+ A
A -
كتب
أظهرت بيانات مصرف قطر المركزي تحقيق فائض في موازنة الدولة لعام 2019 بواقع 6.33 مليار ريال مع بلوغ إجمالي الإيرادات العامة مستوى 214.74 مليار ريال، فيما سجلت إجمالي النفقات العامة مستوى 208.41 مليار ريال، وهو ما يفوق التقديرات الواردة في الموازنة التي توقعت تحقيق فائض يبلغ 4.3 مليار ريال مع إيرادات عامة تقديرية تبلغ 211 مليار ريال ونفقات تقديرية تبلغ 206.7 مليار ريال لعام 2019.
وسجل إجمالي الناتج المحلي للدولة مستوى 666.79 مليار ريال، بينما قفزت حصة مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي إلى مستوى 65.9 % في 2019 مقارنة مع مستوى بلغ 63.1 % في 2018، وهو ما يعكس استمرار توسع ونمو القطاع غير النفطي في إطار جهود التنويع التي تقوم بها الدولة لدعم القطاع الخاص وتخفيض مستوى الاعتماد على الإيرادات النفطية.
سعر التعادل
وبحسب صندوق النقد الدولي، فإن دولة قطر تتصدر قائمة الأفضل خليجيا في سعر تعادل برميل النفط، علما بأن سعر التعادل هو السعر الذي يحقق التوازن بين الإيرادات والمصروفات في الموازنة، وبلغ سعر تعادل البرميل في قطر 39.9 دولار، ثم جاءت الكويت في المرتبة الثانية خليجيا بسعر تعادل يبلغ 61.1 دولار، وشغلت الإمارات العربية المتحدة المرتبة الثالثة خليجيا بسعر تعادل 69.1 دولار، ثم السعودية في المرتبة الرابعة خليجيا بسعر تعادل 76.1 دولار، وجاءت سلطنة عمان في المرتبة الخامسة بسعر تعادل 86.8 دولار، ثم البحرين في المرتبة السادسة بسعر تعادل 95.6 دولار للبرميل.
وقال مراقبون إن دولة قطر محصنة ضد مخاطر تقلبات أسعار النفط، استنادا إلى حزمة من العوامل، وهي: جهود دعم وتنويع الاقتصاد الوطني وجهود تطوير قطاعي الزرارعة والصناعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي وهي الخطط التي تسارعت وتيرتها في أعقاب الحصار المفروض منذ الخامس من يونيو 2017، وتجني قطر ثمارها خاليا، فضلا عن الأصول السيادية الخارجية لجهاز قطر للاستثمار (صندوق الثروة السيادي) والتي تتوزع جغرافيا على جميع قارات العالم وتضم أيقونات استثمارية تحقق عوائد جيدة وتشكل مظلة حماية من أية صدمات مالية محتملة.
استراتيجية التنويع
وفي التفاصيل، قال رجل الأعمال عبدالعزيز العمادي، نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر «سابقاً»، إن دولة قطر تحصد ثمار استراتيجية التنويع الاقتصادي الفعالة، حيث عززت اهتمامها بالقطاعين الزراعي والصناعي من خلال تسهيلات استثنائية وكبرى مع دعم المنتجات الوطنية، وبالتالي فإنها لم تتأثر باضطراب سلاسل التوريد والخدمات اللوجستية عالميا بعد تفشي فيروس كورونا المستجد، كما أن الاكتفاء الذاتي يعزز الاستقلالية الاقتصادية. وأضاف: كان طبيعيا ارتفاع نسبة مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي نتيجة توسيع دور القطاع الخاص في مسيرة التنمية، الأمر الذي من المتوقع أن تتزايد وتيرته مستقبلا خصوصا أن قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مراحله الأخيرة.
وأضاف أن نمو القطاع غير النفطي ونجاح جهود التنويع وراء انخفاض مستوى انكشاف الاقتصاد القطري على تقلبات أسعار الطاقة العالمية، حيث إن قطر هي الأقل تأثرا خليجيا بانخفاض أسعار النفط. وعلى صعيد آخر باتت المنتجات القطرية تتوسع في الأسواق العالمية، حيث تكشف البيانات المتاحة عن ارتفاع صادرات القطاع الخاص خلال شهر فبراير الماضي لتصل إلى نحو 1.95 مليار ريال خلال شهر فبراير الماضي (أحدث بيانات متاحة)، مسجلة نموا بنسبة 6 % عما كانت عليه في شهر يناير الذي قبله، حيث كانت عند حوالي 1.84 مليار ريال، وتركزت الصادرات على قطاعات الألمنيوم والحديد والزيوت والأسمدة الكيماوية والبارافين وغيرها من المنتجات.
