+ A
A -
حاوره هاتفيا - فهد العمادي
لا حديث في العالم يعلو فوق فيروس كورونا، الوباء الذي قلب الدنيا رأسا على عقب، وأودى بحياة الآلاف وأصاب مئات الآلاف في العالم، وتسبب في ترهل اقتصادات دول عدة، وبعثر ميزانيات وشل خطوط الطيران، وتحول العالم إلى حجر صحي للوقاية من هذا الوباء، وكانت الصين مصدر هذا الفيروس ومنها انتشر المرض ليصيب العالم أجمع بسرعة البرق، حيث أصيب ما يفوق الثمانين ألفا بهذا الفيروس في الصين وتوفي الآلاف ولا يزال الكثيرون يتلقون العلاج هناك، إلا أن الصين استطاعت تخطي المرض وعادت الحياة شبه طبيعية هناك بينما تورط العالم به.
في السطور التالية تفاصيل حوارنا مع سعادة محمد عبدالله الدهيمي سفير قطر لدى الصين، حيث تحدث سعادته عن أزمة كورونا وكيف انتشر الفيروس هناك، وكيف استطاعت السين تخطي الأزمة، وماذا قدمت قطر للصين من مساعدات والعديد من الأمور الأخرى كما يلي:
} ما شكل التعاون بين قطر والصين فيما يتعلق بمكافحة انتشار فيروس كورونا؟
- منذ ظهور أزمة كورونا في الصين، أظهرت دولة قطر تعاونها مع الصين في حربها ضد كورونا، حيث أجرى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى «حفظه الله»، مكالمة هاتفية مع فخامة الرئيس الصيني وذلك للتعبير عن دعم دولة قطر حكومة وشعبا للصين خلال مكافحتها لفيروس كورونا الجديد، وهذه المكالمة من سموّه من أوائل مواقف الدعم من زعماء العالم إلى الصين.
كما أعلنت الخطوط الجوية القطرية تضامنها مع الصين عمليا، وذلك بإعلانها إقامة «الخط الأخضر» لنقل المعدات واللوازم الطبية التي تحتاجها الصين عبر شبكتها الواسعة، كما ساهمت سفارة دولة قطر في الصين بالتبرع بالمستلزمات الطبية إلى عدة مقاطعات، وتعتبر هذه المساعدات بمثابة «تعاون الصديق وقت الضيق». حاليا ممكن الاستفادة من الخبرات الصينية في تبادل المعلومات للوقاية من الفيروس.
} القوات الجوية الأميرية القطرية نقلت مؤخرا شحنة مستلزمات طبية من الصين بناء على توجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، ما دلالة ذلك؟
- تنفيذا لتوجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى «حفظه الله»، تم تسيير ثلاث رحلات كان أولها بتاريخ 26 مارس وبتاريخ 28 مارس أقلعت طائرتان، كما أنه هناك طائرات ستقلع تباعاً من بكين وشنغهاي وقوانتشو، وكلها محملة بالمستلزمات الطبية لتلبية احتياجات المواطنين والمقيمين من المواد الطبية، وهنا نشيد بدور وزارة التجارة والصناعة والقوات الجوية الأميرية ونشكرهم على الجهود الجبارة التي بذلوها. وفي إطار العلاقات المميزة بين حكومتي دولة قطر وجمهورية الصين الشعبية، قامت الحكومة الصينية بتذليل كافة المعوقات لجعل آلية تسيير جميع الرحلات إلى الدوحة سلسة.
} كيف ساهمت المساعدات القطرية التي تم إرسالها إلى الصين في دعم الحكومة والشعب الصيني لاحتواء أزمة فيروس كورونا؟
- إن مساعدات الخطوط القطرية إلى الصين جاءت في الوقت الذي أوقفت أغلب الخطوط العالمية رحلاتها إلى الصين وعلقت كل التعامل معها خلال أزمة كورونا، لكن الخطوط القطرية أقامت جسرا مهما يربط الصين بالعالم وينقل التبرعات والمساعدات إلى الصين، وبذلك لعبت الخطوط القطرية دورا مهما في المساهمة في احتواء المرض في الصين.
} ما الإجراءات التي اتخذتها السفارة منذ بداية انتشار الفيروس لحماية المواطنين القطريين هناك؟
بالنسبة للمواطنين القطريين في الصين هناك عدد من الطلبة وقد كانوا جميعا في عطلة رأس السنة الصينية، تم إبلاغهم بعدم الرجوع حيث إن جميع الجامعات تم تعطيلها والدراسة أصبحت عن بعد، وتلقينا عددا من الاتصالات من المواطنين ونصحناهم بعدم المجيء في هذا الوقت، حيث إن جميع المؤسسات معطلة، وقمنا بتسهيل بعض الإجراءات لأصحاب الشركات الخاصة دون الحاجة إلى سفرهم إلى الصين.
