+ A
A -
كتب محمد الأندلسي
أعلن مصرف الريان وبنك الخليج التجاري «الخليجي» عن دخولهما في مفاوضات أولية بشأن اندماج محتمل لإنشاء مؤسسة مالية أكبر وأقوى مع وضع مالي متين وسيولة أكبر لدعم النمو الاقتصادي في قطر وتمويل مبادرات التنمية بما يتماشى مع رؤية قطر 2030. ويخضع الاندماج المقترح لموافقة مصرف قطر المركزي، وهيئة قطر للأسواق المالية، ووزارة التجارة والصناعة والهيئات الرسمية الأخرى ذات الصلة، وموافقة المساهمين في كل من مصرف الريان والخليجي بعد الانتهاء من عمليات التدقيق التفصيلية والمالية والقانونية، كما يحافظ الكيان الجديد على جميع معاملاته بما يتفق مع مبادئ أحكام الشريعة الإسلامية، وسيؤدي الاندماج المحتمل إلى إنشاء واحد من أكبر البنوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في دولة قطر والشرق الأوسط وبإجمالي موجودات بقيمة تزيد عن 164 مليار ريال قطري (45 مليار دولار أميركي) وبمجموع حقوق ملكية يزيد عن 19 مليار ريال قطري (5.2 مليار دولار).
ومن المتوقع أن يساهم الاندماج بشكل إيجابي في التنمية الاقتصادية في دولة قطر من خلال دعم الشركات التجارية والكيانات الصغيرة والمتوسطة، كما سيخلق شريكًا استراتيجيًا للقطاع العام. ومن المتوقع أيضًا أن يخلق الاندماج مصلحة لجميع الشركاء، بما في ذلك المساهمين وعملاء البنوك وكذلك اقتصاد تلك الدول التي يعمل فيها البنكان حاليًا، وسيجمع الاندماج المحتمل في الكيان المشترك نقاط القوة الرئيسية للبنكين، في مجالات إدارة الشركات والتجزئة والثروة والخدمات المصرفية الخاصة.
وتشير البيانات المتاحة إلى أن مصرف الريان قد حقق خلال الربع الأول من العام الحالي صافي أرباح بقيمة 547 مليون ريال، بنمو نسبته 0.5 % مقارنة بالفترة نفسها من 2019، وبلغ العائد على السهم 0.073 ريال، كما بلغ مجموع الموجودات أكثر من 109 مليار ريال في الربع الأول 2020 مقارنة مع 100.31 مليار ريال في الفترة ذاتها من العام الماضي بنسبة نمو بلغت 8.7 %. وفي المقابل، حقق بنك الخليج التجاري (الخليجي) صافي ربح بلغ 177 مليون ريال خلال الربع الأول من العام الجاري، مقارنة مع مستوى بلغ 176 مليون ريال لنفس الفترة من 2019، فيما بلغ العائد على السهم للثلاثة أشهر الأولى من العام الجاري 0.05 ريال، وهو نفس العائد عن الثلاثة أشهر الأولى من 2019، وبلغ صافي الدخل التشغيلي 315 مليون ريال بزيادة بنسبة 9 % مقارنة بالربع الأول من العام الماضي.
مراحل الاندماج
وقال مراقبون إن الاندماج المصرفي الثنائي المحتمل بين مصرف الريان و«الخليجي» سيحقق حزمة من الايجابيات تتمثل في: تقليص التكلفة التشغيلية مع بلوغ رسملة الكيان الجديد الناتج عن الاندماج لمستوى كبير بما يسمح بالقيام بعمليات استحواذ والتوسع إقليميا وعالميا، إلى جانب زيادة القدرة على تمويل المشاريع التنموية الكبرى مع طرح منتجات وأدوات مالية جديدة ومبتكرة متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، خصوصا أن سوق التمويل الإسلامي متعطش للمنتجات المصرفية والمالية الجديدة. وأشاروا إلى أن عملية الاندماج المحتمل بين كل من مصرف الريان و«الخليجي» تأتي في أعقاب نجاح تجربة أول عملية اندماج في تاريخ القطاع المصرفي في دولة قطر والتي جمعت بين بنك بروة وبنك قطر الدولي (ibq) ليثمر الاندماج عن تشكيل كيان مصرفي قوي متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية على الصعيدين المحلي والإقليمي، مدعوماً بمستويات عالية من السيولة والملاءة المالية، ويتمتع هذا الكيان بوضع مالي متين وبحجم أصول تبلغ قيمتها أكثر من 77 مليار ريال.
