+ A
A -
د. فاطمة سعد النعيمي
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
الصّلاح هو سلوك طريق الهدى، وقيل: هو استقامة الحال على ما يدعو إليه (الشّرع) والعقل، والصّالح: المستقيم الحال في نفسه، وقال بعضهم: هو القائم بما عليه من حقوق الله وحقوق العباد، والكمال في الصّلاح منتهى درجات المؤمنين ومتمنّى الأنبياء والمرسلين. وقيل: التّغيّر إلى الاستقامة في الحال وضدّه الفساد. وقيل: هو حسن الهيئة والمنظر من جهة الخير والدّين لا من جهة الجمال والزّينة.
وذكر أهل التّفسير أنّ الصّلاح في القرآن على أوجه: الأوّل: الإيمان ومنه قوله تعالى في «الرّعد»: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ). الثّاني: علوّ المنزلة. ومنه قوله تعالى في «البقرة»:( وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ). الثّالث: تسوية الخلق. ومنه قوله تعالى في «الأعراف»:( لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً)، أي: سويّ الخلق. الرّابع: يكون بمعنى الرّفق، ومنه قوله تعالى:(سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) أي الرّافقين بك.
الخامس: يكون بمعنى الإحسان كما في قوله سبحانه (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ). السّادس: يكون بمعنى الطّاعة، قال تعالى: (إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ)، يعني مطيعين لله عزّ وجلّ. السّابع: يكون بمعنى الأمانة، قال تعالى:
(وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً) يعني ذا أمانة.
وأهل الصلاح: من كان مستوراً ليس بمهتوك ولا صاحب ريبة وكان مستقيم الطّريقة، وسليم النّاحية من الأذى قليل السّوء، ليس يعاقر النّبيذ، وليس بقذّاف للمحصنات، ولا معروفا بكذب.
وكثيراً ما اقترن الإيمان بالعمل الصّالح في القرآن الكريم، وقد وعد الله عزّ وجلّ من جمع بين هذين بالحياة الطّيّبة في الدّنيا والنّعيم المقيم في الآخرة.
وفي عديد من آي الذّكر الحكيم ورد الصّلاح سمة للأنبياء ودعوة لهم كما ورد الحثّ عليه في هذه الأمّة وفيمن سبقها من الأمم.
فالصلاح دليل كمال الإيمان وحسن الإسلام، وبه تجلب النّعم وتدفع النّقم، وهي علامة على حسن الخاتمة.
{ أستاذ التفسير وعلوم القرآن
كلية الشريعة جامعة قطر
copy short url   نسخ
01/07/2020
507