+ A
A -
تحقيق آمنة العبيدلي
ما أحلى الرجوع إليها أو ما أحلى رجوعها إلينا..
هذا هو لسان حال نخبة من الإعلاميين والأكاديميين والكتاب والنقاد القطريين تعليقا على عودة الصحف الورقية إلى القراء والمعلنين بعد أن توقفت عن الصدور لفترة ليست بالقصيرة بسبب تفشي وباء فيروس كورونا في العالم خوفا من نقل الفيروس والتسبب في العدوى.
لقد أجمع عدد من النخبة المثقفة في حديثهم لـ الوطن على أن الجرائد الورقية تشكل أهمية بالنسبة للقارئ والمعلن والكتاب وأنها الأقدر على تشكيل الرأي العام الواعي، وهي التي تحمي من الزيف وتناسب كل الأعمال وتشكل مصدرا أوثق للباحثين، كما أنها تفضح أكاذيب الذباب الإلكتروني الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي بحسب وصفهم، مؤكدين على أن الصحف الورقية متوافقة مع الطبيعة البشرية والإنسانية ولا يزال لها بريقها الأخاذ، وأن ثورة التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي لم ولن تتسبب في اختفاء الصحافة الورقية.
وأكد الخبراء أن مزاياها في القراءة ومتابعة الأخبار متعددة بعكس «الإلكترونية» والتي قد تتعب وتضر من يداوم على متابعة الأحداث من خلالها.

تتوافق مع الطبيعة البشرية

قـــال الإعلامي الكبير الأسـتـاذ سعد الرميحي رئيس مجلس ‏إدارة المركز القطري للصحافة: يسرني بمناسبة إعادة إصدار الصحف الورقية، ومنها صحيفة $ الغراء، أن أتقدم بأطيب التهاني لمعشر القراء والمتابعين بهذه العودة الحميدة وأدعو الله أن يحفظ البشرية من هذا الوباء الخطير وأن يتمتع الجميع بالصحة والسعادة.
‏لقد أثبتت جائحة كورونا أن المقولة التي كانت تردد بأن العمر الافتراضي للصحافة الورقية على ‏وشك أن ينتهي غير دقيقة وغير متوافقة مع الطبيعة البشرية والإنسانية، فما زال للصحافة الورقية بريقها الأخاذ، وما زال ‏تأثيرها على القارئ والمعلن كبيرا جدا، فقد أصبحت نسبة الإعلانات عبر الصحافة الإلكترونية ضعيفة لا تتوازن مع نفقات الجرائد مما يعني أنه لو استمرت هذه الحالة فإن المؤسسات الصحفية لن يكون أمامها من خيار سوى الاستغناء عن عدد كبير من الصحفيين والكتاب، ولكن ولله الحمد ها هي الصحف القطرية تعود لقرائها لتؤكد أن مسيرة العمل الصحفي الطبيعي مستمرة ومواكبة لتطلعات القراء وأمانيهم، كما أن الشيء المهم هو حق المعلن في أن يجد صدى لإعلاناته متمثلا في التسويق الجيد، فعلى الرغم من ثورة التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي والتي أثرت بلا شك على الصحف بوجه عام في العالم إلا أن ذلك لا يعني أبدا إلغاءها أو اختفاءها، وها نحن معشر القراء نتطلع بشغف لعودة الصحف المحلية لإصدارها الطبيعي.


تفضح أكاذيب الذباب الإلكتروني

قال الأستاذ الدكتور محمد المسفر المتخصص في العلوم السياسية: أعتقد أن غياب ‏الصحافة الورقية ‏لفترة زمنية طويلة أحدث هزة في الوسط الإعلامي في الظروف الصعبة التي تمر بها منطقة الخليج العربي على وجه التحديد والعالم العربي على وجه أوسع، وعلى ذلك عودتها كعودة البدر في وسط السماء ينير الظلام ويفتح الآفاق لكل ذي عين وبصر وبصيرة.
واستطرد قائلا: إن ‏ ‏عودة الصحافة الورقية إلى الأسواق ‏تعتبر فاتحة عصر جديد بعد تجربة مظلمة حلت علينا في ظروف صعبة قاسية على الجميع، ونرحب بعودة الصحيفة الورقية ونقول لعلها تكون هي الوجه الحقيقي لتكون هي وسيلة اتصال بين المواطن وصانع القرار في قطر وفي كل منطقة الوطن العربي عمومًا فهي السلطة الرابعة التي ليس بيدها سلاح إلا الكلمة والرأي السديد، فالصحيفة الالكترونية ليست في متناول الناس جميعا، فليس كل إنسان لديه جهاز أو خدمة إنترنت متوفرة بشكل دائم لديه ويستطيع الدخول على جميع وسائل الاعلام المختلفة.
‏وأكد على أن الصحيفة الورقية هي في متناول الناس العامة والخاصة فهي تعين العامة الذين لا وسيلة لهم، أو الوصول عبر وسائل الإعلام المختلفة يشكل صعوبة لهم، وعلى ذلك نقيس بين الورقي في السوق في متناول الجميع ووصول الصحافة إلى النخبة والتي هي نخبة بسيطة في العدد وقليلة في الأداء، لهذا نقول إن الرأي العام يتأثر بالصحيفة الورقية المكتوبة خيراً من الصحافة الالكترونية، والصحافة الورقية ميزتها تحد من الصحافة المزيفة التي تسمى بالذباب الالكتروني لأنها تفضح عيوبهم وأكاذيبهم.



