+ A
A -
الدوحة - الوطن
وتم ملاحظة تغيير في سلوك التعشيش هذا العام بين أعشاش السلاحف، قد تكون بسبب قيود الجائحة، ومنها إغلاق الشواطئ، فالعدد الإجمالي للسلاحف القادمة إلى قطر للتعشيش هو تقريبًا نفس الأعداد للسنوات السابقة، لكن الفرق الكبير الذي تم ملاحظته هو أن الشواطئ المستخدمة للتعشيش يبدو أنها تغيرت قليلًا بسبب قلة المرتادين مما أدى لزيادة أعداد الأعشاش.
وفي السنوات السابقة، كانت منطقة راس لفان وجزيرة راس ركن وجزيرة أم تيس تتمتع بغالبية الأعشاش، لكن الشواطئ هذا العام مثل المارونة والغارية وفويرط شهدت زيادة كبيرة في نشاط التعشيش، وبالأخص في منطقتي المارونة والغارية، وقد تكون هذه الزيادة ناتجة عن حقيقة أن هذه المواقع يرتادها عادة العديد من الزوار من أبريل إلى يونيو وارتياد هذه الشواطئ في هذه الفترة من الممكن أن تردع وتحدُّ من نشاط تعشيش السلاحف، ومع ذلك هذا العام نظرًا لتقييد الوصول العام للشواطئ أسهم ذلك في زيادة التعشيش في مثل هذه المناطق، مما يثبت تفضيل السلاحف منقارية الصقر التعشيش فيها.
وقد أقيم مفقس ثاني جديد لحماية أعشاش السلاحف في مدينة راس لفان الصناعية لأول مرة منذ إنشاء مشروع حماية السلاحف في قطر، حيث يقع المفقس الأول في فويرط. ففي السنوات الأخيرة، تعرضت الأعشاش في مدينة راس لفان لضغوط كبيرة وافتراس من قبل الثعالب، مما استلزم إنشاء المفقس الجديد براس لفان. وعلى هذا النحو، اتخذ شركاء المشروع الذين يعملون في الموقع (قطر للبترول ومركز العلوم البيئية بجامعة قطر) خطوة لنقل الأعشاش وحمايتها في مفرخ (مفقس) محمي في مدينة راس لفان الصناعية. وحتى الآن، كان هذا العمل ناجحًا للغاية من خلال القضاء والحدّ من افتراس الثعالب كمشكلة في راس لفان. ويمكن الاستفادة من هذه العملية أيضًا لمشاريع أخرى حول العالم، إذ أن التنمية وحماية الحياة الفطرية يمكن أن يتواكبا معًا بخط متوازي. الجزء الحاسم والهام في حماية السلاحف البحرية في قطر هو محاولة فهم ورصد السلاحف بعد أن تطرح بيضها وتبني أعشاشها، وما هو مسارها عندما تغادر شواطئ قطر وأين تتجه. يعتبر فهم المكان الذي تذهب له السلاحف عندما لا يكونون على الشاطئ جزءًا مهما لحماية السلاحف البحرية في قطر. ولتحقيق ذلك، قام مركز العلوم البيئية هذا العام والأعوام السابقة بتركيب أجهزة تتبع على عددٍ من السلاحف ومتابعتها عبر الأقمار الصناعية، وقد تم رصد وتحديد عدد من المواقع المهمة التي ترتادها السلاحف بعيدًا عن الشاطئ من بيانات التتبع. اتضح وجود ثلاثة نطاقات رئيسية ترتادها وتأوي لها سلاحف منقار الصقر التي تعشش في قطر. تهاجر العديد من السلاحف إما باتجاه مياه الخليج قبالة دبي، وجنوبًا قبالة مسيعيد أو غربًا بالقرب من جزر حوار. هذا العام ولأول مرة في تاريخ مشاريع السلاحف في قطر، قام الباحثون من مركز العلوم البيئية بتركيب جهاز تعقب بالأقمار الصناعية على سلحفاة وضعت عشها في جزيرة راس ركن، بحيث سيوفر جهاز التعقب هذا معلومات قيمة