+ A
A -
محمد الجعبري وحسام وهب الله
قال الدكتورعبد اللطيف الخال، رئيس المجموعة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة فيروس «كوفيد - 19»، إن أحدث البيانات المرتبطة بالحالات الجديدة وحالات دخول المستشفيات تشهد استقراراً، وستعرف بالتأكيد خلال الأسبوع أو الأسبوعين المقبلين ما إذا كان هذا الاتجاه سيستمر.
وأضاف د. الخال في مقابلة مع برنامج المسافة الاجتماعية أن فيروس كورونا دخل قطر قبل ثلاثة أشهر تقريبا ومنذ ذلك الوقت وأعداد المصابين في تزايد مستمر، حيث وصلنا إلى معدل إصابات يقترب من الألفين إصابة يوميا، لكن فيما يتعلق بالحالات المكتشفة مؤخرا بشكل عام نستطيع القول إن المعدلات بدأت في الاستقرار بالإضافة إلى أننا لاحظنا في الأيام الأخيرة أن معدلات التعافي في تزايد مستمر ولله الحمد.
وأشار د. الخال إلى أن التغيير الذي طرأ على سياسة خروج المرضى بـ «كوفيد - 19» من المستشفيات الأسبوع الماضي طرأ لأننا مع بداية ظهور الجائحة في دولة قطر اتبعت وزارة الصحة سياسة الحذر بمعنى أن الشخص المصاب بفيروس كورونا قد يكون قادرا على نقل العدوى للآخرين لفترة قد تصل إلى 4 أسابيع، وفي نفس الوقت لم تكن لدينا معلومات كثيرة عن ديناميكية حركة الفيروس ومدى قدرة الشخص المصاب على نشر الفيروس، حيث كان ظهور «كورونا» ما زال حديثا ولم يمر على ظهوره أكثر من شهر ونصف، ولم تكن هناك معلومات علمية وطبية كافية تقيم بشكل واضح الفترة التي يبقى فيها الإنسان مصدرا للعدوى، وفي ذلك الوقت اتخذت وزارة الصحة قرارا صائبا تمثل في أن تكون فترة العزل أربعة أسابيع أو عندما يتخلص المريض من الفيروس وتصبح نتائج الفحص عندها سلبية لمرتين متتاليتين بعد مرور أسبوعين على الأقل من الإصابة.
وأضاف د. الخال: في الأسابيع الثلاثة الماضية ظهرت بعض المعلومات الطبية والعلمية التي تشير إلى أنه بعد عشرة أيام من الإصابة بالفيروس إذا كان المريض ليس عنده أعراض أو عنده أعراض خفيفة، فإنه تقريبا يكون الفيروس الموجود في إفرازات الجهاز التنفسي لهذا المريض يكون قد مات ويكون هذا الإنسان ليس لديه القدرة على نقل العدوى للآخرين والسبب في إفراز الإنسان لهذا الفيروس لأن تلك الفيروسات تعيش داخل خلايا الجهاز التنفسي وخلايا الجهاز التنفسي رغم أن الفيروس يموت بداخلها، إلا أن بقايا الفيروس تكون موجودة داخل تلك الخلايا التي تتجدد بشكل يومي لهذا تظل بقايا الفيروس داخل الخلايا التنفسية لفترة قد تصل إلى أسبوع أو أسبوعين أو حتى ثلاثة بعد التخلص من الإصابة، وهذه المعلومات الطبية الجديدة طمأنت العالم على أن المريض بعد عشرة أيام من الإصابة وإذا كان ليس لديه أعراض من الممكن إخراجه من العزل وإعادته إلى منزله، ووزارة الصحة العامة وزيادة في الحرص قررت جعل المدة 14 يوما دون الحاجة لإعادة الفحص بالنسبة للحالات الخفيفة أو التي ليس لديها أعراض.
