+ A
A -
منى بابتي كاتبة لبنانية
هاتفتني صديقتي متسائلة متذمرة عن كيفية قضاء عطلة العيد ما بين جدران المنزل، فأجبتها قائلة: «ما زال في القلب مساحة للحب فارغة»، أجابتني متسرعة دون التفكير بالهدف الحقيقي من وراء عبارتي: «لقد قضيت الوقت ألاعبهم وأدرسهم، ووضعت لهم جداول أنشطة»، قاطعتها قائلة: «ومن تحدث عن أطفالنا، أنا أتحدث عنه، عن حبيب القلب»، تفاجأت صديقتي ضاحكة: «وهل كورونا ستسمح لنا بالحب؟!!!». وهنا صمتت للحظات، وكعادتي انطلقت بثرثرتي التي لم تجد صديقاتي لها حلاً سوى الإنصات لي.
أشارت أحدث الدراسات التي أجرتها جمعية العائلة السعيدة في لبنان إلى أن مستوى التعنيف الأسري قد بلغ أقصاه في بعض المناطق اللبنانية، وبعد جولة في العالم من حولنا اكتشفت أن ظاهرة الخلافات الزوجية ارتفعت وفقًا لإحصائيات العديد من الدراسات بنسب لافتة للنظر في عدد من الدول العربية والغربية، وعزت الباحثة الإيطالية «إلسا روسوليني» العاملة في مجال التعنيف الأسري منذ فترة أن السبب في انتشار هذه الظاهرة يعود إلى أن «الحب بين الأزواج لم يعد يجد له سبيلاً إلى قلوبهم بسبب الضغوطات الحياتية، المادية، الاجتماعية». وأشارت «روسوليني» إلى أن أزمة كورونا ونظام الحياة السائد الحالي بسبب الإجراءات الاحترازية يعد الوقت المناسب لتجديد العلاقات بين الأزواج، حيث يعتبر التقارب الاجتماعي المفروض ونمط الحياة من أهم العوامل لإعادة بناء هذه العلاقة التي شابتها ولسنوات طويلة ظواهر عجز الجميع عن حلها، واكتفت «روسوليني» بأن تختم مقالتها بعبارة: «ما زال في القلب مساحة للحب».
ثم وبعد أن تأكدت من أن صديقتي ما زالت معي عبر الهاتف، تابعت قائلة: «فلنجدد ميثاق حبنا لمن نحب، فلنحبه بأنفاسنا المتجددة وأشواقنا لتلك النظرات التي كانت تذوب في شرايين دمائنا عشقًا وولها».
عندها شعرت بأن صديقتي قد عادت للحظات الحب الأولى، عندما سألتني بصوت عذب كدت أن أنساه: «وماذا علينا أن نفعل لتعود تلك اللحظات الجميلة؟».
هنا أطلقت العنان لخيالي، فما زال في القلب مساحة للحب.. وهمست برقة الأنوثة التي فاضت في قلبي: «عودي إلى قلبك، ودعيه يتنفس الحب لإنسان هو الحب في حياتك، دعي عيونك تقودك إلى عينيه وأخبريه بأنك تحبيه.. كلمة واحدة يا صديقتي (أحبك) سوف تصنع المعجزات، جربي وأخبريني».
وسارعت صديقتي لإغلاق الهاتف، وغابت عني لثلاث ساعات، ثم عادت لي عبر الواتس وكتبت لي: ما زال هناك من الوقت.. مساحة لتغيري أنت وروسوليني رأيك. فسارعت لمعرفة السبب الذي دفعها لهذ القول، أخبرتني وهي في حالة ضحك هستيرية: «سارعت وصدقتك أنت وروسوليني، وتقدمت من حبيبي مطلقة العنان لقلبي، فحدثته بعيوني بأنني أحبه، وأخبرته هامسة في أذنه بأنه حبيبي وسيبقى حياتي، فابتسم لي قائلاً: «هل أنت بخير»، ثم سارع لإحضار ميزان الحرارة، قاس الحرارة، وقال: «الحمد لله حبيبتي، ظننتك أصبت بالكورونا»، ثم ربت على كتفي قائلاً: «لا بأس المهم أنك بخير، كل ما يحدث بسبب كورونا».
وتابعت صديقتي قائلة: أخبري روسوليني أنه ما زال أمامها مساحة للتراجع. هنا ضحكت وأيقنت أن لا حل مع الرجل الشرقي.
copy short url   نسخ
23/05/2020
194