+ A
A -
د. فاطمة سعد النعيمي
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
وردت البشارة في القرآن على اثني عشر وجها لاثني عشر قوما باثنتي عشرة كرامة: الأوّل: بشارة أرباب الإنابة بالهداية: (وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرى إلى قوله: هَداهُمُ اللَّهُ)، الثّاني: بشارة المخبتين والمخلصين بالحفظ والرّعاية: (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ)، الثّالث: بشارة المستقيمين بثبات الولاية: (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) إلى قوله: (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ )، الرّابع: بشارة المتّقين بالفوز والحماية (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ* لَهُمُ الْبُشْرى)، الخامس: بشارة الخائفين بالمغفرة والوقاية (إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ)، السّادس: بشارة المجاهدين بالرّضا والعناية (الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا إلى قوله يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ )، السّابع: بشارة العاصين بالرّحمة والكفاية (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) إلى (قوله وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ)، الثّامن: بشارة المطيعين بالجنّة والسّعادة (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ )، التّاسع: بشارة المؤمنين بالعطاء والشّفاعة (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ)، العاشر: بشارة المنكرين بالعذاب والعقوبة (بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً )، (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ )، وهذه استعارة ولكن تنبيه أنّ أسرّ ما يسمعونه الخبر بما ينالهم من العذاب. الحادي عشر: بشارة الصّابرين بالصّلوات والرّحمة (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) إلى قوله: (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ)، الثّاني عشر: بشارة العارفين باللّقاء والرّؤية (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيراً).
ووردت البشارة وما اشتقّ منها في القرآن الكريم في مواضع عديدة وجاءت في بعض الآيات صفة للمولى- عزّ وجلّ- وفي بعضها صفة للمصطفى صلّى الله عليه وسلّم ونسبت للرّياح في بعض الآيات.
لقد اقترنت البشارة بالنّذارة خاصّة في صفة الأنبياء والمرسلين وانفردت وحدها في بعض الأحيان، أمّا المبشّرون فقد كانوا أصنافا عديدة منهم المؤمنون والمحسنون والصّابرون.
لذا يقول الرّازيّ: والبشارة المطلقة لا تكون إلّا بالخير وإنّما تكون بالشّرّ إذا كانت مقيّدة به كقوله تعالى: (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) وتباشر القوم بشّر بعضهم بعضا، والبشر المبشّر، والمبشّرات الرّياح الّتي تبشّر بالغيث. قال الزّجّاج: معنى يبشرك يسرّك ويفرحك وبشرت الرّجل أبشره إذا أفرحته. قال: وأصل هذا كلّه أنّ بشرة الإنسان تنبسط عند السّرور ومن هذا قولهم فلان يلقاني ببشر أي بوجه منبسط.
فهو كلّ خبر صدق تتغيّر به بشرة الوجه، ويستعمل في الخير والشّرّ، وفي الخير أغلب، وفي بالبشارة يحصل الفرج بعد الشّدّة، وينشرح الصّدر ويسعد القلب.
فاللهم بشرنا بزوال هذا الوباء وارفع عنّا هذا الابتلاء وطهر الأرض منه واشف مرضانا ومرضى المسلمين يا رب العالمين.
{ أستاذ التفسير وعلوم القرآن
كلية الشريعة جامعة قطر
copy short url   نسخ
01/06/2020
1056