توجيهات جديدة
وقال د. الخال إن التوجيهات العلمية الجديدة أدت لتغيير في تعريف المتعافين، فبدلا من أن يظل الشخص أربعة أسابيع أو حتى تصبح العينة سلبية لمرتين متتاليتين أصبح بمجرد مرور أسبوعين عليه يستطيع الخروج والبقاء في المنزل لفترة أسبوع إضافي زيادة في الحرص، ونتج عن ذلك خروج الآلاف من المصابين ورجوعهم إلى منازلهم بدون أن يشكلوا أي خطورة على أفراد المجتمع، وهذه الإرشادات أو النصائح تتبعها حاليا منظمة الصحة العالمية ومركز مكافحة الأمراض الأميركي ومركز مكافحة الأمراض الأوروبي.
وأكد رئيس المجموعة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة فيروس «كوفيد – 19» أن التوجيهات السابقة لا تنطبق على المرضى الذين تستمر لديهم الأعراض، فأصحاب بعض الحالات المصابة تستمر لديهم الأعراض أكثر من عشرة أيام وتكون لديهم سخونة مستمرة والتهاب ما زال موجودا في الرئة، وقد يحتاج الإنسان حينذاك لفترة علاج أكثر من أسبوعين وفي بعض الأحيان قد تصل الحالة المرضية للرعاية المركزة وهؤلاء المرضى لا تنطبق عليهم تلك التوجيهات ويستمرون في العزل إلى أن يقرر الطبيب المعالج أنه حان وقت فك العزل، لكن كما يعلم الجميع فإن 80-90 % من الحالات المصابة بالفيروس هي حالات خفيفة أو بدون أعراض، لهذا فإن معظم المرضى بالفيروس في دولة قطر ينطبق عليهم هذا التوجيه ويخرجون بعد مرور أربعة عشرة يوما من العزل ويتوجهون لمنازلهم.
نسبة الوفيات
وقال د. الخال إن نسبة الوفيات في دولة قطر تعتبر من أقل نسب الوفيات على مستوى العالم فيما يخص وفيات كورونا، ونحن نتساوى في ذلك مع سنغافورة، وسبب عدد الوفيات القليلة يعود لعدة أمور أهمها إجراءات وزارة الصحة العامة والقرارات التي اتخذتها الدولة للحد من انتشار الفيروس في المجتمع بحيث لا يصل للفئة الأكثر عرضة للإصابة بمضاعفات الفيروس وهم فئة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، وقد ساعدت تلك الإجراءات والقرارات في منع الفيروس من الوصول لتلك الفئات والدليل أن نسب الإصابة بالفيروس بين تلك الفئات قليلة ولله الحمد، كذلك فإن سبب قلة الوفيات بفيروس كورونا في دولة قطر يتمثل في أن الكم الأكبر من المصابين في الدولة هم من فئة الشباب و90 % من تلك الفئة لديهم جهاز مناعة يساعدهم على التعافي من الفيروس، لكن هذا لا يعني أن بعضهم لم يصابوا بتعقيدات ومضاعفات فهناك شباب أقل من ثلاثين سنة وأصيبوا بالفيروس وحدثت لهم مضاعفات شديدة دخلوا على إثرها العناية المركزة لكن بشكل عام فئة الشباب أقل عرضة لمضاعفات الفيروس ويشكلون النسبة الأكبر من لإصابات في الدولة.
الكشف المبكر
السبب الثالث لقلة الوفيات هو الكشف المبكر والعلاج المبكر أيضا، فالأدوية التي يتم استخدامها في علاج الفيروس أعتقد أن لديها قدرة على العلاج، فمن التجارب التي اكتسبناها من التعامل مع الحالات سريريا وجدنا أن هناك استجابة، فالعلاج المبكر يحمي الكثير من الحالات بما لا يسمح للحالة المرضية بالتطور أو الوصول لحالة سيئة، ونحن نستخدم بعض العلاجات وقمنا ببعض التعديلات عليها بمرور الوقت وما زلنا ننتظر نتائج الأبحاث التي سيتم نشرها حول حالة المرضى الذين يحصلون على أدوية بعينها مقارنة بالمرضى الذين لا يحصلون على نفس تلك الأدوية وفي حالة فعاليتها فسوف نستمر فيها إن شاء الله.
