+ A
A -
سليمان قبيلات كاتب أردني
بفرح غامر تزف الشموس بنت عفار أخت الملك الأسود بن عفار، بشرى التحاق الجيداء أرملة كبير تجار اليمامة إلى الخارجين على تخبط الملك وعدم تحصينه وحدة الديار في وجه الغزو الخارجي، فتقول في خضم الحلكة التي تدهم اليمامة في ردائها إن هذا الالتحاق يعني أن في الديار عروقا ما زالت تنبض.
تاهت اليمامة في خضم الصراع القبلي الماحق وأسرت عقودا طويلة في مرجل النار التي أسست مذذاك لبيئة الاقتتال بلا هوادة على السلطة بصفتها غنيمة تخرب البيت الداخلي للبلاد ولا تحصنه إلا بما يخدم بقاءها. فضلا عن ابتكار مفهوم أن الدولة هي الحاكم في عصر سحيق، الأمر الذي يجد صداه العميق في الثقافة الفوقية العربية، حتى باتت البلاد هي الشخص المقدس القابض على الأمر، ربما يكون العرب من أقدم الأمم التي نحت هذا المنحى الذي مركز المفاهيم العامة حول الفرد وأضفى عليها مسحة مقدسة ومضمونا لا يحيد عن اختزال الكل في ذات الزعيم، بصفته أيقونة إلهية يكون الموت عقابا لمن يسعى قولا أو فعلا إلى إرجاعها إلى مكانها الطبيعي.
تشتبك في الأقانيم المقدسة التي صاغتها القبيلة العربية لزعيمها، الموروثات المحلية والعامة في البيئات العربية مع المدخل الديني ما قبل الإسلام، فتعزز فكر النخبة المهيمن على الوعي القبلي العام، وأفضى إلى تأبيد القناعة لدى العامة بأن الخلاص من المتاعب الفردية والجماعية لا يتأتى إلا بإرادة الزعيم، لينسب له المجد حتى في نزول الغيث؛ أي أنه يبلغ مرحلة الألوهية المنزهة عن الهوى والغرض.
وهكذا، أنبنت هرمية السلطة والمجتمع بشكل عامودي، لتتمركز وتدور حول الذات العليا التي تمثل اليقين الأوحد في الثقافة العامة. وعلى الدوام، تفننت الثقافة السائدة في بث صورة نمطية عن الزعيم الكلي القدرات، الذي صار في خضم التحولات التي شهدها المجتمع العربي، حاكما لدولة القبيلة القائمة حاليا.
copy short url   نسخ
05/06/2020
213