+ A
A -
نور أبو شادي خبيرتنمية بشرية
أراد رجل دين أن يلهي طفله عن البكاء ويكافئه، فذهب إلى مكتبته وأحضر مجلة، انتزع منها صورة لخريطة العالم وقطعها أكثر من قطعة وبعثرها في الحجرة وقال له: «إن استطعت أن تجمع هذه الصورة فسوف أعطيك دولارا»، وتركه وذهب لمكتبه يكتب الموعظة، واعتقد أنه استراح من ضوضاء الطفل، ولكنه تفاجأ به بعد خمس دقائق وهو يدخل عليه مكتبه، ويقول له: لقد جمعت صورة العالم، فتعجب الأب من سرعة الطفل في تجميع هذه الصورة، فسأله: كيف استطعت أن تجمع الصورة بهذه السرعة؟ فقال له: لقد رأيت أن خلف صورة العالم صورة إنسان، فقلت: لو استطعت أن أُصلِح صورة الإنسان لصلٌحت صورة العالم، فضحك الأب من ابنه وقال له: لقد أعطيت لي أكبر موعظة وهي: إذا صلُحَ الإنسان صلح العالم.
وبذرة الإنسان هي الطفل فإذا صلُحت هذه البذرة صَلُح كل شيء، وإذا فسدت فسد كل شيء، وتحتاج كل بذرة تربة صالحة تنمو فيها حتى نحصد ما زرعناه، وكذلك الطفل يحتاج إلى بيئة صالحة ينمو فيها، أي خلق بيئة إثرائية تنشط المخ وتتيح للطفل الفرص لتنمية طاقاته، وإمكاناته الكامنة إلى حدها الأقصى والاهتمام بالطفل يبدأ به منذ بداية الحمل، وليس بعد الميلاد، فقد ثبت علمياً أن التربية الحقيقية وتنمية قدرات وملكات الطفل الأولى تبدأ من البيئة الرحمية، وهو في الرحم وليس كما يعتقد البعض بعد أن يخرج إلى الدنيا ويبلغ عامين، فإذا تم إحاطة هذه البذرة في الرحم بوسائل إثراء المخ، والكلمات الإيجابية، والأخلاق الفاضلة من خلال الحديث إليه وهو في الرحم، وكذلك الحديث الإيجابى مع أمه خرج إلى الدنيا وقد تعمقت كل هذه الأشياء الطيبة في داخله، وبعد الميلاد يتم رعايته تربوياً وأخلاقياً وعلمياً، والتحدث أمام الطفل عن آفاق الممكن، وعن الفرص السانحة، والإمكانيات الكامنة، فالإنسان هو أهم ثروات الأمم، فإذا تم الاهتمام بهذا الإنسان صحياً، وفكرياً، وذهنياً، وأخلاقياً، وتعليمياً، ومهنياً، لصلح العالم.
copy short url   نسخ
23/05/2020
804