وقال الدكتور الخال إن السبب الرابع لقلة عدد الوفيات هو وجود عدد كاف للأسرة سواء للحالات الحرجة أو الحالات المتوسطة والعادية، وهذا حدث بسبب الجهد الكبير الذي قامت به وزارة الصحة بتوفير الموارد الضرورية للقطاع الصحي الحكومي المتمثل في مؤسسة حمد الطبية والتي قامت بجهد كبير وجبار في توفير عدد كبير من الأسرة للحالات الحرجة في مختلف المستشفيات المخصصة لوباء كورونا، فوجود عدد كاف من الأسرة والطاقم الطبي والتمريضي للعناية المركزة ساهم بشكل كبير في تقليل عدد الوفيات إضافة إلى الأدوية الفعالة ووسائل العلاج الحديثة التي نستخدمها في العناية المركزة والتي ساهمت في تقليل عدد الوفيات، لكن نحن نتوقع أن تكون هناك وفيات إضافية لأن الفيروس مازال على نفس الشدة وهناك أشخاص لو وصلهم الفروس فسوف يتعرضون لمضاعفات شديدة ومنهم كبار السن ومرضى الأمراض المزمنة، فالفيروس موجود ولن يختفي إلا بوجود لقاح له.
التركيبة السكانية
وأضاف د. الخال أنه وكما هو معروف فإن طبيعة الفيروس تختلف من بلد لآخر ومن منطقة لأخرى على حسب حجم البلد وعلى حسب التركيبة السكانية داخل كل بلد، فعلى سبيل المثال بين فئة العاملين المهرة الذين يعملون في البناء ومجال التنظيفات والخدمات وهم من يشكلون أعدادا كبيرة في دول الخليج يتعرضون بشكل عام لانتشار الفيروس بشكل أكبر من المواطنين القطريين وبين المقيمين، فانتشار الفيروس في فئة العمالة الماهرة بدأ المؤشر يصل مستويات ثابتة وهناك مؤشرات بدأت في الاستقرار بل وفي الانخفاض قليلا، لكن فيما يتعلق بانتشار الفيروس بين المواطنين القطريين والمقيمين ما زالت النسبة الأكبر من تلك الفئات عرضة للفيروس لأن أكثر من 90 % من تلك الفئات لم يصيبهم الفيروس، لهذا فإن أكثرهم عرضة للإصابة بالفيروس، لذا يجب على القطريين والمقيمين أن يكونوا أكثر حذر لمنع الفيروس من الوصول إليهم وبالتالي الوصول للناس الاكثر عرضة لمضاعفات الفيروس وهم كبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة، وهؤلاء يجب أن يأخذوا حذرهم حتى نهاية العام لأن الفيروس لن يختفي حتى لو بدأ تخفيف الإجراءات الاحترازية وبدأت الحياة تعود تدريجيا لطبيعتها وبدأت الأعمال تعود بشكل متدرج لطبيعتها، فهذا لا يعني أن خطر الفيروس قد زال فالجائحة موجودة وما زال كبار السن والمصابون بالأمراض المزمنة عرضة لمضاعفات الفيروس، فكون الفيروس بدأ يخف بين العمالة وهم يمثلون النسبة الأكبر من السكان فهذا شيء يطمئن لكن لا يعني أن يقلل الناس من حذرهم أو يقللون من الاحترازات ومنها لبس الكمامة خارج المنزل والمحافظة على نظافة اليدين وتجنب التزاور والاختلاط الأسري والتباعد الاجتماعي وتجنب الخروج من المنزل إلا للضرورة، ويجب أن يظل الجميع حريصين وإلا سيجد القطريون والمقيمون أنفسهم عرضة لنشر الفيروس بين أفراد الأسر.