} من خلال اطلاعك على التجربة الصينية في احتواء «كورونا»، ما التعليمات والإرشادات التي توجهها للمواطنين والمقيمين؟
- من واقع تجربة عشناها في قلب أزمة انتشار فيروس كورونا في الصين، يمكن أن نؤكد أن هذه التجربة الصينية متميزة من خلال الإجراءات التي تم اتباعها، حيث إنه على سبيل المثال في العاصمة الصينية بكين يوجد أكثر من 21 مليون نسمة لكن عدد المصابين بالفيروس لم يتجاوز الـ 600، ولم تفرض حكومة بكين حظر تجوال وهذا يدل على وعي الناس وأن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة مهمة لاحتواء الفيروس، وأهم هذه الإجراءات هي:
- تعطيل جميع أجهزة الدولة والمؤسسات ما عدا الأجهزة الأمنية لمدة أسبوعين.
- إغلاق جميع المحلات ومراكز التسوق ما عدا المراكز التجارية التي تمد المواطنين بالسلع الغذائية وبعض الصيدليات، مع وضع قيود صحية عليها مثل إجبارية لبس الكمامة وفحص الحرارة عند المداخل.
- البقاء في البيت ومنع الزيارات تماما ومنع التجمعات، وهذا الإجراء قد لاقى تجاوبا سريعا في الأوساط الصينية، حيث لاحظنا من خلال وسائل الإعلام أن كل الشوارع تخلو من المارة وهناك تقيد بعدم الخروج إلا في حالة الضرورة.
- عزل المدن عن بعضها، ومنع التنقل بينها.
ولذلك ننصح المواطنين والمقيمين في دولة قطر بالتقيد بما يصدر من قرارات من قبل اللجنة العليا لإدارة الأزمات والجهات المعنية، وخصوصا في هذه الفترة الحرجة لا بد من بقائهم في بيوتهم حفاظا على سلامتهم ومساعدة السلطات في القيام بواجبهم. كما نحثهم على ضرورة لبس الكمامات وغسل اليدين باستمرار، ونحن على يقين أنه إذا تم الالتزام بالتعليمات الصادرة بجدية سيلاحظون انخفاضا في عدد الإصابات مثل ما حدث هنا بالصين.
} ما رأيك في الإجراءات التي تتخذها الحكومة لمواجهة انتشار كورونا مقارنة بالإجراءات التي اتخذتها الصين؟
- حسب ما ذكرناه سابقا، بما تم اتخاذه من الإجراءات الوقائية من قبل الحكومة الصينية، فإن دولة قطر اتخذت الإجراءات تدريجيا للحد من انتشار الفيروس، فالصين اتخذت الإجراءات وتم تطبيقها بكل صرامة نظرا للكثافة السكانية، مقارنة بعدد السكان في قطر، حيث تم اتخاذ طريقة سلسة وتدريجية في قطر للحد من انتشار الفيروس، ويتم النظر لتقييم هذه الإجراءات حسب تطورات الأحداث.
} كيف كان تعامل الشعب الصينى مع الإجراءات المتخذة لمواجهة انتشار الفيروس؟
- نرى أن الشعب الصيني قد كان عاملا مهما في إنجاح التجربة الصينية في احتواء الفيروس، حيث إن كل المناطق أصدرت العديد من الإجراءات للسيطرة والاحتواء على الفيروس، بما فيها الحجر الصحي الذاتي وارتداء الكمامات، وإجراءات فحص الحرارة في كل المجمعات والمراكز التجارية، وقد قامت كل الأوساط الصينية دون استثناء بتنفيذ هذه الإجراءات بكل دقة وجدية.
} هل نستطيع أن نقول إن الصين تغلبت على الأزمة بالفعل؟
لقد أشرنا في بداية الأزمة في الصين، من خلال لقاء صحفي مع صحيفة الشعب اليومية الصينية، إلى أننا على ثقة بأن الصين قادرة على احتواء الفيروس، وهذا ما تأكد حتى الآن حيث انتصرت الصين على الوباء، ويعود الفضل في ذلك إلى الإجراءات الحكيمة والجهود التي قامت بها الحكومة الصينية والتي وجدت استجابة عالية من جميع الأوساط الصينية، وهنا تكمن قصة نجاح الصين في هذه المعركة.
في الختام، أود أن أطمئن المواطنين والمقيمين في دولة قطر ومن خلال تجربتي في الصين بأنه يمكن هزيمة هذا الفيروس وذلك بالالتزام بتوجيهات الجهات الصحية المختصة في الدولة، والمساعدة في إنجاح إجراءات احتواء الفيروس، خصوصا أن فيروس كورونا ينتقل من الإنسان إلى الإنسان فقط، وهو بذلك لا يأتي للناس في منازلهم إلا إذا استدعوه من الخارج إلى داخل المنازل.
copy short url   نسخ
01/04/2020
1568