «نريد أن يُنفذ الضم قبل إجراء الانتخابات الأميركية»، ووصف المبادرة الأميركية بأنها «جيدة للغاية»، لكنه أراد إدخال تعديلات على الخطة مثل إلغاء بند تجميد التوسع في بناء المستوطنات لسنوات بعد عملية الضم. بالنسبة للفلسطينيين، فإن رقعة الأراضي المفتتة التي حددتها واشنطن ستجعل من مهمة إقامة دولة قابلة للحياة أمراً مستحيلاً، ولا يلبي مقترح الحصول على حكم ذاتي محدود ضمن خطة السلام تطلعات الفلسطينيين، ويُرى على أنه يضعهم في موقفٍ أضعف مما كانوا عليه في اتفاقات أوسلو في تسعينيات القرن الماضي.
copy short url   نسخ
09/07/2020
617