+ A
A -
أصدر قسم البحوث والدراسات في شركة بيت المشورة للاستشارات المالية أول كتاب اقتصادي عن الحصار بعنوان «تجربة دولة قطر الاقتصادية في مواجهة الأزمة الخليجية 2017» بالتزامن مع الذكري الثالثة للحصار المفروض على دولة قطر.
ويعتبر هذا الإصدار الجديد أكبر دراسة اقتصادية علمية تستعرض آليات نجاح الاقتصاد القطري في مواجهة الحصار من خلال تسليط الضوء على تاريخ اقتصاد دولة قطر وما حققه من إنجازات خلال الفترات الماضية، مع تناول طبيعة الأزمة الخليجية التي وقعت في العام 2017 وأحداثها، وبيان تأثيراتها على اقتصاد دولة قطر من خلال دراسة ذلك على بعض المؤشرات الاقتصادية كالناتج المحلي، ومؤشر أسعار المستهلك، ومؤشر المالية العامة، والصادرات والواردات بالإضافة إلى تأثيراتها على القطاع المالي والمصرفي من خلال مؤشر البورصة وعرض النقد وأصول البنوك والائتمان والودائع والسيولة، بالإضافة إلى مؤشري قطاع السياحة وأسعار العقارات.
وقال الدكتور خالد السليطي الخبير المالي والاقتصادي ونائب رئيس مجلس إدارة بيت المشورة للاستشارات المالية أن كتاب «تجربة دولة قطر الاقتصادية في مواجهة الأزمة الخليجية 2017» يمثل إضافة نوعية للمكتبات المحلية والعالمية حيث إنه يوثق تجربة مهمة واستثنائية مرت بها دولة قطر عبر تاريخها، ويرصد بأسلوب علمي رصين الآثار الاقتصادية للأزمة الخليجية 2017، وفق مؤشرات دقيقة تم اعتمادها لدراسة تلك الآثار وتداعياتها، ثم يستعرض سلسلة الإجراءات والسياسات الاقتصادية التي اتخذتها دولة قطر في مواجهة هذه الأزمة، وصولًا لدراسة أثر تلك الإجراءات على المتغيرات الاقتصادية لرصد مدى نجاعة تلك الإجراءات وكيفية تجاوز الاقتصاد القطري لتلك الآثار، كما أن الكتاب يقدم للباحث في الشأن الاقتصادي نموذجًا واقعيًا فريدا في إدارة الأزمات الاقتصادية الطارئة من خلال استعراض هذه التجربة التي أثبتت نجاحها خلال هذه الأزمة.
وأضاف أن هذا الكتاب مر بمراحل متعددة حرصنا فيها أن يكون مراعيًا للأصول العلمية المتبعة في الدراسات البحثية والأكاديمية من ناحية التوثيق العلمي واستخدام أدوات الإحصاء والتحليل والعرض، وذلك من خلال الخبرات العلمية والأكاديمية التي تتمتع بها الشركة، وإننا في بيت المشورة نفخر بهذا الإنجاز العلمي الذي نهديه لدولتنا الحبيبة قطر وقيادتها الرشيدة ولحقل المعرفة الإنسانية كجزء من رسالتنا في الخدمة المجتمعية في هذا المجال.
ومن جانبه قال الدكتور خالد العبد القادر أستاذ الإدارة والاقتصاد ونائب رئيس كلية المجتمع في قطر: «يمثل هذا الكتاب دراسة فريدة من نوعها في دراسة هذا الحدث سواء من ناحية تخصصها أو من ناحية المعلومات والبيانات التي تم جمعها وتدقيقها أو من ناحية التحليل والدراسة وفق منهج علمي وأكاديمي سليم، وإني أطمع أن يكون لهذه الدراسة حيز في مكتباتنا ومناهجنا الأكاديمية وأن يستفيد منها كل أستاذ وباحث في مجال الاقتصاد وإدارة الأزمات، وأن يكون هذا الكتاب مرجعًا للأجيال القادمة للاطلاع على هذه التجربة التي مرت بها دولة قطر والكفاءة التي أدارت بها القيادة الحكيمة هذه الأزمة. كما أننا نجد هذا الكتاب محفزًا لأبنائنا الطلاب وباحثينا للتوجه نحو دراسة واقعنا ومجتمعنا وإخراج تراثنا وتجاربنا التي نفخر بها على المستوى الإقليمي والعالمي».