قطاع الصناعة
بدوره، قال رجل الأعمال شاهين المهندي إن قطاع الصناعة المحلي شهد طفرة في أعقاب الحصار، حيث تكشف بيانات وزارة التجارة والصناعة عن بلوغ حجم الاستثمارات في القطاع الصناعي مستوى 262 مليار ريال حاليا، فيما قفز عدد المصانع بنسبة 17 % إلى 893 مصنعا في العام الحالي مقارنة مع مستوى بلغ 765 مصنعا في العام 2017، وتصدر قطاع صناعات المعادن الإنشائية والنقل قائمة الأكثر عددا بحكم ارتباطه بمشاريع كأس العالم، بعدد مصانع وصل إلى 249 مصنعا، تشكل 27.9 % من إجمالي المصانع في الدولة، يليه قطاع الصناعات والمنتجات الكيماوية والبتروكيماويات، وعددها 231 منشأة صناعية بحكم وجود المواد الخام، وتمثل 25.9 % من إجمالي عدد المصانع، ويحتل قطاع الإسمنت ومواد البناء وبحكم التوسع العمراني الذي تشهده الدولة المرتبة الثالثة بواقع 178 مصنعا تشكل 20 % تقريبا من إجمالي عدد المصانع، ثم قطاع الصناعات الغذائية والمشروبات الذي يحوي 80 مصنعا تمثل 9 % من إجمالي عدد المصانع في الصناعات التحويلية.
ولفت إلى أن التنويع الاقتصادي أحد أبرز أهداف رؤية قطر 2030 التي تؤكد أن تنمية اقتصاد قطر تعني إيجاد توازن بين الاقتصاد القائم على النفط، وبين اقتصاد أكثر اعتماداً على المعرفة، وذلك سعياً إلى تنويع الاقتصاد القطري وضمان مناخ أعمال مستقر ومستدام. وتؤكد الرؤية الوطنية على أهمية الإدارة الاقتصادية السليمة، لتحقيق معدلات نمو اقتصادية مقبولة ومستدامة للحفاظ على مستوى معيشة مرتفع للجيل الحالي والأجيال المقبلة، بالإضافة إلى استقرار مالي واقتصادي يتميز بمعدلات تضخم منخفضة وسياسة مالية سليمة ونظام مالي كفؤ مأمون المخاطر، في ظل وجود مناخ استثماري محفز قادر على جذب الأموال والتقنيات الأجنبية وتشجيع الاستثمارات الوطنية.
كما تحث الرؤية الوطنية على وجود بيئة اقتصادية منفتحة ومرنة قادرة على التنافس في عالم متغير، والتنسيق لإقامة روابط تجارية واستثمارية ومالية، والاستغلال المسؤول للنفط والغاز، حيث إن الاستغلال الأمثل لهذه الموارد وخلق التوازن بين الاحتياطي والإنتاج، وبين التنويع الاقتصادي ودرجة الاستنزاف، فضلا عن إدارة قطاع نفط وغاز محفز ومحرك للابتكارات التكنولوجية المتقدمة ومشارك في تنمية الموارد البشرية وبناء القدرات الاقتصادية، وبذل جهود مكثفة لتطوير صناعة الغاز وجعلها تحتل مرتبة متقدمة كمصدر للطاقة النظيفة لقطر وللعالم، بالاضافة إلى الاحتفاظ باحتياط استراتيجي من النفط والغاز على أسس طويلة الأمد لأسباب تتعلق بالأمن الوطني والتنمية المستدامة.
جهاز قطر للاستثمار
وقال رجل الأعمال الدكتور خالد الكواري إن الاستثمارات الخارجية لدولة قطر تتوزع جغرافيا لتشمل قارات العالم وتساهم في تنويع الاقتصاد القطري، كما تشكل درعا أمام الصدمات المالية المحتملة، لافتا إلى أن جهاز قطر للاستثمار يمكنه اقتناص فرص استثمارية ناتجة عن تراجع قيم الأصول بفعل جائحة كورونا مع إمكانية تحقيق عوائد جيدة، خصوصا أن هناك فرصا استثمارية تختبيء تحت ركام أزمة كورونا. ولما كان جهاز قطر للاستثمار وأذرعة الاستثمارية مستثمرين طويلي الأجل، فإن هناك فرصا واعدة يمكن اقتناصها حاليا.
ويحتل جهاز قطر للاستثمار المرتبة التاسعة عالميا بقائمة أكبر الصناديق السيادية عالميا، ولديه حزمة من الأيقونات الاستثمارية التي نجح في الاستحواذ عليها سواء بشكل مباشر أو من خلال ذراعية الاستثماريتين كتارا للضيافة والديار القطرية، مثل: هارودز وبرج شارد اللندني وهو الأطول في أوروبا، فضلا عن حصص في كل من بنوك باركليز وكريدي سويس إلى جانب عملاقي السيارات فولكس واجن وبورشة وحصة تبلغ 9 % في شركة غلينكور البريطانية السويسرية لتجارة السلع الأولية والتعدين، كما يملك الجهاز 22 % من شركة سينسبري. وكذلك افتتح مكتبا في نيويورك عام 2015 ووضع خططاً لاستثمار 35 مليار دولار في الولايات المتحدة الأميركية، وقد استحوذ على نحو 10 % من شركة «إمباير استيت ريالتي تراست» المالكة لمبنى «إمباير استيت» الشهير في عام 2016، علاوة على «ميراماكس» و«روسنفت» وحصة تبلغ 8.3 % في شركة «بروكفيلد بروبيرتي» وحصة 4.6 % من شركة النفط العالمية رويال داتش شل، إلى جانب «غروفنر هاوس» وحصة في كلٍ من بنك أوف أميركا وتوتال وشركة المجوهرات الأميركية «تيفاني»، وفندق بلازا في نيويورك.
copy short url   نسخ
03/07/2020
581