+ A
A -
الدوحة-الوطن
شارك باحثون من «وايل كورنيل للطب - قطر» في دراسة دولية فارقة أُعيدَت في إطارها برمجة خلايا بكتيرية من أجل توليف وتوفير عقار فعال مضاد للسرطان.
فقد عمل الباحثون جنباً إلى جنب مع علماء من جامعة أكسفورد وجامعة شيفيلد البريطانيتين وجامعة غرايفسفالت الألمانية لبناء خلايا قابلة لإعادة البرمجة من ثلاثة أنواع من البكتيريا هي: بكتيريا الإشريكية القولونية، وبكتيريا الزائفة الكريهة، وبكتيريا رالستونيا يوتروفا.
وحقق الباحثون هذا الإنجاز بإتلاف وإزالة المادة الوراثية من الخلايا البكتيرية بالاستعانة بإنزيم خاص يتسبب في إحداث تشقق في سلسلتي الحلزون المزدوج للحمض النووي ضمن الكروموسومات، لكن دون أن يمس البنى الخلوية الأخرى التي تواصل عملها. ومن ثم من الممكن أن تُعاد برمجة الخلايا الناجمة المسماة «الخلايا البسيطة» SimCells بحقنها بمادة وراثية أخرى، الأمر الذي يتيح استخدامها في وظائف مختلفة عدة، منها توليف وتوفير عقاقير دوائية. وتُعرف عملية هندسة الكائنات القائمة للقيام بمهام معينة يصممها الباحثون على النحو المذكور باسم البيولوجيا التوليفية، وهو أحد المجالات البحثية الواعدة إلى أبعد حد على صعيد تطوير عقاقير دوائية جديدة لمجموعة واسعة من الأمراض المختلفة.
نشرت الدراسة في الدورية المحكّمة Proceedings of the National Academy of Sciences of the United States of America تحت عنوان: «الخلايا البكتيرية منزوعة الكروموسوم منصات آمنة وقابلة لإعادة البرمجة لأغراض البيولوجيا التوليفية»، استخدم الباحثون خلايا بسيطة معادة البرمجة لتوليف كاتيكول (أحد العقاقير الدوائية القوية المضادة للسرطان) من حمض الساليسيليك ليقوم بمهمة تثبيط الخلايا السرطانية الرئوية والدماغية وأيضاً الخلايا السرطانية في الخلايا الرخوة في المختبر. وأظهر الباحثون أيضاً أن الخلايا البسيطة يمكن استخدامها «كوسيط مأمون» لتصنيع وطرح عقاقير دوائية لأن هذه الخلايا غير قابلة للتكاثر ولا تتفاعل مع الجينوم المضيف وخالية من الحمض النووي الكروموسومي.
ومن بين الباحثين المشاركين بتأليف الورقة البحثية، الدكتور فرانك شميت مدير مختبر البروتيوميات في «وايل كورنيل للطب - قطر»، الذي أشار إلى أن المشروع قاده باحثون من قسم العلوم الهندسية في جامعة أكسفورد، وبصفة خاصة البروفسور واي هوانغ الأستاذ المشارك للبيولوجيا التوليفية، وكاثرين فان باحثة الدراسات العليا، فيما أسهمت «وايل كورنيل للطب - قطر» بقدراتها المتقدمة في مجال تحليل البروتين.
وقد نوّه الدكتور شميت بأهمية الدراسة قائلاً: «هذه دراسة مثيرة للاهتمام، فقد أظهرت إمكانية مواءمة الخلايا البكتيرية لتكون بمثابة منصة لإطلاق عقاقير دوائية قد تنقذ أرواح كثيرين، وليس هذا فحسب بل أظهرت أيضاً أنها لا تتكاثر أو تتسبب في عدوى خطيرة أو تتداخل مع الحمض النووي للمريض. نحن سعداء للغاية في وايل كورنيل للطب - قطر بمشاركتنا في مثل هذه الدراسة البحثية الطليعية مع نخبة من الجامعات العريقة مثل جامعة أكسفورد وجامعة شيفيلد البريطانيتين وجامعة غرايفسفالت الألمانية، وهي تؤكد مجدداً طموحاتنا وقدراتنا الفائقة في الكلية خاصة، ودولة قطر عامة».
تشير الورقة البحثية إلى أنه من المعروف أن العديد من أنواع البكتيريا مرتبطة بعلاقة تفضيلية بالأورام السرطانية، ما يبشر بإمكانات هائلة لهندسة البكتيريا لاستشعار واستهداف الأورام في جسم المريض ونقل المركّبات المضادة للسرطان إليها مباشرة. وبالإضافة إلى ذلك، تؤكد الورقة البحثية أن «الدوائر الجينية» (التجمعات الاصطناعية للجينات مختبرية المنشأ) قد حُقنت في الخلايا البسيطة ووُجد أنها قادرة على استخدام الآلية الخلوية الموجودة فيها لتوليف البروتينات والقيام بوظائف استقلابية مهمة مثل مسارات تحلل السكر ذات الأهمية الأساسية لبقاء الخلايا حية. وقد تمكنت بعض الخلايا البسيطة التي قام الباحثون بتوليدها من البقاء حية لمدة وصلت إلى 10 أيام.
copy short url   نسخ
29/05/2020
459