ولفت المراقبون إلى أن خطوات الاندماج ستشمل: الفحص الفني النافي للجهالة وتحليل محاسبي ومالي وآلية واضحة لمعالجة محفظة القروض لدى البنكين وتحديد مراحل مزج أصول والتزامات وخصوم البنكين مع دراسة وافية لكل من: معدلات الرسملة وكفاية رأس المال والحصة السوقية لكل من البنكين، فيما تشير التقديرات إلى أن إتمام الاندماج سيستغرق وقتا طويلا، حيث تخضع العملية إلى موافقات من الجهات المعنية إلى جانب مراحل مالية ومحاسبية وإدارية لإنجاز عملية الدمج بشكل ناجح وتضم مراحل الاندماج: الإفصاح عن النوايا وهو ما تم بالفعل ويمثل أول مرحلة من مراحل الاندماج، بالإضافة إلى وضع الخطة المقرر تنفيذها للمفاوضات بين البنكين، والحصول على موافقة المساهمين، والجهات الرقابية المعنية، فضلا عن المراجعة المالية، والفحص الفني النافي للجهالة، لا سيما أن كلا من البنكين لديه قوائم مالية مختلفة.
تكييف المعاملات
ويقول رجل الأعمال أحمد الخلف إن الاندماج الثنائي المصرفي المحتمل بين كل من مصرف الريان والخليجي يعتبر خبرا سارا للقطاع المصرفي الذي سيصبح أكثر قدرة على المنافسة اقليميا ومحليا خصوصا بعد التجربة الناجحة لاندماج بنكي بروة وقطر الدولي (ibq)، الأمر الذي يوفر قدرة أكبر على تمويل المشاريع الكبرى مع فرص متزايدة لتوسيع الحصة السوقية وترشيد نفقات التشغيل إلى جانب طرح خدمات مصرفية إسلامية جديدة.
وأضاف أن الكيان المشترك الجديد الذي سينتج عن اندماج مصرف الريان والخليجي سيكون قادرا على المنافسة مع الكيان المشترك الناتج عن اندماج بنكي بروة وibq، الأمر الذي سيؤدي إلى منافسة أكبر على استقطاب العملاء من خلال تطوير الخدمات المصرفية والمالية المقدمة في السوق القطري، متوقعا أن يشهد سهما كل من مصرف الريان والخليجي بالبورصة نشاطا كبيرا خلال الفترة المقبلة.
التكنولوجيا المالية
من جهته، قال رجل الأعمال الدكتور خالد بن ارحمه الكواري إن الاندماج المصرفي الجديد المحتمل سيؤدي إلى تعزيز القدرة على التوسع بالأسواق العالمية للكيان الجديد مع إمكانية إنجاز صفقات استحواذ جديدة، متوقعا تركيز الكيان المصرفي الجديد بعد نجاح الاندماج على التكنولوجيا المالية الإسلامية «الفينتك» التي تشهد تطورا متسارعا في أعقاب ظهور أزمة كورونا والتركيز على القنوات المصرفية الإلكترونية، الأمر الذي يعزز فرص طرح منتجات مصرفية ومالية إسلامية جديدة لتواكب تطلعات العملاء وتلبي رغباتهم، وذلك في ظل الظروف الاقتصادية الحالية والتداعيات التي أنتجتها أزمة كورونا.
وأضاف الكواري أن الاندماج سيتيح تجميع الخبرات المتراكمة بين البنكين، مما يعزز قدرة الاستفادة منها في التوسع بالسوق المحلي والأسواق العالمية مع تنويع المنتجات المصرفية وزيادة مستوى جودتها، إلى جانب القدرة المتزايدة على تمويل المشاريع الكبرى وإدارة الثروات وتحسين جودة الخدمات المقدمة إلى الأفراد في السوق المحلي.
قوة مصرفية
من جانبه، قال رجل الأعمال سعد آل تواه الهاجري إن القطاع المصرفي في قطر يتمتع بقوة هائلة، وهو ما يتضح من رسملته الصلبة وجودة ونوعية أصوله المرتفعة ومعدلات كفاية رأسماله التي تتجاوز المتطلبات التنظيمية، ولعل أبرز دليل على قوة القطاع المصرفي بلوغ التسهيلات الائتمانية في أوج أزمة كورونا الحالية مستويات تريليونية، حيث تكشف البيانات المتاحة عن تسجيل إجمالي التسهيلات الائتمانية من البنوك التجارية، نحو 1.059 تريليون ريال في شهر مايو الماضي، فيما تحظى البنوك القطرية بتصنيفات ائتمانية عالية من وكالات التصنيف الائتماني العالمية مثل: موديز وفيتش وستاندرد آند بورز.
وأوضح أن الصناعة المالية الإسلامية تحتاج إلى تطوير أدوات ومنتجات مالية إسلامية جديدة، وبالتالي فإن عملية الاندماج بين مصرف الريان والخليجي ستعزز آفاق النمو الواعدة لقطاع التمويل الإسلامي في قطر، حيث سيتم تكييف معاملات «الخليجي» وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، وهو ما سيعزز مكانة قطاع التمويل الإسلامي القطري الذي يحتل المرتبة الخامسة عالميا.
copy short url   نسخ
01/07/2020
1820