عن مسار واتجاه سلاحف منقار الصقر المغادرة من راس ركن بعد التعشيش. وحتى الآن، شوهدت هذه السلحفاة وهي تتخذ مسارًا نحو الشمال الغربي، وهو أمرٌ لم يشاهد عادة من خلال تعشيش السلاحف في قطر سابقا، وقد ينتج عنه اكتشاف مناطق تغذية جديدة أو مناطق مهمة لحياة السلاحف في المياه الإقليمية لدولة قطر والخليج العربي بنحو شامل. وفي تصريح له، قال الدكتور حمد الكواري، مدير مركز العلوم البيئية في جامعة قطر ورئيس المشروع: «يمثل مركز العلوم البيئية بجامعة قطر محور ارتكاز للعديد من الدراسات البيئية التي تُعنى بالحياة الفطرية البرية والبحرية في دولة قطر، حيث استفاد المركز عبر الخبرات والبحوث والتقارير العلمية المتراكمة لديه في محاولة تقييم ومعرفة أعداد سلاحف منقار الصقر سنويًا وأماكن انتشارها حول شبه الجزيرة القطرية ومياه الخليج العربي من خلال تعقبها بأجهزة التعقب عبر الأقمار الاصطناعية، كما يواصل المركز دوريًا بعمل الدراسات والبحوث في مختلف المجالات المتعلقة بهذا الموضوع سواءً بجهوده الذاتية والتمويل الداخلي من قبل جامعة قطر أو من خلال التعاون مع قطر للبترول كداعمٍ لمشاريع السلاحف والمؤسسات العلمية والعلماء الباحثين المحليين، وأيضًا من خلال الاستعانة بالخبرات الدولية بباحثين يتم انتدابهم من خلال المشاريع الخاصة بالسلاحف، وقد أدى ذلك أيضًا إلى استفادة باحثين المركز من هذا التعاون الدولي في رفع مستوياتهم وخبراتهم العلمية». بدوره، قال الدكتور جاسم الخياط المدير التنفيذي للمشروع متحدثًا حول ضرورة الحفاظ على البيئة والحدّ من الممارسات السلبية: «رغم الاهتمام العالمي بالسلاحف إلا أن بعض الممارسات البشرية الخاطئة والمتمثلة في رمي المخلفات ومياه الصرف والتلوث النفطي وغيره من المواد والملوثات المختلفة والصيد الجائر والاستهلاك المباشر، مثل: أكل بيض السلاحف ولحمها مما أدى بالعديد من أنواع السلاحف البحرية في العالم إلى حافة الانقراض نتيجة لهذه الممارسات الخاطئة، ونتيجة لهذا السلوك صنفت كافة أصناف السلاحف البحرية على أنها مهددة بالانقراض. ولحماية السلاحف من هذا الخطر، يمكن إجمال طرق المحافظة على السلاحف عن طريق حماية مناطق التعشيش وإنشاء مفارخ لحماية البيض ومنع سير المركبات على الشواطئ الرملية والتوعية عبر الوسائل الإعلامية المختلفة بأهمية حماية السلاحف وبيضها وصغارها في مواسم التعشيش والفقس وإشراك أفراد المجتمع، خاصة المهتمين بالبيئة والحياة الفطرية في الأنشطة المتعلقة بالحماية».ركز مركز العلوم البيئية في جامعة قطر على مراقبة وحماية السلاحف ذات منقار الصقر التي تأتي إلى السواحل الشمالية من قطر للتعشيش كل عام. وتمكن الطاقم العلمي في مركز العلوم البيئية من الحفاظ على جهود المراقبة واستمرارها كالسنوات السابقة وكذلك خلال ذروة الاحتياطات الاحترازية وعمليات الإغلاق للعديد من المؤسسات العامة والخاصة بسبب جائحة كورونا (كوفيد - 19) التي اتخذتها الحكومة.
copy short url   نسخ
08/07/2020
896