الالتزام بالإجراءات
وحول وضع اللوم على المواطنين في انتشار الفيروس، قال الدكتور عبداللطيف الخال: لا نستطيع أن نلقي باللائمة على أحد في انتشار الفيروس، حيث إنه عندما نقوم بتقديم الإرشادات على وسائل الإعلام المحلية تكون موجهة إلى جميع سكان دولة قطر، لافتا إلى أن الغالبية العظمى من المواطنين ملتزمون بجميع الإجراءات والاحترازات، ولكن هناك مجموعة صغيرة لم تلتزم بالاجراءات والاحترازات وخاصة في رمضان وعيد الفطر، مما تسبب في انتشار الفيروس وزيادة نسبة الإصابة بين القطريين والمقيمين أضعاف ما كانت قبل شهر رمضان، والكثير من الوفيات التي حدثت الفترة الماضية كانت بسبب التزاور في رمضان.
وعن تصنيف «R»، قال الدكتور الخال إنه رمز لتصنيف عن عامل تكاثر الفيروس، فمثلا فيروس كورونا في بداية انتشاره كانت نسبة عامل التكاثر في الصين من 1 إلى 4، بمعنى أن الشخص المصاب يقوم بنقل المرض إلى أربعة أشخاص، وفي قطر كانت نسبة عامل التكاثر للفيروس في بداية انتشاره من 1 إلى 3، وقد قلت تلك النسبة خلال الفترة الماضية بسبب الالتزام بالإجراءات والاحترازات وأصبحت من 1 إلى 1، وهي من النسب الأقل عاليما، مؤكدا أن العامل الأساسي في هذا الإنجاز يعود إلى الحكومة وأيضا لوزارة الصحة العامة التي قامت بجهود جبارة وعلى رأسها سعادة وزيرة الصحة العامة التي أدارت القطاعات الصحية بكل كفاءة للحد من انتشار الفيروس.
وأوضح أن القطاع الصحي في دولة قطر كان على الاستعداد قبل وصول الفيروس، وذلك من خلال زيادة الطاقة الاستيعابية والطواقم الطبية والتمريضية للتعامل مع الحالات الكبير، فتم إضافة الآلاف من الأسرة للحالات الحادة، والمئات من الأسرة للحالات الحرجة، وجهزت بكافة الاحتياجات، مما ساهم في خفض نسبة الوفيات.
وأكد على أهمية الالتزام بالمعايير الوقائية التي ستكون نمط الحياة الجديد خلال الفترة المقبلة، فالفيروس لا يزال موجود في العالم، وإن كانت المؤشرات ببعض الدول تشير للانخفاض، لافتاً إلى أنه في حالة تخلي الناس عن الاحترازات سيعود الفيروس مرة أخرى وبشكل كبير عما سبق، فلا بد أن يلتزم الجميع بتلك الاحترازات ويجعلها ضمن الروتين اليومي.
وشدد الدكتور الخال على ضرورة أن يلتزم الجميع بتلك الإجراءات حتى ظهور تطعيم فعال وآمن، مشيرا إلى انه من المتوقع أن يظهر تطعيم للفيروس خلال الفترة المقبلة، حيث تعمل العديد من المراكز البحثية على ايجاد عقار لهذا الفيروس، ولكن لا أحد يستطيع أن يتوقع التوقيت الذي سيخرج فيه العقار، فمن الممكن أن يظهر العقار للعلن مع نهاية العام الجاري أو منتصف العام المقبل.
وأشاد الدكتور عبداللطيف الخال بقرارات مجلس الوزراء الأخيرة التي خففت من الإجراءات التي اتخذتها الدولة خلال شهر رمضان حول السماح بزيادة أعداد الركاب بالسيارة من شخصين إلى أربعة، كذلك ممارسة الرياضة في أماكن بعيدا عن المنزل ودون لبس الكمامات، مطالبا الجميع بضرورة أخذ الحذر والحيطة والحد من التزاور للوقاية من انتشار فيروس كورونا مرة أخرى.
copy short url   نسخ
05/06/2020
576