قوة اقتصادية
واستعرضت الدراسة جملة الإجراءات والتدابير التي قامت بها دولة قطر لمواجهة تداعيات وتأثيرات الأزمة على اقتصادها بالإشارة إلى الرؤى الاستراتيجية التي اعتمدتها دولة قطر في بناء اقتصادها بناءً سليمًا ومتينًا، مع تناول أثر هذه الإجراءات المتخذة في تجاوز آثار وتداعيات الأزمة وفق المؤشرات التي تم اعتمادها في هذه الدراسة حــــيــث راهـــــنــت دول الحصار في البداية على التداعيات الاقتصادية لتكون فرصة لإرغام دولة قطر على الموافقة علـــى اشــــتـــراطـــاتــهــا وطلباتها، وفي المقابل فإن قطر لم تكن ذات اقتصاد هش إذ مكنها اقتصــادهــا الــــــقـــوي والمتنـــوع إلى حـــد كبيــر من الصمــود ومواجــهــــة الآثــــــــــار الاقتصادية لهذه الأزمة، كما تعامل متخذ القرار في دولة قطر مع الأزمة بكفـــــاءة وحنكــــة عالية، فاتُخذت عدد من الإجراءات للحد من هذه التـــداعـــــــيــات الاقتصـــادية، منها إجراءات تم اتخــاذهـــا بعد الأزمــــة وتهــدف لمـعــالـجـــــات آنية وسريعة لامتصاص أثر الصدمة، ومنها إجراءات استهدفت اتخاذ حلول دائمة وطويلة الأجل للتداعيات التي ظهرت، ومن خلال هذه المعالجات والإدارة الكفؤة للأزمة وتداعياتها تمكن الاقتصاد القطري من تحديد حجم الأزمة وتجاوزها بوقت قياسي بل وكانت فرصة لإثبات قوة الاقتصاد القطري ومرونته.
مؤشرات النمو
وأكدت الدراسة أن الإجراءات التي اتخذتها دولة قطر لمواجهة الحصار تتمتع بكفاءة اقتصادية ومرونة فائقة وهو ما زاد من قوة الاقتصاد القطري حيث شكل الحصار المفاجئ صدمة إيجابية لدولة قطر حفزتها للإسراع في تنفيذ استراتيجياتها وخططها الاقتصادية من خلال تعزيز مناعة قطاعاتها الاقتصادية وتحفيز خطط الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي بينما قام مصرف قطر المركزي بالعديد من الإجراءات التي تسعى لمزيد تحصين الجهاز المصرفي من الصدمات المفاجئة بعد الدروس التي اســـتفــــادهــــا من هذه التجربة وبعد أحداث الحصار يلحظ المراقب توجهًا أكثر تركيزًا من قبل دولة قطر على تطوير قطاع الغاز وتأكيد استراتيجيتها على بقاء صدارتها في السوق الدولي فضلا عن تعزيز القطاع السياحي من خلال استراتيجية شاملة للنمو وعلى مستوى الأسهم القطرية فقد قامت البورصة باتخاذ حزمة من القرارات والتدابير لزيادة جاذبيتها الاستثمارية عقب الحصار من خلال رفع سقف ملكية الأجانب لدى قطاع كبير من الشركات إلى 49 % بدلًا عن 25 % بالإضافة لطرح إدارة البورصة عددًا من المنتجات والخيارات الجديدة للمستثمرين، ومنها إدراج عدد من الشركات الجديدة والصناديق، وكذلك طرح عدد من أسهم الشركات الجديدة، بالإضافة إلى تحسين وكالات التصنيف الائتماني العالمية لنظرتها المستقبلية لدولة قطر من سلبية إلى مستقرة،وكل ذلك أدى إلى تعافي مؤشر البورصة واستقطاب مستثمرين جدد ورؤوس أموال جديدة للاستثمار في البورصة بعد خروج المستثمرين من دول الإمارات والسعودية والبحرين وقد بدأ المؤشر بالتعافي النسبي في شهر يوليو 2018 مقارنة بيوليو 2017 وأرجع تقرير الاستقرار المالي لعام 2018 الصادر من مصرف قطر المركزي الارتفاع في سعر الأسهم إلى حد كبير إلى الاستثمارات من المحافظ الاستثمارية الأجنبية، مما يعكس الثقة في أساسيات الاقتصاد الكلي المحلي التي خرجت بقوة من الأزمة، واعتبر التقرير أداء مؤشر البورصة هو الأفضل على مستوى العالم خلال عام 2018 بارتفاعها بنسبة 20.83 %.
