+ A
A -
الدوحة الوطن
هزت جائحة كورونا (كوفيد - 19) العالم بأكمله بطريقة غير مسبوقة، سواء من حيث الرعاية الصحية أو التعليم أو تأثيره على الاقتصادات. وبينما فرضت تغييرات جذرية على الطريقة التي يعيش بها البالغون حياتهم، فقد كان لها تأثير متساوٍ على الأطفال. وفي حين أن الأطفال قد يكونون أقل عرضة للإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19) أو يصابون بأمراض خطيرة بسبب الفيروس التاجي، فقد تأثروا بشكل مضاعف بالأزمة الحالية.
وبينما تفرض الدول في جميع أنحاء العالم إجراءات الإغلاق والحجر الصحي والعزل الذاتي في محاولة منها للسيطرة على انتشار الفيروس، يواجه الأطفال حتمًا اضطرابًا في أنشطتهم المعتادة ونقصًا في الفرص المتاحة للتفاعل الاجتماعي في وقت حرج من حياتهم.
فبدلاً من قضاء معظم يومهم في المدرسة والانفتاح على التفاعل مع أصدقائهم ومعلميهم، فإنهم يقتصرون الآن على منازلهم مع القليل من التفاعل الاجتماعي أو بدونه على الإطلاق. ووفقًا للدكتور نديم جيلاني، طبيب معالج أول في مركز السدرة للطب، عضو مؤسسة قطر والمدير الطبي لبرنامج مساندة الطفل التابع للمركز، فإن هذا لا يزيد فقط من فرص وجود الأطفال المهمشين في أماكن قريبة مع المعتدين الحاليين وعدم حصولهم على أي تدخل خارجي لحمايتهم، ولكن يمكن أن تؤدي مشاعر الإحباط بين الأهل والأطفال على حد سواء إلى زيادة خطر حدوث حالات جديدة من سوء المعاملة.
ويوضح الدكتور جيلاني قائلاً: «الأطفال المهمشون الذين يواجهون بالفعل شكلًا من أشكال سوء المعاملة أو الاعتداء أكثر عُرضة بشكل خاص في هذه الآونة، لأن المتدخلين المحتملين مثل معلمي المدارس والذي يوفرون لهم العناية في المؤسسات التعليمية ليس لديهم نفس القدر من التفاعل معهم».
ويضيف: «أدى الإغلاق إلى زيادة ملحوظة في حالات إساءة معاملة الأطفال في جميع أنحاء العالم، فقد أبلغت الخطوط الوطنية الساخنة حول العالم عن زيادة في المكالمات المتعلقة بإساءة معاملة الأطفال، كما تلقى خط مساعدة الأطفال التابع لمركز السدرة للطب مكالمات من معلمي المدارس المعنيين وأولياء أمور يحيطون علمًا بحالات الأطفال المعرضين لسوء المعاملة من قبل مقدمي الرعاية أو الأقارب».
ويهدف برنامج الدفاع عن حقوق الأطفال في مركز السدرة للطب إلى المساعدة في منع الإساءة ودعم الأطفال الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الإساءة، بما في ذلك من خلال المتابعة المستمرة والصارمة مع أولئك الذين يُعرف أنهم تعرضوا لسوء المعاملة في الماضي.
ويقول الدكتور جيلاني: «نحاول تشجيع الأهل على الانخراط في أنشطة ترفيهية مع أطفالهم وإبقائهم مشغولين، لتجنب الشعور المفرط بالملل والإحباط الذي يسبب التوتر في الأسر»، مشيرًا إلى «أن التحديات الجديدة قادمة بالتأكيد، ولكننا نتعاون مع المؤسسات المحلية مثل مركز الحماية والتأهيل الاجتماعي (أمان)، ونتطلع إلى المنظمات والوكالات الدولية مثل الجمعية الدولية لمنع إساءة معاملة الأطفال وإهمالهم للحصول على المشورة والبروتوكولات حول كيفية التعامل مع هذا الوضع الاستثنائي».
وتثير جائحة كورونا المستجد (كوفيد - 19) وتداعياتها أيضًا السؤال عما يحدث للأطفال الذين يتم تشخيص مقدمي الرعاية الأساسيين لهم بهذا المرض، مما قد يترك الضحايا من الأطفال المُعرضين لإساءة المعاملة دون حماية أو في رعاية المسيئين لهم. ورغم أن دولة قطر لم تشهد إلا عددًا قليلًا من هذه الحالات حتى الآن، يُسارع مركز أمان غالبًا باحتضان الأطفال المهمشين تحت رعايته، ويتم التعامل مع أي من هذه الحالات التي يتم إبلاغها إلى مركز السدرة بشكل مشترك من قبل المؤسستين.
ويشجع الدكتور جيلاني مقدمي الرعاية والمُعلمين وأقران الأطفال على توخي الحذر من علامات سوء المعاملة، سواء من خلال التغيرات في السلوك أو الإصابات الظاهرة، أو حالة الخوف العامة بين الأطفال والمراهقين. كما ينصح الآباء بتوخي الحذر ومراقبة نشاط الأطفال على شبكة الإنترنت، حيث من المحتمل أن يقضوا فترات أطول بكثير عبر الإنترنت بسبب نقص التفاعل الحقيقي وأنشطة التعليم بالمدارس.
ويستطرد قائلاً: «يؤدي ذلك إلى ظهور أنماط جديدة للإساءة مثل الاستمالة والسلوك العدواني وحتى الاعتداء الجنسي. إننا نبذل كل الجهود الممكنة لضمان بقاء أولياء الأمور والمعلمين على علم بهذه المخاطر ومراقبتها، ولكننا نعتقد أيضًا أنه من المهم إجراء حوارات صادقة مع الأطفال والمراهقين حول مخاطر استخدام الإنترنت».
copy short url   نسخ
01/06/2020
1157