+ A
A -
محمود إبراهيم سعد
لا يمر يوم علينا إلا ونسمع عن أحد الناجحين الذين حقَّقوا نجاحات وإنجازات في أحد ميادين ومجالات العلوم والحياة بشكل عام. هؤلاء الناجحون من أصحاب الهِمَم العالية قد سطر التاريخ أسماءهم بحروف من نور، وهناك من أصحاب الهمم العالية ما لم يَذكرهم التاريخ ولم تُنشر قصص تميزهم ونجاحهم، ولا يضرُّهم ذلك ما داموا قد حقَّقوا أهدافَهم ووصلوا إلى مُبتغاهم.
وعلى سبيل الذكر لا الحصر وكما ورد في العديد من المؤلفات، فإنَّ لاختراع المصباح الكهربائي قصَّة مؤثِّرة في حياة أَديسون؛ ففي أحد الأيام مرضَت والدتُه مرضًا شديدًا، وقد استلزم الأمر إجراءَ عمليَّةٍ جراحيَّة لها، إلَّا أنَّ الطبيب لم يتمكَّن من إجراء العملية؛ نظرًا لعدم وجود الضَّوء الكافي، واضطرَّ للانتظار للصباح لكي يُجري العمليةَ لها؛ ومن هنا تولَّد الإصرار عند أديسون لكي يُضيء الليلَ بضوءٍ مبهِر، فانكبَّ على تجاربه ومحاولاته العديدة من أجل تَنفيذ فِكرته، حتى إنَّه خاض أكثر من 900 تجربة في إطار سَعيه من أجل نَجاح اختراعه. وقيل إنَّ أديسون قَبل اختراعه للمصباح الكهربائي قد حاول أكثر من 1000 محاولة لهذا الاختراع العظيم، ولم يسمِّها محاولات فاشِلَة، بل أسماها تَجارب لم تَنجح، ولنا هنا أن نتعلَّم من هذا المخترِع الصَّبرَ والثِّقة بالنَّفس والتفاؤل، ويقول أيضًا: تعلَّمتُ 1000 طريقة خطأ لصُنع المصباح.
ولذا يجب على كلِّ إنسان يرغب في النجاح وتسطير اسمه في سجل الناجحين والمتميزين أن يكون ذا همة عالية، وعليه أن يعمل بجد واجتهاد، ولا يلتفت للوراء أبدا؛ فالناجحون دوما ينظرون للأمام والمستقبل بعين متفائلة وفكر طموح ورغبة صلبة، وأن يَسعى في رَفع همَّتِه؛ من أجل بلوغ أهدافه وتحقيق طموحاته، ويمكنه هنا الاستفادةِ من تجارب أصحاب الهمَم العالية؛ كي يَختصر لنفسه الطريق، وعلى رأس القدوات في هذا الطَّريق النبيُّ صلى الله عليه وسلم، والصحابة، والتابعون.
والسؤال الآن: كيف يمكن للفرد أن يزيد همته ويعلو بها؟
هناك الكثير من الطرائق والأساليب التي يمكن للفرد من خلالها أن يزيد همته ويعلو بها، ومنها: أن يكون لدى الفرد هدف أو مجموعة أهداف واضحة، وخطة محددة لبلوغ هذا الهدف، وأن يسعى جاهدا لطلب العلم والاستزادة منه، وأن يعمل دائما على تطوير أدائه وممارساته؛ لمسايرة التغييرات المتسارعة في الحياة، وأن يقرأ كثيرا من قصص النجاح والناجحين، وأن يرافق ويجالس الناجحين والمتميزين، ويتبادل معهم الخبرات والتجارب الناجحة والمتميزة، وألا يلتفت للمحبطين والفاشلين ممن لا يعرفون للتميز سبيلا، ويسعون دائما لعرقلة الناجحين وإيذائهم؛ لأنهم يرفضون التغيير بالطبع ودائما يحاولون إخفاء نور المتميزين لأنه إن ظهر حتما سيظهر ظلام فكرهم وضعف إمكاناتهم، ولذا نجدهم يسخرون فيما بينهم من إنجازات الناجحين، فهؤلاء تنطبق عليهم مقولة «فيثاغورس»: «الجهلاء والأغبياء يسخرون مما لا يستطيعون فهمه، ويجب التعامل معهم وفق المثل القائل: «علاج الجاهل التجاهل»، وأيضا عليه أن يحسن إدارة وقته وألا يهدر وقته فيما لا يفيد من الأمور، وكذلك لتحقيق علو الهمة يجب أن يثق الفرد في قدراته وإمكاناته، وأن يحافظ على طموحه المستمر للوصول إلى الأحسن وعدم الرضا عن النفس مهما فعلت، والاقتناع بأن من يتفوق من الزملاء ليسوا أفضل منه، وباستطاعته اللحاق بهم، بل باستطاعته اللحاق بالعلماء الذين نعدهم قمما في العلم، فعلينا أن نترك النظر إليهم من أسفل السفح، وأن نتخذ منهم قدوةً نسير في طريقهم الذين ساروا فيه حتى بلغوا ما بلغوا، وكفى به إهدارا للنعمة أن يُقنع الإنسان نفسه بعجزه وضعفه.
{ مدرب معتمد ومستشار في التطوير وجودة التعليم
copy short url   نسخ
30/05/2020
4726