+ A
A -
قال الدكتور الحسين كرباش، أستاذ في قسم الإدارة الهندسية وعلوم القرار في كلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة، إن جائحة «كوفيد - 19» كان لها تأثير هائل على قطاع السياحة العالمي، لا سيما في القارة الأوروبية،
حيث بدأت العديد من الدول، مؤخراً، بفتح الفنادق والمنتجعات المختلفة، للحدّ من الأضرار اللاحقة بهذه الصناعة الحيوية. وبالرغم من صغر حجم قطاع السياحة القطري مقارنة بنظيره الأوروبي، فإنه لا مناص من الاعتراف بالأضرار الذي أصابته.
وأضاف: تحتّم استضافة قطر المقبلة لكأس العالم 2022 ضرورة انتعاش قطاع السياحة إلى سابق عهده، والتغلّب على تأثيرات جائحة "كوفيد - 19". ومن المنتظر توافد ملايين من عشاق كرة القدم إلى قطر لحضور الفعالية الأبرز في عالم الكرة، وسيحتاج القسم الأكبر منهم إلى الإقامة والترفيه خارج ملاعب كرة القدم.
وتابع: أطلقت قطر برامج دعم عامة وقروض مدعومة لتقليص التأثير السلبي لتفشي "كوفيد-19" على إيرادات الأعمال. ويُمكن للدولة كذلك الاستلهام من الجهود العالمية الرامية لإنعاش قطاع السياحة العالمي، ويشمل ذلك 23 توصية عمل طورتها منظمة السياحة العالمية للأمم المتحدة لتخفيف آثار تفشي "كوفيد -19"، وتعزيز التعافي، من خلال السياسات الوطنية، وتحقيق المرونة عبر الاستفادة من الدروس المستقاة.
وبالنسبة للدول الصغيرة، فقد طوّرت سنغافورة مبادرتين قد تكونان موضع اهتمام في قطر. ويهدف برنامج الشراكة التسويقية إلى تعزيز التعاون وتشجيع التآزر بين أصحاب المصالح في قطاع السياحة بهذه الدولة - المدينة. ولمساعدتهم على تحقيق ذلك، يُتيح هذا البرنامج التمويل اللازم لتكاليف التسويق والتعاون بين المؤسسات المعنية. أما صندوق محتوى القصص، فهو يُشجع مطوري المحتوى المحلي والعالمي على تحرير قصص إيجابية وجذابة حول قطاع السياحة السنغافوري.
تبني خطط العمل الهجينة
ويُمكن لقطر تطوير أنشطة علاقات عامة تُسلط الضوء على كونها دولة آمنة وجديرة بالزيارة، ويُمكن أن يتم دعم هذا المسعى من خلال تقديم قسائم سياحية للمسافرين القادمين على متن الخطوط الجوية القطرية إلى قطر كمحطة توقف، وهي مبادرة تُشابه برنامج قسائم السفر في الاتحاد الأوروبي.
كما يتوجب على الدولة تسريع الجهود لتطوير رؤية واضحة لقطاع السياحة فيها، ويُمكن في هذا الإطار الاستلهام بما فعلته أستراليا لجهة سعيها لتكون «الوجهة الأكثر طلباً وتخليداً للذكريات على الأرض»، أو هدف المغرب الواقعي المتمثل في جعل السياحة محركاً للتنمية، وفي الحالتين، يتوجب على قطر أخذ الرشاقة والمرونة بعين الاعتبار في قطاعها السياحي مستقبلاً، ويتطلب ذلك العمل عن كثب مع أصحاب المصلحة لتحديد التحديات والفرص في تنويع تقديمات قطاع السياحة في الدولة، ولا شك بأن ذلك من شأنه تحصين قطر في وجه التذبذب الذي يسببه التغلغل المحدود في السوق.
صياغة استراتيجية
وتمثلت استجابة دولة قطر في صياغة استراتيجية لتنويع مصدر السياح ودخول أسواق سياحية جديدة. ومن هنا، وبعد الحصار الجائر مباشرة، أتاحت الدولة للقادمين من 80 دولة مختلفة إمكانية الدخول دون تأشيرة سياحية إلى قطر. وتم تسريع تطوير متحف قطر الوطني وغيره من الوجهات السياحية. كما تابعت الحملات الترويجية الراقية، على غرار حملة الخطوط الجوية القطرية التي حملت عنوان «العالم كما لم تره من قبل»، تسليط الضوء على تنوع قطاع السياحة المحلي وثرائه.
لقد ساهمت هذه المبادرات، دون شك، في زيادة عدد السياح القادمين من المناطق الأخرى في العالم بنسبة قدرها 38 % بين عامي 2016 و2019. بالإضافة لذلك، فقد ارتفعت الحجوزات الفندقية من 4.97 مليون ليلة في عام 2016 إلى 5.38 مليون ليلة في عام 2018، مما يُشير إلى ازدياد متوسط عدد أيام الإقامة في قطر، وقد استفادت متاحف قطر من المقاربة الجديدة في استقطاب السياح، حيث ازداد عدد الزوار من 477 ألفاً في 2016 إلى 597 ألفاً خلال عامين فقط، واستناداً إلى إحصائيات منظمة السياحة العالمية للأمم المتحدة، فقد حقق قطاع السياحة القطري إيرادات بلغت 5.6 مليار دولار في عام 2018، بالرغم من التأثير السلبي للحصار. توفر استجابة قطر للحصار الجائر نظرة معمقة حول كيفية استرجاع السياحة لدورها الاقتصادي بعد مرور عاصفة "كوفيد - 19". ويتوجب على قطاعات السياحة حول العالم العمل، بسرعة وحزم، بمجرد العودة إلى نمط الحياة الطبيعية. ويجب أن تُسلط الحملات الإعلانية الإبداعية، والمنفذة بشكل جيد، الضوء على ما يجعل الدولة أو المنتجع أو المعلم السياحي مكاناً لا يُفوت. كما أن التنوع والسلامة والمرونة ستكون في صلب الاستراتيجيات السياحية مستقبلاً.
copy short url   نسخ
08/07/2020
671