+ A
A -
كتبت إشراف بن مراد كاتبة تونسية
كيف نستثمر الوقت في المنزل؟ هذا السؤال الذي بات يشغلنا جميعا وخاصة الآباء والأمهات، والذي جعلنا نبحث عن حلول كثيرة ومتنوعة أكدت أننا بحاجة للتعجيل بمراجعات عديدة تخص علاقاتنا بأبنائنا أمام تخبطنا في البحث عن كل ما يمكن أن يشغل هذا الوقت الطويل الذي نقضيه في منازلنا.
الأكيد أن الموضوع لن يكون سهلا ويسيرا في البداية، لكنه أيضا ليس مستحيلا، فالقطع مع عادات كثيرة واكتساب أخرى جديدة يحتاج منا كآباء وأمهات إلى الكثير من الصبروالوعي. وأولى خطوات هذا البناء تبدأ بالعودة إلى كل ما يقوي مناعتنا النفسية والروحية وتعزيز ثقافة التفاؤل والإيمان بالقدرة على الفعل لتخطي الأزمات.
من هذه المراجعات التي علينا أن نقوم بها هي أن نعود مع أبنائنا إلى رحاب الكتاب والمعرفة، في الوقت الذي كنا فيه بالأمس القريب منساقين إلى مضامين استهلاكية متنوعة، علينا أن نكون صريحين مع أنفسنا أولا ونعترف بذلك ونقول: لقد تركنا أطفالنا طويلا بعيدا عنا. لعل هذه الأزمة، إذن، فرصة لندرك ذلك ونقترب منهم أكثر ونتشارك معهم أنشطتهم وأحلامهم ونستمع إلى مخاوفهم وانشغالاتهم.
إن القراءة ليست فقط لإثراء الزاد المعرفي واللغوي للطفل ولكن أيضا هي طريق للتربية الحسنة، فكم هو جميل أن نتشارك مع أطفالنا مثل هذه الأجواء وما تتيحه من فرص للحوار معهم والدخول إلى عوالمهم العميقة. وفي هذا السياق، أثبت المتخصصون في التربية أن الطفل لا يتقبل دوما أسلوب النصح والإرشاد القائم على مجموعة من الأوامر والنواهي بقدر ما يتقبل بطريقة غير مباشرة العبر من الحكايات والقصص.
أعزائي الآباء والأمهات اليوم أصبحنا نقضي وقتا أطول مع أطفالنا، لقد عدنا للعب معهم وتشارك أنشطة حرفية وترفيهية كثيرة بتنا نبحث عنها ونستمتع بتطبيقها معهم. لقد عدنا نحدثهم عن ذكرياتنا الجميلة ونروي لهم حكايات كثيرة خلنا أننا نسيناها. وهنا اسمحوا لي أعزائي أن ألفت انتباهكم إلى ما تتيحه العديد من الجهات من خلال مواقعها من فرص لنا ولأبنائنا على حد سواء للمشاركة في العديد من الدورات واكتساب المعارف والمهارات الإبداعية المتنوعة التي لم نكن لننتبه لها سابقا.
ومع ذلك علينا أن نكون حذرين أيضا لأن انخراطنا المفاجئ، بفعل فيروس كورونا، في كل ما هو تواصلي عن بعد وافتراضي يجب أن لا يلغي من حياتنا علاقاتنا الأسرية المتينة، فعلينا أن نستثمر ما هو افتراضي لتعزيز ما هو مباشر، حتى لا نخرج لهذا المجتمع جيلا منعزلا عن نفسه في بوتقة التواصل الافتراضي.
علينا أن نَخرج سريعا من دائرة الخوف والهلع ونُخرج أطفالنا من مضاعفاتها عليهم، ونتدارك ما يمكن أن تحدثه هذه الأزمة من سلبيات وتعزيز ما فيها من إيجابيات.
في كلمة: نحن نعيش مخاض ولادة جديدة.. فلنغتنمها!
[email protected]
copy short url   نسخ
29/03/2020
961