+ A
A -
أثبتت الدراسات أن أكثر من 70 % من المدخنين في أي وقت غير راضين من كونهم مدخنين ويرغبون في الإقلاع عن التدخين والمقصود بكلمة «التدخين» هو كل أشكال تعاطي التبغ، ولكن في ظل انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) وفي ظل التقارير التي تتحدث عن اتهام تعاطي التبغ كعامل في الإصابة ونشر المرض وكعامل خطورة عند الإصابة، يبرز حول الوقت المناسب للإقلاع عن التدخين، وما هي إمكانية نجاح المحاولة في هذا الوقت بالذات.
ومن أجل الحصول على الإجابة العلمية الصحيحة على هذا التساؤل تحدث الدكتور محمد امين العتيبي استشاري اول طب الاسرة بمركز العبيب الحي التابع لمؤسسة الرعاية الصحية الأولية قائلا ان هذه المسألة تتوقف على عدة عوامل يجب أخذها مجتمعة بعين الاعتبار:
وحول ارتباط التدخين بالإصابة بالكورونا أو بشدة المرض في حال الإصابة يقول د. العتيبي: تشير النتائج الأولية (غير النهائية) للبحوث والدراسات الجارية إلى أن التدخين يرجح أن يكون أحد عوامل «الاختطار» التي قد تجعل الفرد عرضة لإصابة شديدة قد تهدد حياته في حال إصابته بفيروس كورونا، إذ وجدت إحدى الدراسات التي أجريت في الصين أن المدخنين تزيد احتمال إصابتهم بمرض شديد بنسبة 14% عن غير المدخنين، وإن المدخنين لديهم احتمالية أكثر بـ 14 ضعفا للإصابة بالالتهاب الرئوي عند الإصابة بالكورونا مقارنة مع غير المدخنين.
استشعار الخطر
وقال الدكتور محمد أمين العتيبي ان العامل الثاني هو مدى استشعار المدخن لهذا الخطر حيث ان ذلك يعتبر عاملا حاسما في اتخاذ قرار الإقلاع في هذا التوقيت ومدى نجاحه في هذه الخطوة بعد ان يرد على ما بداخله من تساؤلات وهل ان الظروف في زمن جائحة كورونا مناسبة ومشجعة على الإقلاع ؟ خاصة ان الإجابة على هذا السؤال تختلف من شخص لآخر، فبعض الأشخاص هذه الظروف تكون بالنسبة لهم مثالية ومساعدة على الإقلاع، إذ يؤدي المكوث في البيت إلى اختفاء أو تقليل ضغوط العمل، كما أن كثيرا من المدخنين لا يدخنون في البيت، ويكون أغلب تدخينهم وقت العمل ثم إن تغيير روتين الحياة وربما نظام الأكل يشكل عاملا مساعدا على الإقلاع، ناهيك عن الانقطاع عن التجمعات التي تشجع على التدخين مثل المجالس والمقاهي.
وفي المقابل هناك أناس يرتبط تدخينهم بأيام العطل والمكوث في البيت، كما أن القلق والضغوط الناجمة عن الوضع الحالي وآثاره الاقتصادية والاجتماعية قد تشكل عائقا أمام الإقدام على المحاولة أو نجاحها.
توصيل الأدوية
ويضيف الدكتور محمد أمين العتيبي استشاري أول طب الاسرة أن العامل الثالث هو سهولة أو صعوبة الوصول إلى خدمات المساعدة للإقلاع عن التدخين في المراكز الصحية والمستشفيات في ظل هذا الظرف الذي ينصح فيه بعدم مغادرة البيت إلا للضرورة وتجنب الأماكن المزدحمة وتجنب ارتياد المراكز الصحية والمستشفيات إلا للضرورة، وللتغلب على ذلك فقد استحدثت مؤسسة الرعاية الصحية الأولية المراجعات أو المقابلات أو الاستشارات التلفونية والتي يمكن حجزها مباشرة عن طريق مركز الاتصال 107، وكذلك يمكن توصيل الأدوية الخاصة بالمساعدة على الإقلاع إلى المنازل.
القاتل
أما العامل الرابع والأخير فهو أضرار التدخين عموما إذ أن التدخين هو القاتل رقم واحد الذي يمكن منعه على مستوى العالم، وهو يقتل أكثر من 7 ملايين شخص سنويا (حوالي19 ألف يوميا)، ومسؤول عن وفاة شخص من كل 10 بالغين، يقدر أن نصف عدد المدخنين المعرضين للموت من اثر التبغ (حوالي 650 مليونا)، ومعدل عمر المدخن يقل 14سنة عن غير المدخن، كما ان التدخين يقتل أكثر من الإيدز والسل والملاريا مجتمعة، وهو مسؤول عن 15% من وفيات الذكور و7% من وفيات الإناث.
ويكفي ان نقول ان السيجارة فيها حوالي 7000 مادة ضارة منها حولي 60 مادة مسرطنة يمكن أن تسبب السرطان في أي عضو تمر عليه من الشفتين للحنجرة للبلعوم للرئتين للمريء للمعدة للمثانة للبنكرياس... إلخ، هناك مواد تضيق الشرايين وعليه يكون المدخن أكثر عرضة لجلطات القلب والجلطات الدماغية والضعف الجنسي وأمراض الكلى،وناهيك عن التدخين السلبي وتأثيره على الزوجة والأولاد وتأثيره على الحمل والجنين ومدى استشعار المدخن لإمكانية إصابته بهذه الأضرار يعتبر أيضا عاملا مهما في اتخاذ قرار الإقلاع ونجاحه.
وفي المحصلة يبقى الإقلاع أولوية واجبة في كل وقت وكل ظرف وهو مسألة قرار وعندما نقرر أمرا علينا توفير كل أسباب تجاوز العقبات وتتخطيها ونجعل من التحديات دافعا للنجاح، وعندما لا تريد أن تفعل أمرا ما فلن تعدم الحجج وستضخم العقبات وستجعل من الحجر الصغير جبلا منيعا يستحيل تجاوزه لأقناع نفسك باستحالة اتخاذ قرار الإقلاع.
ووجه الدكتور العتيبي نصيحته الأخيرة بالقول ان عليك ان تتخذ قرارك الآن ولا تتردد واستفد من العوامل المساعدة في هذه الفترة وجنب نفسك وأهلك المخاطر الآنية والمخاطر العامة، وستجد عونا كبيرا من خلال عيادات الإقلاع عن التدخين المنتشرة في كل أنحاء قطر.
copy short url   نسخ
08/07/2020
871