يحكمنا الحنين إليها

قال الدكتور أحمد عبد الملك الروائي والأكاديمي المعروف: أعتقد أن عودة الصحف الورقية بادرة طيبة بعد أن عانينا من توقفها القسري جراء فيروس كورونا وقانا الله منه، ومع إيماني الشديد بحتمية التكنولوجيا وضرورة مجاراتها في المجالات المختلفة إلا أنني أختلف مع البعض من حيث إن الصحف في منطقتنا العربية ما زالت تعول على الإنتاج الورقي، ونحن أهل السبعينيات ما زلنا يحكمنا الحنين للصحف الورقية: رائحتها، شكلها، ملمسها، وكل ذلك يؤثر على مدى استيعابنا لما تأتي به.
وأضاف قائلا: وخبرتي مع الصحافة الورقية تمتد منذ عام 1969 عندما كتبت أولى بدايات في مجلة الدوحة التي كانت تصدر عن إدارة الإعلام ثم بعد ذلك في مجلة العروبة.
وقال: لقد توقفت عن قراءة الصحف منذ أن توقفت الصحف الورقية، وهذا ليس انتقاصا منها بل لإيماني بأنني أريد أن أعمل ما أحب، والآن مع عودة الصحف الورقية لا شك سأعود لقراءتها، فأنا أشعر بضيق شديد عند القراءة عبر الصحف الالكترونية من حيث حجم البنط وضرورة تحريك الفأرة وتكبير العمود، أما في الصحف الورقية فالمجال مفتوح ورحب لأن يختار الإنسان ما يود قراءته ويقرأ بكل أريحية واستمتاع، كما أنني كاتب منذ خمسين عاما أستمتع بقص مقالاتي ونشاطاتي الصحفية وأضعها في ملف خاص بي. واختتم قائلا: أتمنى أن تكون عودة الصحف الورقية فاتحة خير وليس لانقضاء محنة كورونا بل لتجديد الوصل مع الصحف التي نعتز بها ونكنُّ لأهلها كل تقدير واحترام.




تصفحها أكثر إمتاعا من «الإلكترونية»

قال الناقد والكاتب المعروف الدكتور حسن رشيد: إنني سعيد بعودة ‏الصحافة الورقية في حقيقة الأمر لأننا دائما نهتم بالقراءة في أوقات متعددة، وأعتقد عملية القراءة عبر الوسائط الحديثة متعبة جدا بالنسبة لكبار السن ومتعبة للعين، كما ان هناك مزايا للصحف الورقية فهي أكثر متعة من الالكترونية، فنحن نقرأ على تمهل ومن الممكن أن نقرأ في أي وقت ونحن في حالة استرخاء بدل أن نكون تابعين للجهاز، ويمكن الاحتفاظ بالمقالات التي نرغبها ورقيا ونعمل منها أرشيفا، ويمكن أن يستفاد من الإصدارات الورقية للدراسات والبحوث ومن الأمور التي تحفظ، ودائما نقول البقاء والخلود للإطار الورقي.
وأضاف قائلا: عندما تم نشر الجرائد إلكترونيا في فترة الأزمة تراجعت الإعلانات، وتم إهمال مواضيع عديدة، وكثير من الفنانين يتابعون ما يكتبون عنهم ورقيا أكثر.
وعلى المستوى الاقتصادي فهي أفضل لأن الإعلان فيها أقوى تأثيرا من الالكترونية ويتميز بكثير من المصداقية وبالتالي تعمل على تنشيط الاقتصاد وتوفر الكثير من الفرص للأيدي العاملة.
copy short url   نسخ
05/07/2020
5439