+ A
A -
رصد أكرم الفرجابي
أدّى المصلّون بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب، أمس، صلاة الجمعة بحضور 40 مصلياً من أئمة ومؤذني الجامع والعاملين فيه، وقد راعى المصلون الإجراءات الاحترازية التي أقرتها الدولة بشأن تفشي وباء «كورونا»، وقاموا بترك مسافة آمنة فيما بينهم أثناء أداء الصلاة التي تم نقلها على الهواء مباشرة عبر القنوات التليفزيونية المحلية.
ودعا فضيلة الداعية محمد محمود المحمود إلى شكر النعم التي أنعمها الله عز وجل علينا بالمداومة على الطاعة، وقال: أيها المؤمنون يا من أكرمكم الله بالإقبال على طاعته في رمضان حَرِيٌّ بكم أن تداوموا عليها بعده، فالمسلم مأمورٌ بطاعة ربه في كل حين حتى يلقاه، فقد قال تبارك وتعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: 99]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ ادْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ»، رواه مسلم.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها بمنبر جامع الإمام محمد بن عبد الوهاب أمس إن مِن المداومة على الطاعة صوم الست من شوال، مؤكداً على ضرورة إخراج زكاة الفطر فهي واجبة على كل مسلم يجد ما يفضل عن قوته وقوت عياله، مبيناً أن الله تعالى امتن علينا بنعم لا تعد ولا تحصى، مستدلاً بقوله تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [النحل: 18] (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) [لقمان: 20].
نعمة الإيجاد
وأشار فضيلته إلى أنه يمكن حصر هذه النعم في ثلاث صور، أولاها: نعمة الخلق والإيجاد بعد العدم، قال تعالى: (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا. إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) [الإنسان: 2]، وبين فضيلته أن ثاني صور هذه النعم نعمة الإمداد والإعطاء، فقد امتن بها علينا فقال: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) [النحل: 53]، مستدلاً بحديث أبو إدريس الخولاني - رحمه الله - عن أبي ذَرّ أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: «يا عبادي إني حَرَّمتُ الظُّلمَ على نفسي، وجعلتُه بينكم محرَّماً، فلا تَظَالموا، يا عبادي كُلُّكم ضالٌّ إلا مَنْ هَدَيتُه فاسْتَهدُوني أهْدِكم، يا عبادي، كُلُّكم جائع إلا مَنْ أطعمتُهُ فاستطعِموني أُطْعِمْكم، يا عبادي كُلُّكم عارٍ إلا مَنْ كَسوْتُه فاستكْسُوني أكْسُكُمْ، يا عبادي إنكم تُخطئون بالليل والنهار وأنا أَغْفِرُ [ص:4] الذُّنوبَ جميعاً، فاستغفروني أغفِرْ لكم، يا عبادي، إنَّكم لن تبلغُوا ضَرِّي فتَضُرُّوني، ولن تبلغوا نَفْعي فتنفعوني، يا عبادي لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم وإنْسَكم وجِنَّكم، كانوا على أتْقَى قلب رجلٍ واحد منكم ما زاد ذلك في مُلْكي شيئاً، يا عبادي لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم وإنسَكم وجِنَّكم، [كانوا] على أفجرِ قلب رجلٍ واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي لو أنَّ أوَّلكم وآخرَكم وإنسَكم وجِنَّكم قاموا في صعيدٍ واحد فسألوني فأعطيتُ كُلَّ إنسانٍ مسألتَهُ، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما يَنْقُص المِخْيَطُ إذا أُدِخلَ البحرَ، يا عبادي إنما هي أعمالُكم أُحصيها لكم، ثم أُوفّيكم إيَّاها، فمن وَجَدَ خيراً فليَحْمَدِ الله، ومن وجد غير ذلك فلا يَلُومَنَّ إلا نَفْسَهُ»، أخرجه مسلم. وقد ذكر ابن القيم في شفاء العليل الأثر إلهي وهو أن اللهُ عَزَّ وَجَلَّ يقول: «إِنِّي وَالْإِنْسُ وَالْجِنُّ فِي نَبَأٍ عَظِيمٍ، أَخْلُقُ وَيُعْبَدُ غَيْرِي وَأَرْزُقُ وَيُشْكَرُ غَيْرِي». وفي أثر آخر: «ابن آدم ما أنصفتني، خيري إليك نازل، وشرك إلى صاعد، أتحبب إليك بالنعم، وأنا عنك غني، وتتبغض إلى بالمعاصي، وأنت فقير إلى، ولا يزال الملك الكريم يعرج إلى منك بعمل قبيح».
نعمة الإسلام
وبين فضيلة الداعية محمد المحمود أن ثالث صور النعم التي أنعمها الله على عباده هي نعمة الإيمان والإسلام، مضيفاً أن الله امتن الله علينا ببعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقال سبحانه وتعالى: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [آل عمران: 164]، فكانت بعثته صلى الله عليه وسلم هداية للناس، ورحمة للعالمين، وختاما للشرائع، وتماما لنعمة الدين، قال عز وجل: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) [المائدة: 3] فلله الحمد والشكر على نعمة الإسلام.
فرائض وعبادات
وأكد فضيلته أنه لا زالت النعمة دائمة ومستمرة بما شرعه الله من فرائض وعبادات، فهنيئا لمن أداها وحافظ عليها، وقد نعمنا في هذا الشهر الكريم بشيء من تلك العبادات فنعمنا بنعمة الصيام الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَام رَمَضَانَ إيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، متفق عليه، مضيفاً أنه نعمنا بنعمة الصلاة وقيام الليل الذي قال فيه الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، متفق عليه. كما ذكر بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ الله المُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ ألفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ»، أخرجه مسلم، مشيراً إلى نعمة تلاوة القرآن الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: «يُقَالُ لِصَاحِبِ القُرآنِ: اقْرَأ، وَارْتَقِ، وَرَتِّلْ، كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا»، أخرجه أبو داود والترمذي.
ولفت إلى نعمة الصدقة والإحسان للفقراء الذي قال فيه الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ، وَقَالَ: يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لاَ تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ»، أخرجه البخاري.
شكر النعم
وأكد فضيلته أن من دواعي حفظ هذه النعم ودوامها شكر الله عز وجل عليها، قال جل شأنه: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) [إبراهيم: 7]، وقال: (اعْمَلُوا آلَ دَأوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) [سبأ: 13].
ودعا فضيلته إلى شكر النعم بالمداومة على الطاعة، وقال: أيها المؤمنون يا من أكرمكم الله بالإقبال على طاعته في رمضان حَرِيٌّ بكم أن تداوموا عليها بعده، فالمسلم مأمورٌ بطاعة ربه في كل حين حتى يلقاه، فقد قال تبارك وتعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: 99]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ ادْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ»، رواه مسلم.
ولفت إلى أن من المداومة على الطاعة صوم الست من شوال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن صام رمضانَ ثم أَتْبَعَهُ سِتًّا مِن شوالٍ كان كصيام الدهر»، رواه مسلم.
وذكر فضيلته بزكاة الفطر فهي واجبة على كل مسلم يجد ما يفضل عن قوته وقوت عياله، وتجب قبل صلاة العيد، وقد فَرَضَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ اَلْفِطْرِ: صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ. ومقدارُ صاعٌ من غالبِ قوتِ البلدِ، ويقدر ب 2.5 كيلو، ويجوز إخراج القيمة في الزكاة إذا كان في ذلك مصلحة للجهة المخرج عليها.
copy short url   نسخ
23/05/2020
731