+ A
A -
وصف خبير بالأمم المتحدة، أثناء حديثه في مؤتمر عالمي عبر الإنترنت نظمته مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، ما يمر به العالم حاليًا بأنه بمثابة «نقطة تحول»؛ إذ تُتيح هذه المرحلة للمجتمع فرصةً فريدةً لاختيار نوعية التعليم التي من شأنها تعزيز مفاهيم الاندماج العالمي والمرونة والسلام.
وفي إطار مشاركتها في الجزء الثاني من مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم «وايز» بعنوان: «تعطل التعليم وإعادة تصوره»، الذي يستمر على مدار ثلاثة أيام عبر الإنترنت، ويتناول آثار جائحة (كوفيد - 19) على مستقبل الأنظمة التعليمية حول العالم، ركزّت ستيفانيا جيانيني، مساعدة المدير العام للتربية في اليونيسكو، على أهمية بناء مستقبل أفضل من خلال التعلّم، مؤكدة أن «الأزمة التي سببها الوباء كشفت عن عواقب عديدة».
وتتابع: «تتمثل تلك العواقب في انعدام المساواة في الحصول على الحلول الرقمية وما يترتب عليها من حرمان الملايين من الحصول على فرصة التعلّم، وعدم المساواة بين الجنسين التي عرّضت الفتيات أكثر من الفتيان للعنف، وعدم المساواة الاجتماعية التي همّشت الفئات الأكثر فقرًا في هذا الإطار، بالإضافة إلى عدم المساواة الجغرافية».
ووفقًا لمنظمة اليونسكو، هناك حوالي 500 مليون طفل وطالب لا يمكنهم الحصول على فرصة التعليم، ويرجع ذلك جزئيًا إلى نقص سبل الاتصال. ووفقًا لاستطلاع حديث، فإن 60 بالمائة من المُعلمين في 60 دولة يفتقرون إلى المهارات الرقمية لتسهيل عملية التعلم عبر الإنترنت.
ودعت جيانيني المشاركين إلى التفكير في معنى «إعادة بناء عالم أفضل» بعد جائحة (كوفيد - 19)، قائلةً: «لن نتمكن من هزيمة الوباء من خلال التدابير الصحية وحدها، فالصحة العامة والتعليم العام هما عنصران مترابطان؛ وهما محوران أساسيان لبناء مجتمع أفضل، وليس من مصلحتنا أن نهتم بأحدهما على حساب الآخر».
وتابعت: «ثانيًا، كشفت الأزمة عن أهمية الاتصال الرقمي وتوافر المنصات عبر الإنترنت، فقد بدأت الحكومات بالفعل في التخطيط لمستقبل التعليم بحيث يتم تطبيق حلول ونماذج تعليمية مختلطة تجمع بين التعلّم المباشر والتعلّم باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة، وذلك لا يحتاج إلى وجود بنية تحتية مناسبة وحسب، ولكن يحتاج أيضًا إلى الحصول على مناهج رقمية، وتدريب رقمي، وإرساء معايير لحماية الخصوصية، لذا فإن التعليم بحاجة إلى المزيد من الموارد، وليس أقل مما كان في السابق». وأضافت: «دعونا نعترف بأن ركيزة العملية التعليمية تتمثل في العلاقة الإنسانية بين الطالب والمعلم، وأن الأنظمة التعليمية الأكثر استعدادًا لمواجهة الأزمات هي تلك القادرة على تقدير معلميها، ومنحهم المزيد من الحرية والاستقلالية، ومنحهم الظروف التي تسمح لهم بالتعاون خلال العمل».
وفي ختام حديثها، قالت جيانيني: «التعليم يمكنه إنقاذ المستقبل، كما باستطاعته تمكين كل طفل وشاب من أجل بناء عالم أكثر مرونة وشمولية واستدامة. نحن جميعًا بحاجة إلى العمل جنبًا إلى جنب لتوجيه المستقبل نحو المسار الصحيح، وإلى قيادة سياسية رشيدة، والتزام غير مسبوق بإنجاز هذه المهمة. يجب أن يكون التزامنا نحو التعليم العام، والصالح العام، والتضامن العالمي هو بوصلتنا للتعافي».
من جانبه، أكد ايدي داتون، مدير طوارئ التعليم في مؤسسة «التعليم لا يمكنه أن ينتظر» غير الربحية، على أهمية ومكانة المعلم. وخلال مشاركته في جلسة بعنوان: «تأثير جائحة (كوفيد - 19) على الأنظمة التعليمية حاليًا وفي المستقبل» صرح قائلاً: «المُعلّم لا يمكن استبداله».
وأضاف: «يلعب المعلمون دورًا هامًا ليس فقط من خلال قيامهم بعملية التعليم، ولكن أيضًا من خلال فهم وإدراك احتياجات التعلم والاحتياجات النفسية والاجتماعية للأطفال، وما إذا كان هناك ظرف في المنزل أو في بيئة المجتمع قد يحول دون اندماجهم وتفاعلهم في التعلم».
شمل المؤتمر كذلك مشاركة الدكتور حسن الدرهم رئيس جامعة قطر، وقام بدوره بتسليط الضوء على كيفية دفع أنظمة التعليم إلى الأمام بمشاركة العديد من الأطراف المختلفة وأصحاب المصالح المعنيين.
وقال: «التواصل هو عنصر حيوي للغاية خاصة في تلك الظروف التي تتسم بعدم الوضوح، فهو السبيل للحفاظ على العلاقة بين أعضاء هيئات التدريس والموظفين والطلاب وأولياء الأمور طالما أن القرارات واضحة وشفافة. علينا أيضًا أن نكون واقعيين وأن نشرح سبب اتخاذنا لهذا الاتجاه. لا يمكن للقادة أن يتخذوا مثل تلك القرارات بمعزل عن هيئة التدريس والمعلمين وأولياء الأمور».
وتحدث السيد ستافروس يانوكا الرئيس التنفيذي لمؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم «وايز»، خلال كلمته الافتتاحية، عن تفاني المعلمين وأولياء الأمور والطلاب في عملية التعلّم، قائلاً: «إنهم من بين كوادرنا الأكثر أهمية، وأتمنى أن يستمر تقديرنا لهؤلاء الأبطال إلى مرحلة ما بعد الوباء».
ومع انضمام حوالي 5000 مشاركًا، يشهد المؤتمر الذي يستمر لمدة ثلاثة أيام بالتعاون مع ندوة سالزبورغ العالمية ومؤسسة هولون أل كيو -والذي يمثل الجزء الثاني من سلسلة «تعطل التعليم، وإعادة تصوره» المنعقدة في أبريل الماضي 2020- أكثر من 50 مساهمًا، من ضمنهم سياسيون ومدراء مدارس وشخصيات تلفزيونية ومعلمون ورجال الأعمال ومتعلمون يقودون الحوار والمناقشات.
copy short url   نسخ
24/06/2020
788