ولفتت الدراسة إلى أنه وبحسب البيانات المتاحة فإن الناتج المحلي الإجمالي لقطر شهد تحسنا في الربع الثالث 2017، وبنسبة نمو بلغت 7.4 % بعد أن تأثر في الربع الثاني من 2017، وانخفض بنسبة 3 %، وكذلك ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي ونما في عام 2018 بنسبة 13.54 % وأدت إجراءات الدولة المتمثلة في تصحيح أسعار الإيجارات وفي توسيع خطوط الملاحة البحرية وفي توفير بدائل استيرادية ومحلية متنوعة للمنتجات الغذائية ودعم وتشجيع المنتج المحلي إلى تعافي مؤشر أسعار المستهلك في سبتمبر 2017 بنسبة 0.7 % بعد الارتفاع الذي شهده في يوليو 2017 بنسبة 1 %. بينما أدت الإجراءات التي اتخذتها الدولة إلى تحسن الصادرات ابتداءً من شهر أغسطس 2017 وبنسبة نمو بلغت 17.7 % بعد انخفاضها في الربع الثاني بنسبة 1 %. بينما ارتفعت الواردات ابتداءً من أكتوبر 2017 بنسبة 14.7 % بعد انخفاضها في الربعين الثاني والثالث بنسبة 8 % و10 % على الترتيب وذلك بعد اتخاذ الدولة عددًا من المعالجات.
وتعافى مؤشر البورصة ابتداءً من أكتوبر 2018 وبنسبة نمو 26.2 % بعد تأثره سلبًا في يونيو 2017 وبنسبة انخفاض بلغت 9 % وذلك بعد عدد من الإجراءات التي اتخذتها الدولة والتي أسفرت أيضا عن تحسن عرض النقد (م1 ) في يناير 2018 بنسبة نمو 1.2 % بعد انخفاضه في يوليو 2017 بنسبة 8.15 %.
القطاع المصرفي
ووفق الدراسة فقد أسهمت الإجراءات التي اتخذها مصرف قطر المركزي في استمرار ارتفاع مؤشر أصول البنوك ومؤشر الائتمان ومؤشر الودائع وذلك من خلال إدارة مكونات هذه المؤشرات حسب حاجة القطاع المصرفي وأثرت الإجراءات التي اتخذتها الدولة في تحسن مؤشر السيولة والاحتياطيات الأجنبية ابتداءً من أكتوبر 2018 وبنسبة نمو بلغت %31.2 بعد الانخفاض الذي شهده المؤشر في يونيو 2017 وبنسبة انخفاض 11 % بينما ساعدت الإجراءات التي اتخذتها الدولة على ارتفاع إيرادات الدولة ابتداءً من الربع الأول 2018 وبنسبة نمو 9.6 % بعد انخفاضها في الربعين الثاني والثالث 2017 وبنسب انخفاض 12 % و29 % وحقق الميزان المالي نهاية 2018 نموًا موجبًا هو الأول له منذ 2015.
وخلصت الدراسة إلى جملة من النتائج كان من أهمها تميز التجربة الاقتصادية لدولة قطر والتي حققت نجاحًا متميزًا خلال الفترات السابقة، ونجاعة الإجراءات التي اتخذتها دولة قطر في مواجهة الأزمة.
وتوصي الدراسة بتسليط مزيد من الضوء على تجربة دولة قطر الاقتصادية في مواجهة الأزمة واعتمادها كمرجع ضمن المراجع المتخصصة بإدارة الأزمات الاقتصادية.
copy short url   نسخ
07/06/2020
1259