+ A
A -
كتب سعيد حبيب
حقق الاقتصاد إنجازات قياسية منذ الحصار المفروض على الدولة في الخامس من يونيو 2017 من خلال حصده تصنيفات ائتمانية سيادية قوية من وكالات التصنيف الائتمانية العالمية مثل، موديز وفيتش وستاندرد آند بورز إلى جانب تحقيقه لفوائض مالية كبرى ونمو على جميع المستويات ليتحول الحصار من محنة إلى منحة عبر تعزيز الاستقلالية الاقتصادية وخطط الاكتفاء الذاتي، ودعم المنتجات الوطنية وتطوير التشريعات الاقتصادية لتصبح أكثر انفتاحا ومرونة وتسهيل ممارسة أنشطة الأعمال وتوسيع دور القطاع الخاص الوطني في مسيرة التنمية الاقتصادية.
وواجهت قطر الحصار بتطوير تشريعاتها الاقتصادية من خلال إصدار قانون تنظيم استثمار رأس المال غير القطري في النشاط الاقتصادي والذي يمنح للمستثمر الأجنبي إمكانية التملك بنسبة 100 % في مختلف القطاعات والأنشطة التجارية بالدولة، بعدما كانت هذه النسبة لا تزيد على %49 كما تم صدور مرسوم القانون رقم (21) لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (34) لسنة 2005 بشأن المناطق الحرة الاستثمارية وتضمنت التعديلات عدم وجود قيود على جنسية رأس المال وحرية اختيار الشكل القانوني للمشروع، وكذلك حرية تحديد أسعار المنتجات ونسبة الأرباح، بالإضافة إلى إعفاء الأصول الرأسمالية ومستلزمات الإنتاج والصادرات والواردات من الضرائب وغيرها من الرسوم، كما تمنح المشروعات القائمة بالمناطق الحرة العديد من الضمانات من أبرزها عدم تقييد ملكيتها، ومنح حوافز ومزايا خاصة للمشروعات التي تعمل على زيادة نسبة المكون المحلي في منتجاتها والمشروعات التي تستثمر في مجالات الخدمات اللوجستية أو الاتصالات.
وحظي القطاع العقاري بعدد من التشريعات والقوانين المحفزة على الاستثمار، مثل قانون تنظيم التطوير العقاري، وقانون تنظيم تملك غير القطريين للعقارات والانتفاع بها الذي يتيح للمستثمرين الأجانب تملك العقارات وفقا للضوابط وكذلك عززت قطر من انفتاحها من خلال اعفاء مواطني نحو 90 دولة من تأشيرة الدخول ومؤخرا تم إصدار قانون رقم (12) لسنة 2020 المعني بتنظيم الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، والذي يصب في تفعيل الشراكة الحقيقية بين القطاعين الحكومي والخاص، ويعزز مساهمة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية والمشروعات الحيوية بالدولة، كما يحقق عنصر التكامل بين القطاعين الحكومي والخاص ليعمل القطاعان بشكل متوازن ويحققان التعاون المثمر لكلا الطرفين.
فائض الموازنة
وسجلت الميزانية العامة لقطر في 2018 فائضا بنحو 15.1 مليار ريال، وبما يمثل 2.2 % من إجمالي الناتج المحلي والبالغ نحو 700 مليار ريال بينما حققت الدولة فائضا في الموازنة لعام 2019 بواقع 6.33 مليار ريال مع بلوغ إجمالي الإيرادات العامة مستوى 214.74 مليار ريال، فيما سجلت إجمالي النفقات العامة مستوى 208.41 مليار ريال، وهو ما يفوق التقديرات الواردة في الموازنة التي توقعت تحقيق فائض يبلغ 4.3 مليار ريال مع إيرادات عامة تقديرية تبلغ 211 مليار ريال ونفقات تقديرية تبلغ 206.7 مليار ريال لعام 2019.
ممارسة الأعمال
وباتت ممارسة الأعمال في قطر أكثر سهولة بعد التطوير الكبير في التشريعات والقوانين الاقتصادية وهو ما جعل قطر تحل في المرتبة الـ 11 عالميا متفوقة على 151 دولة في مؤشر التشريعات الاقتصادية الذي يضم 162 دولة حول العالم والصادر عن معهد فريزر الكندي ضمن تقرير الحرية الاقتصادية للعام 2019، وهو ما يعكس صورة واضحة عن مدى التطور الكبير في مستويات تعزيز سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، عبر تطوير القوانين واللوائح والأنظمة القانونية التي تسارعت وتيرتها، عقب الحصار .
وعلى الرغم من استمرار الحصار الجائر وتفشي جائحة كورونا عالمية، حصد الاقتصاد القطري تصنيفات سيادية مرتفعة، وذلك من قبل وكالات التصنيف العالمية مثل فيتش وموديز ووستاندرند آندر بورز، حيث أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز» (S&P) العالمية للتصنيفات الائتمانية نظرتها المستقبلية لدولة قطر على المدى البعيد عند مستقرة، كما أكدت تصنيفاتها الائتمانية السيادية طويلة الأجل وقصيرة الأجل للعملات الأجنبية والمحلية في قطر عند «-AA» و«1+ -A»، كما قامت وكالة موديز بتثبيت التصنيف الائتماني لدولة قطر عند Aa3 مع نظرة مستقبلية مستقرة اما تصنيف قطر من وكالة «فيتش» فمازال مستقرا عند درجة (-AA)؛ وتعني جدارة ائتمانية عالية مع نظرة مستقبلية مستقرة.
