+ A
A -
صرَّحَ الدكتور إبراهيم الأنصاري عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة قطر قائلًا: «منذ أن علمنا بنية جامعة قطر للتحول إلى التعليم عن بعد، تشكلت في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية لجنة عليا للإشراف على هذه العملية، وانبثق عن هذه اللجنة فريقٌ مكوَّنٌ من ستة عشر شخصًا، منهم أساتذة ومساعدو تدريس وموظفون بالكلية. حيث تلقى هذا الفريق في نفس اليوم دعمًا وتدريبًا ليقدِّمَه لأساتذة الكلية البالغ عددهم ثمانين أستاذًا تقريبًا. وبالفعل عندما عُلِّقت الدراسة كان هذا الفريق يُقدِّم دعمه للأساتذة، حيث واجهت الكلية في أول يومين بعض التحديات والإشكالات التي لا تخلو منها أي تجربة جديدة، ولكن بحمد الله تمكَّنا من التغلُّب على كافَّة هذه الصعوبات وبدأ الفريق بتقديم دعمه للأساتذة جميعًا ولاقت التجربة نجاحًا كبيرًا».
وأضاف الدكتور الأنصاري: «عندما اتجهت الجامعة لتطبيق الدوام عن بُعد لجميع الموظفين، تلقَّى الفريق تدريبًا لتقديم هذا الدعم من بيوتهم. وبالفعل راقبنا الأداء في اليوم الأول الذي عُلِّق فيه الدوام؛ وكان الدعم فعّالًا، لأن معظم الأساتذة كانوا قد تدرَّبوا، وتم تقديم الدعم لبقية الأساتذة الذين يحتاجون إليه بشكل فعال. نحن نقول إن هذه التجربة مكَّنتنا من اكتشاف الكثير من الطاقات والمهارات والخبرات التي لم نجد الدافع لاستخدامها قبل هذه الأزمة التي ستنجلي بإذن الله، وسيكون فريق الكلية، والجامعة، والدولة ككُل قد تمكن من هذه الأدوات اللازمة للسير سريعًا في طريق التقدم والحضارة».
وتابع: «لا تخلو المِحن دائمًا من مِنحٍ إلهيةٍ تأتي في ضمنها، ولنا في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية تجربة فريدة في هذا الموضوع ولله الحمد. فقد كانت الكلية حاضرة في هذه الأزمة عن طريق الإفتاء، حيث أصدرت فتوى مهمة حول تعليق صلوات الجُمَع والجماعة في المساجد قام بالتوقيع عليها عدد من أساتذة الكلية. لاقت هذه الفتوى ترحابًا كبيرًا يوم صدورها في 16 مارس 2020؛ ليبشرني في اليوم التالي الأستاذ الدكتور/‏ نور الدين الخادمي أنه عرض هذه الفتوى للتدريس في مقرر منهجية الإفتاء. كذلك قررنا تحويل هذه الفتوى وكل ما دار حولها من انعكاسات فقهية واجتماعية ونفسية في بحث علمي، وبالفعل كلفت طالباتنا بجمع المعلومات حول هذه البحث ليبدأ العمل به مباشرة. كذلك أخبرني الكثير من الإخوة الأساتذة أنهم قد وضعوا هذه الفتوى وهذه الحالة كواقع دراسة أمام الطلبة لكي يصبح الفقه حينئذ تطبيقيًا».
وأضاف الدكتور الأنصاري: «كُنَّا نحلم في السابق أن يكون الفقه واقعيًا ملامسًا لقضايا الناس، ووضعنا بالفعل هذا ضمن أهداف الكلية. ونحن نراهُ اليوم واقعًا يتحقق أمامنا خلال أقل من أربع وعشرين ساعة؛ تتحول الفتوى والقضية من الشارع والمجتمع إلى قاعات الدرس لتُدرس وتُفهم وتُطبق ويُستفاد منها. لذلك نقول إن هذه المحنة التي يمر بها العالم وتمر بها دولتنا سوف تعطينا الكثير من الفوائد، وسوف تُقَدِمُنا إلى الأمام إن شاء الله. ومن الواجبات الشرعية علينا اليوم أن نلتزم بالتعليمات التي تقرُّها الدولة، وأهم هذه التعليمات على الإطلاق التزام البيوت وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى. نحنُ نعلم أن الدولة تخوض معركة كبرى في محاربة هذه الوباء. طواقمها العسكرية والطبية وفي كل المجالات تخوض هذه المعركة ضد هذا الوباء وضد الظواهر السلبية التي تُصاحب هذا الوباء، وعلينا أن نكون عونًا للدولة في هذا. ولنعلم أن مكوثنا في بيتنا في هذه الأيام عبادة، بل هو رباط وجهاد في سبيل الله. علينا أن نعلم أن هذه الأوقات التي نمكثها في بيتنا أوقات تحسب في ميزان حسناتنا ولو لم نفعل فيها شيئا. كيف وهي فرصة كبيرة أن نستغلها فيما يقربنا من الله ويطور شخصياتنا ومهاراتنا. نسأل الله أن يحفظ قطر ويحفظ العالم الإسلامي ويحفظ البشرية جمعاء من هذا الوباء، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه».
copy short url   نسخ
24/03/2020
479