ميناء حمد
ومن أجل رفد السوق بكل ما يحتاجه من بضائع وسلع في ظل الحصار، فقد عملت الشركة القطرية لإدارة الموانئ منذ الأيام الأولى للحصارعلى توسيع دائرة الخطوط البحرية الجديدة، واستطاع ميناء حمد، ان يكون شريانا رئيسيا للسوق المحلي وبوابة قطر الرئيسية للتجارة مع العالم، ويلعب دورا هاما في كسر الحصار على دولة قطر، كما انه من المتوقع أن يستحوذ على %35 من التجارة البحرية في المنطقة، ليمثل ركيزة أساسية في ضمان سلاسل الإمداد بصورة مستمرة.
ويعد ميناء حمد، وهو أكبر ميناء تجاري في البلاد، أحد أهم المشاريع طويلة الأجل التي تجسد رؤية قطر الوطنية 2030 فالاستثمار الذي بلغت قيمته مليارات الدولارات لا يوفر طاقات استيعابية إضافية فحسب، بل يقدم أيضا مجموعة جديدة من القدرات لقطاعات محددة في قطاع النقل البحري.
القطاع المصرفي
وأظهرت البنوك القطرية قوة ومرونة في مواجهة الحصار بارتفاع ملاءتها ورسملتها ومعدلات كفاية رأسمالها ومؤشرات سلامتها المصرفية فيما نجح مصرف قطر المركزي في ردع الحرب الاقتصادية التي حاولت دول الحصار شنها على الريال القطري الذي مازال يحتفظ بقوته عالميا ويلاحق حاليا «المركزي» المتورطين في محاولات الاضرار بالاقتصاد الوطني عن طريق مكتب المحاماة «بول، ويس، ريفكيند، وارتون وغاريسون» وهو المكتب الذي وكله «المركزي» لمتابعة التحقيق القانوني بشأن محاولات التلاعب بالعملة وأسواق ومشتقات الأوراق المالية، وقد أخطر مكتب المحاماة العالمي الهيئات الرقابية في لوكسمبورغ وبريطانيا إلى جانب هيئة الأوراق المالية والسلع الأميركية لإجراء تحقيق موسع في التلاعبات التي قام بها بنك هافيلاند الخاص في لوكسمبورغ والذي قام بمحاولات لشن حرب اقتصادية على دولة قطر بهدف الإضرار بالريال القطري، فضلا عن محاولات أخرى للقيام بسحوبات مفاجئة من البنوك القطرية ومضاربات على السندات القطرية المقومة بالدولار والمدرجة في أسواق الدين العالمية إلى جانب إحداث فجوة سعرية للريال القطري بين أسعار الصرف الخارجية والمحلية.
وفي سياق متصل أعلنت هيئة تنظيم مركز قطر للمال عن فرض غرامة مالية بقيمة 200 مليون ريال على بنك أبو ظبي الأول، لقيامه بعرقلة مجرى التحقيق الذي تجريه هيئة التنظيم بخصوص الاشتباه بقيام بنك أبوظبي الأول في التلاعب بالريال القطري والأوراق المالية الحكومية القطرية والأدوات المالية المتّصلة بها. وتعكس هذه الغرامة المالية خطورة وجديّة الخروقات للمتطلبات الرقابية الناشئة عن الخطوات المتعمّدة والمقصودة التي اتّخذها البنك لعرقلة مجريات التحقيق.
وايضا أصدرت هيئة تنظيم مركز قطر للمال قرارا تمنع فيه فرع بنك أبوظبي الأول العامل في قطر، من مزاولة أية أنشطة لعملائه الجدد، تزامنا مع التحقيقات التي يقوم بها مصرف قطر المركزي بشأن الحرب الاقتصادية التي استهدفت الإضرار والتلاعب بالريال القطري خلال الأشهر الأولى للحصار. ويشير تقرير الاستقرار المالي الصادر عن مصرف قطر المركزي إلى أن «المركزي» استخدم قنــوات الاتصــال لمنــع هجمــات المضاربــة علــى العملــة (الريال)،وكذلك قام باجراء اختبــارات الضغــط لتقييــم قــدرة القطــاع المصرفــي علــى تحمــل ســيناريوهات الضغــط المعقولــة ولوحــظ أن القطــاع المصرفــي مــرن بمــا يكفــي لاحتــواء المخاطــر .
الصناعة والزراعة
وساهم الحصار في تحفيز خطط الاستقلالية الاقتصادية والأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي الأمر الذي أدى إلى طفرة في قطاعي الزراعة والصناعة وبحسب بيانات غرفة قطر فقد بلغ عدد المنشآت الصناعية المسجلة العاملة والمرخصة مع نهاية العام 2019 نحو 1464 منشأة صناعية بمختلف القطاعات الصناعية، مقارنة بنحو 1171 بنهاية العام 2016، مما يعني تأسيس نحو 293 مصنعا جديدا خلال سنوات الحصار، منها 162 مصنعا في سنة الحصار الأولى2017، و72 مصنعا في السنة الثانية 2018، و59 مصنعا في سنة الحصار الثالثة 2019. كما تم تأسيس اكثر من 47 ألف شركة جديدة تأسست في قطر خلال اعوام الحصار الثلاثة.
وعلى مستوى الزراعة فقد حققت قطر الاكتفاء الذاتي بنسبة %100 في إنتــاج الدواجن الحيــة واللحوم ومنتجات الألبان، وبنسبة 24 % في إنتاج الخضراوات وحلت قطر في المرتبة الأولى عربيا والـ 13 عالميا في المؤشر العالمي للأمن الغذائي الصادر عن وحدة ايكونوميست انتليجنس التابعة لمجلة الايكونوميست البريطانية.
copy short url   نسخ
05/06/2020
711